يبدأ نجوم المضمار وعلى رأسهم الاميركي موريس غرين والمغربي هشام الكروج والاثيوبي هايله جبريسيلاسي في اضاءة سماء باريس التي يطلق عليها لقب (عاصمة النور) عندما يخوضون غمار بطولة العالم التاسعة لالعاب القوى التي سيكون مسرحها استاد فرنسا الدولي الذي يتسع لنحو 80 الف متفرج اعتبارا من اليوم السبت وحتى 31 اب/اغسطس الحالي. وسبق لملعب استاد (دو فرانس) ان احتضن نهائيات كأس العالم عام 1998 الذي شهد تتويج منتخب فرنسا بطلا على حساب نظيره البرازيلي بثلاثة اهداف نظيفة. ويشارك في البطولة نحو 2000 رياضي ورياضية (رقم قياسي) يمثلون 203 دول (رقم قياسي ايضا) سيتنافسون في 46 سباقا ومسابقة (24 للرجال و22 للسيدات) وعلى 204 ميدالية من مختلف المعادن. وتعتبر بطولة العالم الحدث العالمي الثالث من حيث الاهمية بعد الالعاب الاولمبية وبطولات كأس العالم في كرة القدم وهي ستستقطب نحو 5ر4 ملايين متفرج خلال تسعة ايام من المنافسات. وتحتفل بطولة العالم بمرور 20 عاما على انطلاقها، وكانت النسخة الاولى اقيمت في هلسنكي عام 1983، ثم في روما (1987) وطوكيو عام 1991، ثم ارتأى الاتحاد الدولي اقامتها كل سنتين بدلا من كل اربع سنوات، فاقيمت في شتوتغارت الالمانية عام 93 وغوتبورغ السويدية عام 95، واثينا 97 واشبيلية الاسبانية 99 وادمونتون الكندية عام 2001. وشهدت بطولات العالم السابقة انجازات كبيرة ابرزها فوز العداء الاميركي الفذ كارل لويس بسباق 100 م الشهير في طوكيو عندما نزل ستة عدائين تحت حاجز ال10 ثوان، والرقم القياسي للبريطاني جوناثان ادواردز في الوثبة الثلاثية عندما حطم الرقم العالمي مرتين. وسطر بعض الرياضيين اسماءهم باحرف ذهبية في هذه البطولة وعلى رأسهم الاوكراني الطائر سيرغي بوبكا بطل العالم ست مرات متتالية في القفز بالزانة، والاميركي مايكل جونسون بطل العالم ست مرات ايضا (4 مرات في سباق 400 م ومرتين في سباق 200)، والالماني لارس ريدل بطل العالم 5 مرات في رمي القرص. وشهدت بطولة العالم منذ انطلاقها تغييرات كثيرت وبات العنصر المالي يلعب دورا اساسيا فيها، فعلى سبيل المثال لم يتقاض ابطال النسخة الاولى في هلسنكي اي فلس على حلولهم في المراكز الاول في حين سينال الفائزون في باريس 60 الف دولار بالاضافة الى جائزة 100 الف دولار في حال تحطيمهم للرقم القياسي العالمي في اختصاصهم، كما ساهم النقل التلفزيوني في جعل بطولة العالم اكثر انتشارا. اما من الناحية السلبية فان بطولة العالم لم تخل من افة المنشطات. وتشكل بطولات العالم موعدا هاما للرياضيين ومرجعا اساسيا لهم فلولاها لكان سجل هشام الكروج والجامايكية ميرلين اوتي والفرنسي ستيفان دياغانا على سبيل المثال خاليا من اي انجاز على الرغم من موهبتهم الخارقة، لان الحظ لم يحالفهم في الالعاب الاولمبية. وتحتضن باريس بطولة العالم لام الالعاب للمرة الاولى في تاريخها، وهي تريد تسجيل نقاط في سعيها لنيل شرف استضافة الالعاب الاولمبية عام 2012. وتبدو الولاياتالمتحدة مرشحة لاكمال سطوتها على المركز الاول كما فعلت في النسخات الخمس السابقة وبالتحديد اعتبارا من شتوتغارت عام 1993 بعد ان كانت الكلمة الاخيرة للاتحاد السوفياتي والمانياالشرقية في البطولات الثلاث الاولى، لكن انهيار الاول جعل الميداليات تتوزع على الجمهوريات الجديدة، في حين زالت المانياالشرقية تماما. ويعتبر مدرب منتخب الرجال الاميركي بوبا ثورنتون ان بطولة العالم الحالية تشكل محطة هامة جدا قبل عام واحد من انطلاق الالعاب الاولمبية في اثينا وقال "هذه البطولة تعتبر في غاية الاهمية بالنسبة الينا لانها ستعطينا فكرة على استعدادنا لاولمبياد اثينا 2004. ورفض ثورنتون التكهن بعدد الميداليات التي يمكن ان تحرزها بلاده وقال كل شيء يجوز لكنني لا اريد الدخول في لعبة التكهنات ولا اريد ان اضع ضغوطا على هذا العداء او ذاك. وغالبا ما اعتمد المنتخب الاميركي على سباقات السرعة وسيكون مرشحا لاحراز الذهب من خلال وجود في صفوفه لحامل الرقم القياسي العالمي تيم مونتغمري وبطل العالم في البطولات الثلاث السابقة