يعاني المتجولون في شبكة الإنترنت بشكل دائم والمدمنون على الإنترنت من مشاكل نفسية، مثل نوبات المسّ والانقباض (مانيا-دبرسيا) أو الكآبة المرضية، وكل ما يفعله الإنترنت هو أنه يعبر عن هذه المشاكل ويؤكدها، وقد يكون التجوال بكثرة في الإنترنت هو المشكلة ذاتها. هذا ما يدعيه، على الأقل، باحثو جامعة فلوريدا، الذين يحاولون إلقاء الضوء على هذه المسألة القديمة. ويدعي البروفسور نَتان شَبيرا في مقال نشره هذا الشهر في المجلة الأكاديمية (الكآبة والقلق) (Depression and Anxiety)، التي تعالج شؤون الطب النفسي وعلم النفس، أن التجوال في مواقع إنترنت، وإرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني، وتشغيل برمجيات بلاغات، والألعاب، والمشتريات، وإنزال الموسيقى وزيارة غرف المحادثات تتحول إلى إزعاج حقيقي عندما تعيق العمل أو الحياة الاجتماعية. وفي مقال آخر نُشر في مجلة (الطب النفسي) ("Psychiatry") مؤخرًا، يعرض الباحثون عددًا من الأسئلة التي تساعد على تشخيص مدمنين على الإنترنت، معتمدين على نتائج دراستهم ومعطيات أخرى. أما الأسئلة فهي: 1. هل تتجولون في شبكة الإنترنت وقتًا أطول ممّا خططتم له؟ 2. هل يؤدي التجوال في الإنترنت إلى إهمال التزامات أخرى؟ 3. هل حاولتم تقليص وقت التجوال في الإنترنت، ولم تنجحوا في ذلك؟ 4. هل ثمة علاقات هامة في حياتكم تتضرر بسبب استخدام الإنترنت؟ 5. هل تعانون أفكارا مزعجة أو من القلق أثناء تجوالكم في شبكة الإنترنت؟ مقاييس لاكتشاف الإدمان على الإنترنت بحسب دراسات سابقة: 1. هل يتملككم شعور بالنشاط والخفة أثناء التجوال في الإنترنت؟ 2. هل تشتاقون للعودة إلى التجوال في كل لحظة تتواجدون فيها أمام الحاسوب تقريبًا؟ 3. هل تشعرون بالملل أو العصبية عندما لا تتجولون في الإنترنت؟ 4. هل تكذبون على العائلة والأصدقاء في ما يتعلق باستخدامكم شبكة الإنترنت؟ 5. هل التجوال المبالغ فيه في الإنترنت يسبب لكم المشاكل في العمل أو في المدرسة؟ 6. هل تهملون نظافتكم الشخصية بسبب إكثاركم من استخدام الإنترنت؟ 7. هل تأكلون بشكل غير منتظم بسبب استخدام الحاسوب؟ وقد حدد الباحثون هذه المقاييس بعد أن قابلوا بصورة شخصية نحو 20 من المتطوعين الذين عرفوا أنفسهم بأنهم مدمنون على الإنترنت، و17 طالبًا يتجولون في شبكة الإنترنت بتواترات متغيرة. وتبين أن الكثير من المدمنين على الإنترنت يعانون من مشاكل نفسية مختلفة، مثل الكآبة ونوبات المسّ والانقباض والإدمان على المشروبات الروحية. وتجول أعضاء المجموعة الأولى في الإنترنت أكثر من 30 ساعة في الأسبوع، في حين بلغ حجم نشاطاتهم غير الحيوية في الشبكة عشرة أضعاف نشاطاتهم المثمرة مثل التفتيش عن عمل أو أمور تتعلق بالدراسة، على حد وصفهم. وتم فصل العديد من هؤلاء من أماكن عملهم أو أنهم طلقوا زوجاتهم بسبب الإدمان. وفي إحدى الحالات، فقد أحد الأشخاص الذين قابلهم البروفسور شبيرا الوظيفة المرموقة التي كان يشغلها في شركة كبيرة، وذلك بعد أن قضى سبع ساعات خلال يوم عمل أمام ألعاب في شبكة الإنترنت عوضًا عن القيام بعمله. ويذكر شبيرا أن الباحثين ما زالوا لا يعرفون بشكل قاطع ما إذا كان إدمان أولئك المتجولين في الإنترنت هو مشكلة مستقلة ضمن مشاكل نفسية أخرى، أو أنه جزء من مشاكل سلوكية أخرى مثل ألعاب القمار الاستحواذية والإدمان على المشروبات الروحية وما إلى ذلك. ولهذا السبب، هناك حاجة لإجراء أبحاث أخرى تحدد المرحلة التي يصبح فيها استخدام الإنترنت مضرًا ومدمرًا، وما إذا كان هذا النوع من الإدمان هو مشكلة مستقلة قائمة بذاتها أو أنه تعبير عن وجود مشاكل أخرى. وإذا ما تم الاعتراف بالإدمان على الإنترنت مشكلة نفسية، فستكون لذلك انعكاسات كثيرة، في المحاكم مثلاً. و لا يؤمن الجميع أن التجوال الكثير في الإنترنت هو أمر سيئ، محاولين التقليل من حجم هذه الظاهرة. ويقول جفري كول، مدير مركز سياسة الاتصالات في جامعة كاليفورنيا: "إن قضاء الكثير من الوقت في شبكة الإنترنت يفيد بعض الناس كثيرًا"، مضيفًا أن "استخدام الإنترنت بالنسبة لمعظم مرتادي الشبكة لا يجيء على حساب نشاطات أخرى".