جاء إقرار مجلس الوزراء بالموافقة على تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سريعاً، وفي ثلث المدة التي منحها خادم الحرمين الشريفين لمجلس الوزراء لإصدار تنظيم الهيئة.. مما يدل على حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء على تذليل الصعاب أمام تأسيس الهيئة بحيث تباشر أعمالها ومهامها في أقرب فرصة وفقاً لأمر خادم الحرمين الشريفين الذي ينيط بهذه الهيئة مسئولية كبيرة، لأنها ستكون، بإذن الله، وبتأييد من الحكومة الرشيدة، ذراع الحق الذي يهوي على رؤوس الفساد والمفسدين الذين استحلوا المال السُّحت ورضوا لأنفسهم بأن يخونوا الأمانة ويخدعوا الأمة ويستغلوا النفوذ، بينما عيّنوا في مناصبهم أملاً في أن يؤدوا الأمانة وأن يخدموا المواطنين ويحافظوا على موارد البلاد وثرواتها ومكتسباتها وسمعتها. وكان المسئولون والموظفون الفاسدون يلقون نفوراً من زملائهم ومن المجتمع، وكانت القيم حارساً للأمانة ومحفظة للنزاهة.. لكن بعد أن تكاثرت الإدارات الحكومية وكثرت تشعّباتها ومهامها ومسئولياتها، وكثر المسئولون وتعدّدوا وتنوّعوا في أنحاء البلاد المترامية الأطراف، تطلب ذلك تأسيس هيئة تقوم على أسس عصرية لمكافحة الفساد، حفاظاً على ثروة الأمة من الإهدار ومن أن تستبيحها الأنفس المريضة. وبعد موافقة مجلس الوزراء على تنظيم الهيئة، فإنه يتعيّن أن تستكمل الهيئة خطوات بنائها وتأسيس مرافقها الإدارية والبشرية بسرعة كي تبدأ مهامها. ويتطلع خادم الحرمين الشريفين إلى هذه الهيئة كي تساعده على حمل الأمانة، وتتطلع الحكومة الرشيدة إلى الهيئة كي تساعدها على ضبط المخالفات والجرائم التي ترتكب بحق المال العام، وجرائم استغلال النفوذ التي تعيق عمل الحكومة وتهدر ثروات البلاد. ويتطلع المواطنون لهذه الهيئة كي تكون متيقظة وحازمة وقوية في طرحها وأدائها. فليس لرئيسها وموظفيها ومسئوليها العذر بعد ان وضع خادم الحرمين الشريفين في أعناقهم هذه الأمانة الكبرى، ومنحهم التأييد بأن يكونوا أقوياء في عملهم ونهجهم ومخلصين في أدائهم.. وأن يتحققوا من أية شبهة وأن يخضعوا كائناً من كان لتحرياتهم وتحقيقاتهم، حتى يدان المذنبون بما اقترفوه ويبرّأ المظلومون مما يشاع في ذممهم، وحتى تسود ثقافة الالتزام والعدل والرقابة في أوساط المواطنين والموظفين. وحتى يعلم من تسوّل له نفسه السوء أن محققي الهيئة له بالمرصاد.