ازدهر موقع غوغل في فترة خمس سنوات من مجرد تجربة لطلاب لا يتمتعون بأية شعبية إلى حالة منتشرة في كلّ مكان لدرجة أن اسمه السخيف أصبح مرادفا لفعل البحث. وكلمة (غوغل) في لغة الرياضيات تستخدم للدلالة على رقم كبير جدا هو واحد وإلى جانبه مائة صفر. واليوم يدخل في كل ساعة ملايين الأشخاص إلى موقع (غوغل) للبحث على الإنترنت واثقين من أنه سيتمكن بسرعة من مراجعة حوالى ثلاثة مليارات صفحة لإيجاد أي شيء تقريبا. ففي أقلّ من ثانية يتمكن الموقع من إيجاد أصدقاء مفقودين، أو بضاعة معينة أو تفاصيل عن موسيقى البوب، أو أبحاث أكاديميةّ أو أخبار... باختصار كل ما يمكن أن يخطر على البال. فمن الصعب تخيّل يوم من دون استخدام غوغل لشيء ما. حتى أن البعض ينسب إليه قدرات سحرية قد تثير لدى البعض الرّهبة والخوف والاحترام لعلمه بكل شيء. يقول دانيال برانت أحد الناقدين (لغوغل) يبدو الأمر مرعبا لأنّه إذا أسقطك غوغل من سجلاته يمكن أن تخسر تجارتك بسرعة كبيرة وتصبح من دون عمل. ويعود السبب الأساسي في نجاح غوغل إلى الإخلاص الكبير لمستخدميه. وفي حين خفف ياهو وغيره من البوابات من تركيزهم على البحث في أواخر التّسعينيّات، قدم غوغل نظاما جديدا لتسهيل عملية البحث وإيجاد المعلومات. وتقوم تكنولوجيا غوغل حول تركيبة سرّيّة تسمى knaRegaP والتي تقيّم صلة موقع ما بالموضوع الذي يتم البحث عنه من خلال عدد الوصلات التي تربطه بمواقع أخرى على الانترنت. وقد أثارت هذه الطريقة مخاوف من أن تكون مواقع النخبة هي التي تحدد شعبية المواقع الأخرى. لكنّ متصفّحي الويب احتضنوا هذه الطّريقة أو (الغوغلة). وقد زادت شعبية هذا الموقع لدرجة أن موقع moc.elgooG يجذب بعضا من أكثر العمليات على الويب. وحدها مواقع moc.NSM وأميركا أونلاين وياهو أغرت زوّارا أكثر في الولاياتالمتحدة. إذ يمكن قياس تأثير غوغل من خلال المئتي مليون عملية بحث التي يجريها يوميا والتي لم تكن تتعدى أربعين مليونا منذ ثلاث سنوات. فقد حوّل النّموّ الثابت (غوغل) إلى إحدى أكبر قصص النجاح على الإنترنت والتي تتم مقارنتها بقصة نجاح مايكروسوفت نفسها. لكن ذلك جعل هذه الشركة الصغيرة نسبيا والمؤلفة من ألف موظف تقريبا هدفا لأعداء كثيرين من الشركات الكبرى. فكل من شركتي ياهو! ومايكروسوفت تبحث عن طرق لسرقة نجاح غوغل من خلال البحث عن آلية جديدة يمكن أن تعيد تشكيل الطّريقة التي يجد بها النّاس ما يبحثون عنه على الإنترنت. تقول تارا كاليشين مؤلّفة كتاب قرصنة غوغل عن الثروات الخفيّة للموقع، يعمل لدى غوغل الكثير من الأشخاص الأذكياء الذين بنوا موقع بحث عظيما، لكنّ هناك أيضا الكثير من النّاس الأذكياء الذين يعملون خارج غوغل ويبحثون عن طرق لجعل مواقع البحث أفضل. فقد رصد موقع ياهو! ملياري دولار أميركي لهجومه المضاد على غوغل. كما كرّست مايكروسوفت جزءا