على الرغم من اهمية سياسات التعليم والتدريب في اطار جهود المملكة المكثفة لتنمية مواردها البشرية, الا ان من المؤكد ان هذه السياسات في حاجة الى المزيد من الاهتمام بتخطيط وتنمية وادارة الموارد البشرية, فقد بدأت مشكلة مدخلات ومخرجات النظام التعليمي تأخذ منعطفا جديدا في السنوات الاخيرة يتمثل في الزيادة المطردة في الطلب مما يشكل ضغوطا على العرض المحدود نسبيا, وكذلك عدم المواءمة بين معظم مخرجات التعليم - لا سيما في مؤسسات التعليم العالي للبنات - والاحتياجات الفعلية لسوق العمل. ونشير الى ان مشكلات التوظيف الكامل لقوة العمل النسوية تواجه صعوبات تتجاوز مسئولية النظام التعليمي لتشمل الأنظمة الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية, الا ان مراجعة نظم تعليم المرأة السعودية - مع التركيز على تحسين الجودة النوعية لمستويات التعليم - يسهم بلا شك في تكوين رؤية مستقبلية جيدة لمعالجة هذه المشكلات. ان الوضع الراهن لتعليم البنات يوضح الانجازات الكبرى التي تحدثت في هذا السياق التي انتظمت بالمملكة منذ عام 1379ه, (1960م) وابرز السمات الايجابية لهذه المنجزات تكمن في انتشار الخدمة التعليمية في مدن وقرى وهجر المملكة وسعودة الهيئة التعليمية والادارية حتى بلغت نسبتها نحو (98.5 بالمائة) الى جانب تطورات نوعية شملت المناهج والتجهيزات المدرسية, وتطوير المباني المدرسية وتجهيزاتها, وانخفاض نسبة الأمية بالنسبة للاناث حتى بلغت نحو (27.1 بالمائة). ومن ناحية اخرى نشير الى ان اهم السلبيات تتمثل في انخفاض مستوى مخرجات التعليم الجامعي للبنات, والتركيز على التخصصات النظرية التي لا تتواءم مع الاحتياجات الفعلية والمستقبلية, ويمكن ان نبرز الأسس المقترحة للرؤية المستقبلية بشأن تعليم البنات بالمملكة, والتي تتلخص في ضرورة المواءمة بين (الكم والكيف) عند التعامل مع تعليم البنات, والتفرقة بين حق المرأة في الحصول على شهادة وحقها في الحصول على الوظيفة المناسبة. مع ضرورة الاهتمام بتوفير صيغ تمويلية جديدة من خلال تشجيع القطاع الخاص, والحرص على تحقيق التكامل بين مؤسسات التعليم والمجتمع. اما بالنسبة للسياسات المستقبلية لتعليم المرأة, فيمكن الافادة من نتائج التقويم الشامل للنظام التعليمي في اعداد (خطة تطويرية) لكل من قطاع التعليم العام وقطاع التعليم العالي, ومع وضع خطة بعيدة المدى لانشاء المباني المدرسية الحكومية للبنات, ووضع تصور مستقبلي (من قبل مجلس القوى العاملة) لتوسيع مجالات عمل المرأة. والتنسيق بين الجهات المعنية بتعليم البنات والغرف التجارية والصناعية لزيادة استثمارات القطاع الخاص ودراسة ظاهرة الرسوب والتسرب حسب كل مرحلة وكل منطقة تعليمية. د. خالد عبدالله دهيش وزارة التربية والتعليم