موريس غرين، كما انه وجد في العداءة كيلي وايت افضل خليفة للبطلة الشهيرة ماريون جونز التي تغيب عن البطولة بعد ان وضعت مولودا قبل شهرين. وكانت الولاياتالمتحدة احتلت المركز الاول في ادمونتون قبل سنتين وجمعت 19 ميدالية منها 9 ذهبيات. وستكون روسيا المنافسة الابرز للولايات المتحدة وهي تعول تحديدا على العنصر النسائي للمنافسة على المركز الاول. وكانت روسيا حلت ثانية في ادمونتون وجمعت 19 ميدالية منها 6 ذهبيات. واكد مدرب المنتخب الروسي فاليري كوليتشنكو بان جميع رياضيه وصلوا الى باريس في كامل لياقتتهم البدنية وهم مصممون على احتلال المراكز الاول في اختصاصاتهم. ويعول كوليتشنكو على مسابقة القفز بالزانة حيث يضم الفريق في صفوفه حاملتي الرقم القياسي العالمي ييلينا ازينباييفا (82ر4 امتار في الهواء الطلق) وسفتلانا فيوفانوفا (80ر4 م داخل قاعة). كما تملك تاتيانا ليبيديفا (الوثبة الثلاثية) واولمبيادا ايفانوفا (20 كلم مشيا) حظوظا كبيرة في تطويق عنقيهما بالذهب.عربيا، من المرجح ان يحطم الممثلون العرب الرقم القياسي في عدد الميداليات (7 ميداليات) المسجل في بطولتي عام 1995 في غوتبورغ (السويد) وعام 99 في اشبيلية (اسبانيا) خصوصا في ظل ثبات مستوى اكثر من نجم مغربي وجزائري وسعودي في الاونة الاخيرة. وبالاضافة الى الكروج الذي يطمح الى اعتلاء منصة التتويج في سباقي 1500 و5 الاف م، تضم الارمادا المغربية 25 رياضيا آخر (18 رجلا و7 سيدات) ابرزهم صلاح حيسو وخالد السكاح وعلي الزين وحسناء بنحسي ومينة آيت حمو وزهرة واعزيز. وتسعى السعودية الى تدوين اسمها في السجلات للمرة الاولى منذ عام 1995 عندما احرز لها العداء سعد شداد الاسمري ميداليتها الوحيدة حتى الان وهي تعول على بعض الاسماء امثال حمدان البيشي (400 م) وهادي صوعان (400 م حواجز) وحسين السبع (الوثب الطويل). اما قطر فتسعى هي الاخرى ايضا لدخول سجل الشرف للمرة الاولى وهي مرشحة فوق العادة لذلك خصوصا بعد ان منحت الجنسية للعداء الكيني الاصل ستيفن تشيرونو وبات اسمه سيف سعيد شاهين. يذكر ان شاهين نجح في تحقيق فوزه الاول في اول دفاع له عن الوان قطر عندما احرز الاسبوع الماضي المركز الاول في سباق 3 الاف م موانع مسجلا افضل توقيت عالمي هذا العام وهو 48ر02ر8 دقائق في لقاء زيوريخ الدولي. ويضاف الى سيف سعيد شاهين حامل ذهبية السباق في دورة العاب الكومنولث قبل عام، كل من خميس عبدالله حامل برونزية 3 الاف م موانع في كأس العالم العام الماضي في مدريد، ومبارك النوبي بطل اسيا وحامل فضية 400 م حواجز في كأس العالم، وراشد الدوسري (رمي القرص) وسليمان وآدم عبده والبدري سلام (800 م) وعبد الرحمن النوبي (الوثب الطويل) واحمد آدم وفؤاد علي وجمعة عمر النور (ماراتون). واستعد الرياضيون القطريون الذين توج معظمهم ابطالا لاسيا مؤخرا في بنغلادش، استعدادا خاصا لبطولة العالم من خلال معسكرات طويلة وقوية ولقاءات مع نجوم ام الالعاب في المجر والمانيا وسويسرا والمغرب. وتعول الجزائر على نجمها عبد الرحمن حماد حامل فضية اولمبياد سيدني في الوثب العالي، وعلى سعيد جبير قرني في سباق 800 م.يذكر ان علي سعيدي سياف فشل في تحقيق التوقيت الادنى في سباق 5 الاف م المخول له المشاركة في بطولة العالم. وكان سياف (25 عاما)، حامل فضية اولمبياد سيدني، استبعد من الاتحاد الدولي لمدة عامين لثبوت تناوله مادة الناندرولون المنشطة المحظورة في بطولة العالم الثامنة التي اقيمت في ادمونتون الكندية عام 2001 حيث نال الفضية، وكان مقررا ان تنتهي مدة العقوبة المفروضة على سياف في 17 آب/اغسطس الحالي، بيد ان الاتحاد الدولي وافق على اعادة النظر في حالته ليتمكن من تحقيق التوقيت الادنى المخول المشاركة في بطولة العالم قبل هذا التاريخ. وستغيب ست بطلات عالميات واولمبيات عن منافسات بطولة العالم لاسباب مختلفة وهن الاميركية ماريون جونز والاسترالية كاتي فريمان والالمانية هايكه دريشلر والفرنسية ماري جوزيه بيريك والبريطانية باولا رادكليف والمغربية نزهة بدوان ما سيفقد البطولة بعضا من رونقها.