السيد الرئيس جورج دبليو بوش كنت اتابع خطاباتكم التي تشيد بدور بلادي، واسهاماتها في استتباب السلام العالمي، وكان ذلك يبعث السرور في نفسي، وفي نفوس الكثيرين من ابناء وطني وبدوري اقدر لسيادتكم امتنانكم لتعاون بلادي معكم، ومع باقي دول العالم في مكافحة الارهاب. يعلم سيادتكم بان علاقة الشعب السعودي بالشعب الامريكي قد تجاوزت النصف قرن بكثير، ولقد عهدت من الشعب الامريكي اثناء دراستي الجامعية هناك كل ود وكل تقدير لكل ما هو سعودي، وقد آلمني وآلم ابناء امتي المنصفين ما حدث للولايات المتحدة في 11 من سبتمبر المشئوم. واود هنا ان افيد سيادتكم بأني اتابع باهتمام كبير تطورات الاتهامات المضللة التي تم توجيهها الى بلادي المملكة في اطار التقرير الصادر عن لجنة التحقيقات المشتركة بالكونغرس الامريكي، حول ملابسات هجمات 11 من سبتمبر ايلول عام 2001م، ويعلم سيادتكم ان مثل هذه الاتهامات لا يمكن ان تساق دون دليل قاطع وبرهان اكيد، بل ان اثارتها على هذا النحو يعد مخالفا لروابط الصداقة المتينة التي بنيناها مع الشعب الامريكي، وربما يخالف مبادئ التعاون التي تنشدونها وننشدها بين بلدينا وشعبينا في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم ، فقد آلمني ما تردد ان هناك 28 صفحة محذوفة من ذلك التقرير حول تلك الاحداث، وهي الاجزاء التي تتحدث عن بلادي المملكة العربية السعودية ، ولم يكن ألمي بسبب ان التقرير نشر ناقصا فحسب، بل ما آلمني اكثر هو ان هناك من يرفض اطلاع بلادي على تلك الاجزاء المحذوفة، رغم انها البلد المعني بتلك الاجزاء من ذلك التقرير، واشد ألما ان هذا التقرير اضافة الى انه تضمن اتهامات للمملكة بدون سبب، وبني على تكهنات مضلة، فانه بني على نوايا شريرة حقودة سيئة فضحها عدد من الامريكيين الصادقين، الذين يأملون ونأمل نحن كذلك منك ان تعيد النظر في موضوع نشرها، وتتحرى بسرية عن هؤلاء الظلمة الذين يسيئون الى علاقة شعبكم وبلادكم بالشعوب والدول الاخرى. السيد الرئيس لا اخفيك سرا بان الشعب في بلادي غاضب غضبا شديدا، بسبب عدم نشر تلك الاجزاء من التقرير، ولست في شك من انك تقدر بأن نشرها في غاية الاهمية بالنسبة لشعب وحكومة المملكة العربية السعودية، حيث انهم لا يعرفون ما جاء فيها، رغم انه يعنيهم، ويؤكدون كما اكد بعض الامريكيون ان تلك الاهتمامات جاءت من عناصر لها مواقف عدائية من بلادي، وكنت اتمنى ان ترفع السرية عن ذلك التقرير، كي يستطيع من يهمه الامر الاجابة على ما ورد فيه، ان كانت تستحق الاجابة. سيادة الرئيس لقد عبرت بلادي عبر وزير خارجيتها الامير سعود الفيصل بأن المملكة ليس لديها ما تخفيه ، وانها لا تريد ان تكون محمية من احد، وسيادتكم يعلم بأن نشر التقرير سيمكننا من الرد على جميع الاتهامات بوضوح، ولكن ما يحزن حقا ان يكون للنفوذ الصهيوني قدرة اكبر مما ينبغي في التأثير على دائرة القرار الامريكي، واخشى ان يتحول الكونجرس الامريكي الى تابع من توابع اللوبي الصهيوني ومنظمة (الاياباك)، خصوصا في هذه الظروف التي يمر بها العالم. سيادة الرئيس ان الخطوة الايجابية التي قامت بها ادارتكم، والمتمثلة في عودة جميع دبلوماسييكم الى الرياض بعد احداث القصيم ومكة والرياض المؤلمة، كنت اتمنى ان يرافقها الغاء السرية عن ذلك التقرير الذي ازعجنا كثيرا، ولكن خاب املي وآمال ابناء وطني من هذه الاجراءات التي لا مبرر لها، وبالطبع ان عودة الدبلوماسيين وعدم نشر التقرير، جرى بعلم من سيادتكم ، وايضا بلاشك يعلم سيادتكم بان بلادي اعلنت حربا لا هوادة فيها على الارهاب، واكدت بلادي مرارا وتكرارا بانها لن تصبح مأوى