لا شك أن مجموعة الطيارين الذين وقعوا على (رسالة الرفض) الجديدة سيدفعون، قريباً، الثمن الكامل والمبرر، فالأمر لا يتوقف على كون القانون العسكري يمنع (الرفض السياسي) في الجيش الاسرائيلي، فحسب، وإنما لم تنجح مثل هذه القضية باكتساب تأييد محكمة العدل العليا. كما يلوح من بعض أعمال الطيارين أنه قد يجري الحديث عن محاولة تمرد، وهي مخالفة تعتبر أشد خطورة من الرفض الشخصي. وسيعاقب هؤلاء بوقف إشراكهم في الطلعات الجوية، وبفصلهم من مناصبهم، وربما بتقديمهم إلى القضاء. وكما أوردت، يعتبر ذلك كله مبرراً وغير مستبعد. بعد ذلك سيضطرون في سلاح الجو وفي الجيش الإسرائيلي إلى سؤال أنفسهم كيف وصلوا إلى مثل هذا الوضع. صحيح أن بين الموقعين على الرسالة، هناك حفنة صغيرة من الطيارين الذين يخدمون في سلاح الجو حالياً، لكن تصريحهم بشأن (الرفض الداكن) ليس مجرد تصريح عابر. هناك عدد غير قليل من الطيارين الذين يواجهون مشاعر قاسية إزاء ما يقومون به في المناطق. وليسالمقصود أشخاص يمكن إعفاؤهم من خلال اتهامهم بالخوف أو التخلي عن جنودهم. يمكن العثور على جذور هذه الخطوة في عملية اغتيال صلاح شحادة، وبشكل لا يقل عن ذلك، في التصريحات التي أدلى بها قائد سلاح الجو، الجنرال دان حالوتس، بعد العملية. لقد اعترفت قيادة الجيش الاسرائيلي بأنه تم اغتيال شحادة رغم معرفتها بوجود مدنيين، بما فيهم أطفال، إلى جانبه. وكما نذكر، قال حالوتس، آنذاك، إنه لا يشعر عندما يطلق قذيفة في عملية كهذه، بأكثر من (ارتجاج خفيف تحت جناح الطائرة). إن ما سعى إليه حالوتس هو وضع نفسه في المواجهة وإبعاد جنوده عنها. لكنه، كما يبدو، لم يأخذ في الاعتبار التأثير الذي خلفه تصريحه ذلك، في نفوس أولئك الجنود. فالطيار الذي يلقي قذيفة تتسبب بمقتل أطفال (ويتضح له، إذا لم يعرف مسبقاً، بأن من أرسلوه كانوا يعرفون بأنه سيتم قتل أطفال)، سيستصعب البقاء لامبالياً. وعندما يسمع قائده يستهتر بأبعاد ذلك، يشعر بالانقطاع وبالتغرب. كما أن قادة الجيش الاسرائيلي يعلنون على رؤوس الأشهاد، أن عمليات الاغتيال تحولت إلى وسيلة سياسية وليست مجرد وسيلة لإنقاذ الحياة. وتنطوي هذه التصريحات على أطياف سياسية لا تبرر الرفض السياسي، لكنها توضح الأرضية التي نشأ عليها هذا الرفض. لقد تم، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تجنيد الجيش الاحتياطي، بشكل خاص، في الحالات التي اعتبرها الجمهور الإسرائيلي دفاعاً عن الوطن. لكنه يتضح مع مرور الزمن، شحوب غياب الفائدة السياسية، ويتضح، أيضاً، أنه لا يوجد هدف محدد للحرب ولم يتم التفكير بالخطوة التالية. هذا يبدأ من سلاح الجو، الذي يتحمل جيشه الاحتياطي جانباً ناشطاً ودائماً في الحرب. لكنه على الرغم من أنه ستتم معاقبة الموقعين على الرسالة، فإننا نشك بأن الأمر سيتوقف عندهم. يديعوت أحرونوت