قال عليه الصلاة والسلام : (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) واذا كان هذا هو موقع الشيطان منا؟ فلماذا لا يحدث ما يحدث مما نراه ونسمعه من قضايا وجرائم القتل والاعتداء التي هلك فيها العقل عندما ضاعت الحكمة.. فالغضب الآن اصبح سيد المواقف لدى الكثيرين.. إلا يتوقف اصحابه عند حد تجمر اعينهم وانتفاخها وانما يتعداها الى اعمق من ذلك عندما تغلي دماء رؤوسهم وتتضاعف طلبا للانتقام على اتفه الاسباب وابسط الامور حتى لو كانوا هم المخطئين؟!! متناسين قول الرسول عليه السلام لرجلين استبا عنده وقد اشتد غضب احدهما: (إني لاعلم كلمة لو قالها الرجل الغاضب - لذهب عنه ما يجد، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) كما وقال الله تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم). صدق الله العظيم. وقد حذرنا الرسول الكريم من الغضب والانفعال عندما قال : (الغضب من الشيطان .. والشيطان من النار) فأول الغضب جنون وآخره ندم.. والتصرف اثناءه كالابحار خلال العاصفة.. لذا لم ينس عليه السلام ايضا ان يصف الدواء لهذا الداء الذي دمر العقول وافسد النفوس حينما ذكر (وانما تطفأ النار بالماء.. فاذا غضب احدكم فليتوضأ).. ولكن المشكلة ان كان الغاضب ممن لا يصلون ولا يعرفون للمساجد طريقا فهنا تكون المصيبة عظيمة.. وكذلك اذا كان له اتباع تناصره وتشد أزره في الخطأ والرعونة بدلا من نصحه فاعتقد بانها ستكون اعظم بكثير؟!! فالغاضبون في غالبهم من الذين يحيون ضيق العيش والوحدة النفسية وذلك مقابل ما وسعوا على انفسهم في استباحتهم لكرامات الغير واهانة الناس بلا مراعاة.. فالنفس بقدر ما توسع عليها وتفتح لها الابواب للتغطرس والتعالي بقدر ما تضيق عليك قلبك وتحشد حولك المزيد والمزيد من الكراهية والاعداء حتى تصيرك بذلك الى انعدام الثقة والى نفاق من حولك لك حتى تصير لا تعلم عدوك من صديقك.. ذلك لان الغاضب هو شر الناس لان الجميع يداريه وينافقه لا لشيء وانما لشره وهنالك امر آخر ربما أراه بعيدا ولكن البعض لا يغفله.. وهو ارتفاع درجات الحرارة في الجو وتضاعف نسبة الرطوبة وخاصة في فصل الصيف حيث يرى الكثيرون انه من اهم ادوات الغضب؟!! على الرغم انني ارى انه متى ما وافق القلب ما يقوم به العقل وايده بالرضا فلن تكون الدنيا ايها الغاضب غير ربيع ولن يصبح الجو سوى بديع.. فيا اعزائي القراء.. ان طريق الهدوء وراحة القلب خال من عتمة خفافيش التشنج وعامر بأضواء الحكمة والسكينة.. فيدا بيد اصدقائي نقطع بادية الغضب باقدام هدوئنا. وقبل الختام.. يقال ان اوسط ابواب الجنة لبار الوالدين.. فاللهم اجعلني وإياكم ممن يدخلونه ببرهم.. والله معكم.