تشكل الغارة الجريئة على مقر إقامة أسامة بن لادن التي أتت نتاج عمل دؤوب للتوصل إليها، انتصارا لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي آي ايه) التي تتعرض لسيل من الانتقادات منذ 11 سبتمبر 2001. صورة لابن لادن وهو يشاهد التلفزيون نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية « أ ف ب » فقد عاشت وكالة الاستخبارات الأمريكية عقدا صعبا إثر عجزها عن منع حدوث الاعتداءات التي زعزعت أمريكا وأدت إلى اندلاع «الحرب على الإرهاب». وواجهت السي آي ايه ضغوطا من إدارة الرئيس السابق جورج بوش التي كانت تطالبها بتقديم أدلة على برامج نووية وكيميائية عراقية لتبرير شن الحرب، وكذلك اتهامات بممارسة التعذيب. وبالنسبة للرأي العام فإن عملياتها الناجحة في افغانستان وباكستان أو في اليمن يضمحل بريقها أمام إخفاقاتها مثل مقتل سبعة عملاء في الهجوم الانتحاري الذي نفذه عميل مزدوج في أفغانستان في يناير 2010 أو عجزها في توقع الثورات في العالم العربي. إلى أن تمكنت من تصفية أسامة بن لادن في عملية قامت بها من البداية حتى النهاية. واعتبر مايكل اوهانلون من مؤسسة بروكينغز مركز الأبحاث في واشنطن «إنه نصر كبير». وقال لوكالة فرانس برس «ذلك يعيد إلى حد ما الأمور إلى نصابها لأن عددا من الأحداث في السنوات الأخيرة لم تكن كثيرا في مصلحة» السي آي ايه. ورأى بروس هوفمان البرفسور في جامعة جورج تاون والملم بشؤون الوكالة إن هذه العملية «ستزيل، أقله في أذهان الناس، جميع الشكوك الممكنة بشأن سي آي ايه». فالفشل الذي شكلته اعتداءات 11 سبتمبر بالنسبة لوكالة استخبارات قلما تتقاسم معلوماتها، أدت إلى إصلاح عميق لنظام التجسس الأمريكي وإلى تعيين مدير وطني للاستخبارات على رأس كافة الوكالات المتخصصة (التنصت، التصوير والرسم، الاستخبارات البشرية وعمليات استجواب عناصر القاعدة). وقد تطلب التعرف على مرسال بن لادن وتحديد مكانه ثم الوصول إلى مقر إقامته في ابوت اباد سنوات. وقال بروس هوفمان «شهدنا تجميعا للاستخبارات لم يكن متوافرا قبل وبعد 11 سبتمبر (2001). فإن كان هناك مشكلة، فقد تم تصحيحها». وقد تطلب التعرف على مرسال بن لادن وتحديد مكانه ثم الوصول إلى مقر إقامته في ابوت اباد سنوات. تلت ذلك ثمانية أشهر للمراقبة عبر القمر الصناعي، وفريقا من سي آي ايه في «مخبأ» ليس بعيدا عن المجمع ليراقب حركات الذهاب والإياب وليكون مقتنعا بنسبة «60 الى 80%» بوجود أسامة بن لادن. وراى مايكل اوهانلون «ان السي آي ايه قامت بكل ما يمكن انتظاره منها في هذا النوع من الحالات». وقال هوفمان لفرانس برس: إن «النصر الحقيقي» لا يكمن فقط في تصفية بن لادن بل أيضا في التوصل إلى «تحديد مكان وجوده وتوفير الخيار لقتله أو إلقاء القبض عليه». لكن عملية الكوماندوس التي قامت بها الفرقة البحرية تحت قيادة سي آي ايه هي بحد ذاتها «مذهلة» و»ذلك يظهر الطريق الذي سلكته الولاياتالمتحدة». وفي 1998 وأمام تردد البنتاغون في إرسال قوات خاصة ضد بن لادن لم يكن أمام الرئيس الأسبق بيل كلينتون من خيار سوى توجيه ضربات بصواريخ عابرة للرد على الاعتداءين على سفارتين أمريكيتين في أفريقيا الشرقية. وقال هوفمان: إن «الحرب على الإرهاب سمحت بتطوير علاقة عمل دقيقة» بين عملاء الاستخبارات والعسكريين مع ما ينطوي عليه من مجازفة في تشويش الخطوط بين مهمات العسكريين والجواسيس. وهذا النهج يتوقع أن يستمر مع انتقال مدير السي آي ايه ليون بانيتا في يوليو إلى رئاسة البنتاغون واستبداله بعسكري هو الجنرال ديفيد باتريوس.