دعونا نفترض انه كان على رئيس الوزراء ان يقطع زيارته للهند ليعود فورا للبلاد .. ولكن ما الفارق الذي شكله ذلك ؟ هل أدى ذلك الى القضاء على الارهاب ؟ هل ستزيد اطنان القنابل التي تقذفها الطائرات؟ هل ستقل عمليات الاغتيال ؟ هل ستعلو الاصوات جميعا بفكرة طرد او سجن او حتى اغتيال عرفات ثم تهدأ هذه الاصوات مرة اخرى ؟ ان شارون يملك اجابات عن كل سؤال يخطر ببالنا وله مبرراته للسياسة التي يتبعها، وعادة ما تكون اجاباته جميعا واحدة وهي الخيار العسكري ، بغض النظر عن النتائج . ولكن هناك تساؤل وحيد لا يملك شارون اجابة له وهو ( ما نهاية الطريق الذي يسير بنا شارون فيه ؟) الجميع يعرف الكثير عن رؤية بوش ولكن هل يعرف احد أي شيء عن رؤية شارون ؟ هذا الاسبوع ، ادلى الرئيس الامريكي بخطاب ردا على تساؤلات ومعارضة الجماهير حول ما يحدث في العراق ، كما تحرك اعضاء الكونجرس سريعا لمحاولة الاجابة على السؤال التقليدي ( متى سينتهي ذلك ؟ ) .. فعندما يريد الجمهور الامريكي معرفة امر ما يقوم الرئيس الامريكي بنفسه بتقديم المعلومات للجماهير ، يقوم من خلالها بالاجابة عن التساؤلات والقاء الضوء على نهاية الطريق . وفي مثل هذه الاحوال فإنه لا يتردد في اعلان تغيير في سياسته ، وهذا بالضبط ما يفعله الان . فنفس الرجل الذي احتقر وادان الاممالمتحدة لرفضها المشاركة في الهجوم على العراق هو نفس الرجل الذي يطلب الان المساعدة من الاممالمتحدة لاعادة اعمار العراق بتوفير الامدادات المادية والعسكرية الى ان يقوم نظام ديمقراطي في العراق. ففي الولاياتالمتحدة عندما يكون تغيير السياسة في الصالح العام او وفقا لرغبة الناخبين فإن هذا التغيير يجب ان يحدث . بالنسبة لنا فنحن نخوض حربا مفروضة علينا وليست حربا تحتمل خيارات مثلما الحال في العراق . من اجل ذلك يجب علينا ان نتزين بالحكمة والمرونة في استراتيجيتنا. السلام اهم من الاحلام , وكما قال موشى ديان من قبل وهو يسلم سيناء من اجل تحقيق السلام ( الحمار فقط لا يغير تفكيره ) . المشكلة التي نحياها مع الفلسطينيين اليوم وبعد اتفاقية اوسلو هي انهم لم يتوقفوا عن استخدام الارهاب كسلاح للتفاوض بينما نحن ما زلنا غير مستعدين لتسليم المناطق واخلاء المستوطنات . الفلسطينيون لا يستطيعون التخلي عن حق العودة ونحن لا نستطيع الانسحاب الى حدود 1967 . ومن وقت اتفاق اوسلو الى اليوم يقوم عرفات بإثارة الشارع ضدنا ويحثهم على الحرب المقدسة ضد اسرائيل ، مما اسفر عن انتفاضة الاقصى وانتهى بعودة الليكود الى السلطة وتولي المعسكر اليميني عملية السلام. وفي الوقت الذي كانت اسرائيل في امس الحاجة الى زعيم سياسي محنك له رؤية سياسية يستطيع بها هزيمة الانكسار في نفوس الجماهير الاسرائيلية لاقناعهم بفكرة اسرائيل الصغيرة بدلا من اسرائيل العظيمة ، وسط كل ذلك ظهر شارون كآخر شخص يمكن ان يتولى هذه المهمة .. واثبت الوقت ان شارون لا يصلح بالفعل لهذه المهمة فهو حتى الان لم يصل الى مرحلة النضج السياسي للوصول الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين كما انه عجز عن استئصال الارهاب من المناطق . الدليل فشله في تحقيق الامن كما فشل في تحقيق السلام .. انه فشل في القيادة من كل الجهات . لقد كتبت في هذه الصحيفة منذ عام مضى ان شارون يقودنا الى حرب ، وهذا تقريبا ما يحدث اليوم . لقد اصبحت حياة الفلسطينيين لا تحتمل ، ونحن ايضا اصبحنا لا نطيق هذه الحياة . كما كان التمسك بالقضاء النهائي على المنظمات الارهابية كشرط اساسي للتفاوض ، اهم اسباب سقوط حكومة ابو مازن كما سيصعب الامور على حكومة ابو علاء . لقد ساهمت سياسة الاغتيالات في تدمير البنى التحتية للارهاب ولكنها ساهمت ايضا في زيادة عدد الاشخاص الذين يفجرون انفسهم كما مثلت حافزا للقتل لدى الجانب الاخر . والان يفكر شارون في ابعاد عرفات . ولكن ماذا سيجني من ابعاده ؟ المشكلة ليست في ابعاد عرفات وانما هل من المجدي تغيير سياستنا تجاهه ؟ ان 30 عاما من الجيرة مع هذا العدو تدفعنا الى المحاولة . والان جاء الوقت لكي ننصح شارون : اتخذ من بوش مثالا نصب عينيك وتحدث مع الجماهير . ما هي خطتك السياسية ؟ والى اين ستقودنا هذه الخطط ؟ وما دام هذا سيحدث اثناء إفشائك لأدق اسرار عائلتك في تحقيقات الشرطة فاننا بذلك سنحصل على افادتين في وقت واحد . المصدر : هاآرتس الإسرائيلية