غير محدّد من مصاريف حربها البالغة 49 مليار دولار لبناء موقع بحث أفضل منه. لكن لا يعلن غوغل كيف يعتزم حماية امتيازه التّجاريّ، ويرفض مسؤولو الشّركة إجراء مقابلات فهم يفضّلون التّركيز على تطوير عمل غوغل. ويبدو أن لدى الشركة خطط نموّ طموحة. فقد وقّعت عقد إيجار جديد نقلت بموجبه مقرّها في ماونتن فيو إلى مكان أكبر مساحة بخمس مرّات في أحد المجمّعات التي كانت تشغلها سابقا إحدى شركات وادي سليكون المنهارة. وكانت شركة غوغل قد بدأت حياتها في العام 1998 في مرأب سيارة أحد أصدقاء الشابين الذين صمما المشروع فضم المرأب إلى جانب أجهزة الكومبيوتر غسالة ونشافة وقساطل مياه ومكانا لركن سيارة الموظفين الثلاثة! فقد شكل اعتماد الموقع على طرق تسويق جديدة دفعة إضافية له بعد أن حوّل مواقع البحث إلى ماكينات للكسب المادي. إذ ينفق المعلنون الكثير من المال للإعلان في بعض المواقع التي تشكل أبرز نتائج بعض عمليات البحث. وقد قدرت قيمة هذه الإعلانات هذه السنة بملياري دولار مع توقع نمو كبير خلال العقد الآتي. وحتى الآن لا يبدو أن هناك أحد مؤهلا لحصاد هذه المكافآت أكثر من غوغل. وينفق كل من ياهو! ومايكروسوفت أطنانا من المال للحصول على نتائج تشبه ما بناه غوغل الذي يعمل بشكل ممتاز منذ سنوات. ويعتقد داني سوليفان محرر إحدى المجلات المتخصصة في محركات البحث أنّ مايكروسوفت قد تحاول شراء غوغل بدلاً من محاولة اللحاق به. لكن أيا من مايكروسوفت أو غوغل لم يعبر علنا عن رغبته بهذا الزواج. من المتوقع أن تتراوح إيرادات غوغل لهذه السّنة بين 700 مليون دولار ومليار دولار. وهو بدأ يحقق أرباحا منذ سنتين على الأقلّ مما حدّ من عدد المستثمرين منذ أن أنشأ لاري بايج وسيرجي برين هذا الموقع في حجرات المنامة في جامعة ستانفورد في العام 1998. وبعد الحصول على مليون دولار بعض أفراد العائلة والأصدقاء، تمكن بايج وبرين من كسب 25 مليون دولار من بعض الرأسماليين المغامرين في العام 1999 وعشرة ملايين دولار آخر من ياهو في العام 2000 عندما كانت الشركتان أكثر ودا. وتمتد خدمات غوغل إلى أبعد من موقعه فقد رخّص استخدام تقنيته من قبل مواقع أخرى منها ياهو نفسها وأميركا أونلاين. لكن من المتوقع أن تستغني ياهو عن غوغل قريبا بعد أن تعاقدت مع محركي بحث آخرين هما إينكتومي (ب280 مليون دولار) وأوفيرتور (ب1.6 مليار دولار) . غير أن ياهو لا يناقش خططه الطويلة الأمد المرتبطة بغوغل. ومن سخرية القدر أن بايج (30 سنة) وبرين (29 سنة) ما كانا ليبدأ بمشروع غوغل لولا نصيحة وتشجيع ديفيد فيلو مؤسّس ياهو والشريك فيه الطالب السابق في ستانفورد أيضا. وللاحتفال بتأمين التمويل للمشروع، كان الرّفاق قد أقاموا حفل تعارف في ستانفورد، في مكاتب تحمل اسم الشخص الذي لا شكّ منزعج اليوم من طنين غوغل: بيل غيتس مؤسّس مايكروسوفت.