قواسم مشتركة كثيرة تجمع نزلاء دار الملاحظة الاجتماعية بالدمام، أولها الندم على ما فعلوه، الذي بسببه حلوا ضيوفاً على الدار، والثاني نصيحتهم لمن هم خارج أسوار الدار بالحذر من الصحبة الفاسدة، التي قد تقودهم إلى هذا المكان. الجانب المضيء الذي يتقاسمه النزلاء أيضاً، هو الانخراط في دورات تعليمية، داخل أسوار الدار، تساعدهم على تنمية قدراتهم، وتكسبهم علوماً جديدة، قد تفيدهم حينما يغادرون هذا المكان. في زيارة قامت بها (اليوم) للدار التقينا عشرات النزلاء، الذين فضل بعضهم رواية قصته، ورفض البعض الآخر التحدث معنا، هنا نقدم بعض ما قالوه: سارق.. ولكنه نادم نزيل في الثامنة عشرة من عمره، دخل الدار بتهمة السرقة، قضى هنا 4 أشهر، يتهم رفقاء السوء بالتسبب في وقوعه في هذا المنزلق الخطر. ولكنه يقول: عندما أخرج من هنا إن شاء الله، سوف أعمل في أية وظيفة تقابلني، سأكسب رزقي من عرق جبيني، وبالحلال، مبتعداً عن رفقاء السوء ومشاكلهم.. أنا فعلاً نادم على ما فعلت بحق نفسي وأسرتي والمجتمع. لقد أسأت إلى نفسي. وأنا الآن مستعد للتكفير عن ذنبي. وعما استفاده من الدار يقول: أنا الآن ملتحق بدورة حاسب آلي، كما أنني أدرس المسرح.. لقد استفدت الكثير والحمد لله. الحصول على الدكتوراة نزيل آخر في الثامنة عشرة من عمره، سرق أحد المنازل أيضاً، لم يقم بما قام به من أجل الحصول على المال، ولكن بدافع مجاراة رفقاء السوء، الذين أوصلوه إلى القاضي، الذي حكم عليه بالسجن 18 شهراً، قضى منها في الدار 5 أشهر حتى الآن.. يقول: قررت حين أخرج من الدار مواصلة الدراسة في مدينة جدة، ولكن بعد ان أقطع علاقتي بالأصدقاء السيئين الذين تسببوا في دخولي هذا المكان. النزيل يطور قدراته في مجالي الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية.. يقول: إن شاء الله ستفيدني بعد ان أكمل دراستي، فلدي طموح أن أواصل الدراسة حتى أحصل على الدكتوراة بإذن الله. مهاجمة المنازل نزيل آخر كان الندم الشديد واضحاً على ملامح وجهه، وهو يقول: حسبي الله على من تسبب في دخولي إلى هذا المكان، انهم رفقاء السوء، من زينوا ليّ السرقة والتهجم على بيوت الناس في الليل.. غير ان دخولي إلى الدار غير مسار حياتي نهائياً، فهنا تعلمت الكثير، وهذا ما سيفيدني بعد خروجي من هنا، لقد علمونا أمورا لم نتعلمها من أسرنا في بيوتنا. علمونا الأخلاق والاحترام والتعامل الجيد مع الناس. فيما كان نزيل آخر يلعب مع أحد زملائه كرة القدم قال لنا: ليت أسرتي انتبهت ليّ، ومنعتني من مصاحبة رفقاء السوء، لو فعلوا ذلك لم أكن هنا اليوم، ولكن الحمد لله على كل حال. الأب هو المسئول من جانبه يرى مدير الدار عبدالرحمن المقبل ان السبب الرئيسي في انحراف الشباب ودخولهم الدار هو الأسرة، فهناك التفكك الأسري والطلاق، الذي يتسبب في تشتت الأبناء، بالإضافة إلى اضطراب العلاقات الأسرية وكثرة الشجار بين الوالدين، والبخل الشديد من الأب، وتفضيل أحد الأبناء على الآخر، فضلاً عن وفاة أحد الوالدين، الذي قد يتسبب في إصابة بعض أفراد الأسرة بالصدمة، فهناك عدة أمور تترتب على وفاة الأب، منها انخفاض دخل الأسرة أو انعدامه، والأهم من ذلك أنه يتسبب في اختفاء القدوة عن الأبناء. ويواصل المقبل استعراض الأسباب التي تؤدي إلى دخول النزلاء: هناك أيضاً غياب الأب عن البيت فترات طويلة، واعتقاد