بمزيد الشكر لله ثم لمعالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد تسلمت هدية معاليه نسخة من موسوعة نضرة النعيم التي تناولت البحث في مكارم اخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وعندما تصفحتها وجدتها موسوعة كبيرة لشخصيته فريدة عظيمة عبر التاريخ تضمنت جهودا جبارة وابحاثا مستفيضة.. اشتملت على دراسات عالية في مفاهيمها ومعانيها الحسية والمعنوية. كانت هذه الموسوعة العملاقة من اعداد مجموعة كبيرة من العلماء الافاضل والاساتذة المختصين، وباشراف عام من كل من صاحب الفضيلة الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد امام وخطيب الحرم المكي، وكذلك المشرف على لجنة الاعداد الاستاذ عبدالرحمن بن محمد بن ملوح. كما شارك في اعدادها باحثون مطلعون واساتذة كرام في مختلف التخصصات.. فكم كان لهم ثقلهم العلمي ونشاطهم المتواصل المتجدد، وكلهم والحمد لله - من العلماء المتفقهين في الشريعة، ومن المثقفين في التربية والنقد واللغات وبلغ عددهم (31) استاذا، واحتوت الموسوعة على (12) مجلدا من القطع الكبير، وكم من العناية الفائقة التي بذلت في اخراجها من اجل التسهيل والترتيب والتبويب في موضوعاتها. وقد بنيت موضوعاتها على ما جاء حولها من آيات القرآن الكريم وسنة وسيرة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم. ان هذه الموسوعة كلفت وقتا ثمينا وجهودا جبارة خلال تسع سنوات متواصلة ومن اهدافها الجانب التطبيقي من خلال المأثور من اقوال النبي صلى الله عليه وسلم وافعاله وتقريراته، وفي الوقت نفسه تدعو العقل الانساني في العموم الى ميادين الفكر الفسيحة في ظل الحقيقة الاسلامية. كما اوصت في اصولها الى اهمية العناية بابراز علاقة الانسان بربه وبنفسه وبغيره. وقد روعي عند التعريف بكل صفة من مكارم اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر المراوغات لهذه الصفة في الهامش، والصفات في مجملها تتحدث عن السيرة العطرة للرسول صلى الله عليه وسلم. وهذه الصفات جاءت مبوبة طبقا للحروف الهجائية، وفي هذه الطريقة تسهيل على القارئ والباحث للوصول الى اي صفة يريد دراستها. كما زودت هذه الصفات بالايات والاحاديث والاثار الواردة عنها من اقوال العلماء والمفسرين وقد بلغت محتويات الموسوعة 5724 صفة، كما اختص المجلد الثاني عشر بفهرسه فهارس الموسوعة التي بلغ عددها 15 فهرسا. فكم كانت الموسوعة عملا جليلا لجهود جبارة بذل فيها العلماء الكرام عظيم انجازاتهم، فسطروا باقلامهم الخير كله، ودونوا الحقائق العلمية، والتاريخية والادبية.. انها مؤلف فريد في اسلوبه وبحثه وايضاحاته وشروحاته لذا سجل شهود الحال من داخل المملكة وخارجها شكرهم واعترافاتهم بما تضمنته من نعم كثيرة ولا غرابة في ذلك، لانها مقتبسة من الكتاب والسنة، فحقا انها نضرة النعيم. وكما جاء في المعجم الوسيط ان النضرة: السبيكة من الذهب، والنعمة، والرونق، واللطف، وفي التنزيل العزيز: (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) (اية 24 سورة المطففين) اي تعرف في وجوه البررة بهجة التنعم وحسنه وبريقه ورونقه. ومن التوصيات التي اكدت عليها هذه الموسوعة، انشاء تخصص جديد باسم (مكارم الاخلاق النبوية) مع اتاحة الفرصة للمعلمين لاختيار موضوعات التربية الاسلامية، وادخال موضوعات الموسوعة ضمن برامج الجامعات، حيث ان دعوة الاسلام رسالة عالمية للناس كافة وجل القائل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلارحمة للعالمين) (اية 107 الانبياء). ولهذا اوصت الموسوعة بالترجمة الى اللغات العالمية وعرضها على شبكة المعلومات (الانترنت العالمية) لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق). وعليه فان هذه الموسوعة سفر قيم في قمة الاسفار المؤلفة، والاعمال الفاضلة نالت الاعجاب والتقدير، وهي معين من الخير لا ينضب، وبهجة يستمتع بها من يوفق الى (نضرة النعيم)، انها طريق يعلو بالانسان الى قمة الثقافة ومعرفة الاخلاق النبوية، وان نضرة النعيم هذه هي مسك الختام وهي التي قال الله جل جلاله عنها: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (آية 26 سورة المطففين). هكذا يتسابق العاملون الابرار في النعيم، ويجتمعون عليه ويتراءون في الجنة كما جاء في الحديث: عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الافق من المشرق او المغرب. لتفاضل فيما بينهم. قالوا: يا رسول الله تلك منازل الانبياء لايبلغها غيرهم.. قال: بلى، والذي نفس بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين). والايمان بالله وتصديق الرسول دليل صادق على طاعة الله وطاعة رسوله، وتأكيد على المحبة والشوق الى اللقاء. وقد نزل الله آيات تتلى كما نزلت الاية الكريمة في ثوبان الذي كان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجل القائل: (ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) (اية 69 النساء). وفي هذا التكريم حقا تكون نضرة النعيم في الجنة.