للارهابيين ودعاة الفكر الظلامي، ولكن يا سيادة الرئيس يبدو ان التقرير اغفل او تجاهل عن عمد جهود بلادي المستمرة في الحرب على الارهاب، ويبدو ان هذا التقرير لم يعبر عن حقيقة الافعال والانجازات التي قامت بها المملكة، وتمنيت ان يكون هناك انصاف لدوربلادي الحقيقي في مكافحة الارهاب، فهي استجوبت آلافا من الافراد، واعتقلت اكثر من 500 مشتبه فيه منذ 11 من سبتمبر، مما اسهم في تلك المكافحة بشكل كبير، واسهم في تفكيك خلايا الارهاب، وكانت له نتائج ايجابية حتى على الولاياتالمتحدةالامريكية، فما قامت به بلادي لم يقد فقط لاعتقال عناصر ارهابية، وتفكيك خلاياهم داخل الاراضي السعودية فحسب، وانما قاد ايضا الى نتائج مماثلة في الولاياتالمتحدة، وانتم تعلمون ذلك، وقد اعترف بذلك العديد من الجهات الامريكية والعالمية، والدليل هو ما جرى مؤخرا في القصيموالرياض ومكة المكرمة، ولا يمكن لاي منصف ان يغفل الجهود الكبيرة المتواصلة التي قامت وتقوم بها بلادي في مواجهة الارهاب، سواء فيما يتعلق بتعقب المشتبه في ممارستهم الارهاب، او فيما يتعلق ب (تجفيف) المنابع المالية التي يمكن ان يساء استغلالها في تمويل العمليات الارهابية، فبلادي قامت بخطوات عديدة في المجال المالي الذي قد يستغل من قبل الارهابيين، مثل التدقيق المتشدد في الاجراءات وتقنيات الرقابة للتأكد من ان تبرعاتنا واسهاماتنا الخيرية التي تنسجم مع ثوابتنا الاسلامية وقيمنا الاصيلة وواقعنا الاجتماعي لا يتم انتهاكها من قبل الارهابيين. سيادة الرئيس نحن شعب مسالم، نمثل رسالة مسالمة خالدة تدعو الى السلام، وقد ذكرنا في القرآن الكريم بأننا خير امة اخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ووصفنا باننا قدوة اهل الارض جميعا، بسماحة ديننا، وبحبنا للسلام، وباخلاقنا وعاداتنا الطيبة، ونسعى دوما الى ايجاد عالم تسوده روح التعاون والمحبة والاخاء، ونحترم كل المبادئ الانسانية ونكن لها كل تقدير، وبلاشك امة هذه مواصفاتها لا يمكن ان تكون داعمة للارهاب، امة عانت وتضررت بالفعل من الارهاب لا يمكن ان تكون داعمة له، وي جميع الاحوال - ياسيادة الرئيس - ليس لدينا شيء نخفيه او نسعى لحجبه، واننا نؤمن ان نشر الصفحات ال 28 التي لم تنشر سيمكننا من الرد على اية مزاعم بصورة واضحة وموثوقة، وازالة اية شكوك حول دور بلادي الحقيقي في الحرب ضد الارهاب، والتزامها تجاه ذلك ، وكما اود ان الفت نظركم ياسيادة الرئيس الى ان اية محاولة لالصاق تهم متعلقة بالارهاب ببلادي، سواء من حيث الممارسة او الدعم، فانها بلا ريب فاشلة وخائبة لاننا ملتزمون مع باقي الشعوب والدول المحبة للسلام بمكافحة الارهاب الدولي، كما ان دورنا كبير في انشاء وتفعيل اهم اتفاقية عربية لمكافحة الارهاب، تلك الاتفاقية التي تمت بين وزراء الداخلية العرب في القاهرة، وهذا - لعمر الله - جهد نفاخر به بين الامم. سيادة الرئيس ارجو ان تتأكد مما ذكرت لك من ان هناك قوى مغرضة تقف وراء هذه الاتهامات المضللة، وهي قوى تعمل على هدم ما بني خلال العقود الماضية بين بلدينا وشعبينا، وتعمل على تدمير المصالح الحقيقية للولايات المتحدة وبلادي، ولاتهتم بمصالحنا المشتركة وتفاهمنا المتبادل. سيادة الرئيس اخيرا، صحيح انك لو امرت بالغاء السرية عن تلك الاوراق لن تنال جائزة من احد، ولكنك على الاقل ستنال كل التقدير والاستحسان من شعبنا ومن الرأي العام الامريكي، وبلاشك سترضي ضميرك الذي هو كنزك الوحيد، وستثبت للعالم اجمع بأنك على قدر من العدل والمسئولية، والا لما رشحك قومك لرئاستهم، تحياتي لك ولكل من عرفته من الشعب الامريكي خلال اقامتي في بلدكم.