بعض الآباء ان واجب أولادهم عليهم ينحصر في توفير المأكل والمشرب والملبس فقط، وليس الرعاية والتوجيه وضبط السلوكيات. كما ان البعض لا يحرص على معرفة رفاق ولده، وهنا قد يصادق الابن شلة فاسدة، تجرفه إلى طريق الضلال، التي قد تتوفر للابن في الخارج، حين يسافر الولد بمفرده.. ويحمل مدير الدار الأب مسئولية متابعة الابن في تأدية الواجبات الدينية والمدرسية والاجتماعية. رعاية نفسية واجتماعية وعن الدار يقول المقبل: الدار مهمتها رعاية هؤلاء الأحداث، وحفظهم من الانحراف، وهي مشكلة عالمية، وينظر لها المهتمون والمتخصصون بقلق بالغ، لارتفاع معدلات الانحراف بين هذه الشريحة العمرية (من 7 إلى 18 عاماً). ونحن نسعى من خلال الأنشطة التي تقام داخل الدار إلى تعديل سلوك هذه الفئة، وتحقيق التكيف السليم لهم، وتشمل الرعاية الاجتماعية والنفسية، على يد أخصائيين اجتماعيين، يساعدون على دمج النزيل في المجتمع، وربطه بأسرته، تمهيداً لعودته إليها بعد خروجه من الدار، وحينها نتابعه في دراسته أو عمله، ونسعى لتذليل العقبات التي تواجهه فيهما أو في المجتمع عموماً. ناد ومدرسة ويبلغ عدد نزلاء الدار حالياً 107 أحداث، جميعهم أحيلوا إليها من جهات أمنية أو هيئة قضائية، بموجب مذكرات رسمية توجب التحويل، ويشترط في المحول ان يكون له مكان في الدار، وان يكون عمره بين 7 إلى 18 عاماً، وان يكون خالياً طبياً من الأمراض المعدية والسارية. ويصنف النزلاء في الدار حسب أعمارهم، بحيث يتم توجيه الرعاية الكاملة لكل فئة عمرية على حدة، كما يراعى نوع القضية التي دخل النزيل بسببها الدار. وتضم الدار ناديا اجتماعيا، يقضي فيه النزلاء أوقاتهم في الألعاب الخفيفة والمسلية وحفلات السمر وغيرها من البرامج الموجهة. وإلى جانب الترفيه هناك التعليم، حيث تضم الدار مدرسة، تضم كل المراحل التعليمية (ابتدائي ومتوسط وثانوي)، تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، حتى لا يحرم النزيل من مواصلة دراسته. كما ان هناك فصولا لمحو الأمية للطلاب الذين فاتهم قطار التعليم. ويحصل جميع الطلاب على كافة الأدوات المدرسية، مثل الدفاتر والحقائب المدرسية ووسائل الإيضاح السمعية والبصرية والمعامل والخدمات. نشاط ثقافي وديني فيما يهدف النشاط الثقافي الذي تنفذه الدار إلى إكساب النزيل قدراً مناسباً من الثقافة العامة وتنمية المعارف في شتى نواحي الحياة، من خلال مكتبة الدار والصحف اليومية والمجلات، وتنظيم المسابقات الثقافية والندوات والمحاضرات، التي تعالج مشكلات الأحداث مثل تعاطي المخدرات والتدخين. وأيضاً توعيتهم دينياً، وتعويدهم على ممارسة الشعائر الدينية، حيث يعتبر النشاط الديني من أهم الأنشطة في الدار.، لما له من أثر في إصلاح شخصية النزيل. رعاية طبية ونشاط رياضي وتوفر لنزلاء الدار رعاية طبية منذ اليوم الأول الذي يلتحقون فيه، إلى يوم خروجهم، من خلال سجل طبي، تدون فيه كافة المعلومات الطبية عن النزيل، ويصرف لهم الدواء ويتابعون في العلاج. وتهتم إدارة الدار بتوفير الأنشطة الرياضية للنزلاء، لتنمية قدرات اللياقة البدنية لهم، واستهلاك طاقاتهم فيما ينفعهم، ويعود عليهم بالفائدة، من خلال ممارسة الألعاب المختلفة، ويمارس النزلاء الرياضة في الفترة المسائية أو في الحصص الرياضية. 3 من الأحداث في دورة حاسب آلي تقام داخل الدار