عزيزي رئيس التحرير اطلعت في ملحق الاحساء الصادر يوم الخميس 1424/6/16ه العدد 11017 على مقال للاخ عبدالمنعم الحسين بعنوان (رجال أعمال مثل الاطرش في الزفة) وكنت سعيدا وانا اقرأ المقال بل كنت منسجما مع الموضوع ومؤيدا لرؤيته الناقدة لتميز الأستاذ الحسين في طرح الافكار باسلوب طريف وبعرض ممتع يرقى به الى مصاف الكتاب المحترفين ولكن هذه السعادة لم تكتمل وتلك الغبطة لم تستمر حيث عكرت صفوها جزئية يقول فيها (المشكلة ان المزارع والبيوت والدوائر الحكومية والمدارس والمساجد ملآى بهؤلاء العمال ماركة الرقبة هزاز. وايش في قول انت؟ العجيب انه لم يتضايق احد منهم انما الذين تضايقوا منهم فقط العمالة من الجنسيات الاخرى وكأن السوق اضحت لهم دون غيرهم). وهنا اجد الأستاذ الحسين قد وقع في مطب كبير واجزم انه عن غير قصد وهو السخرية بفئة من العمالة الوافدة ولا ادري هل نسي الحسين او تناسى وجود اعداد هائلة من هؤلاء من المسلمين الذين لا تجوز السخرية بهم او تحقيرهم بهذا الشكل المنهي عنه شرعا والممجوج خلقا وعرفا لا سيما وانهم اخوة لنا في العقيدة والدين. يقول الحق سبحانه (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون). الحجرات الآية 11. وقد اقتطفت بعضا من قول للإمام القرطبي في تفسيره لهذه الآية في كتابه الجامع لاحكام القرآن المجلد الثامن يقول في ص 213: (وبالجملة فينبغي الا يجترىء احد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه اذا رآه رث الحال او ذا عاهة في بدنه او غير لبق في محادثته فلعله اخلص ضميرا وانقى قلبا ممن هو على ضد صفته فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله والاستهزاء بمن عظمه الله، وقيل من سعادة المرء ان يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره. يقول الشاعر:==1== المرء ان كان عاقلا ورعا==0== ==0==اشغله عن عيوبه ورعه كما السقيم المريض يشغله==0== ==0==عن وجع الناس كلهم وجعه==2== وورد في الحديث الخامس والثلاثين من الاربعين النووية الحديث التالي: عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله اخوانا، المسلم اخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا ويشير الى صدره ثلاث مرات بحسب امرىء من الشر ان يحقر اخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) رواه مسلم. يقول ناظم محمد سلطان في كتابه (قواعد وفوائد من الاربعين النووية): (الحديث ذو نفع عظيم وفوائد كثيرة، امر بالاخوة ووضع بعض اسسها، وحذر مما يقضي عليها من حسد وخداع وتباغض وتدابر واحتقار الاخرين وغيرها من الافات، التي تقضي على الاخوة والمحبة) وفي موضع اخر من شرحه للحديث يقول: (لا يحل للمسلم ان يحتقر اخاه فيقلل من شأنه لان المسلم له قيمة عند الله مهما كان اصله او وضعه المادي، واحتقار المسلم ذنب عظيم ومن علامات التكبر المذموم عند الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم (الكبر بطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم. امل اخيرا ان يتنبه الاخ الحسين وغيره لهذه المسألة التي وللاسف الشديد نتهاون فيها كثيرا ونجدها موجودة بكثافة في مجالسنا وفي منتدياتنا بل حتى في وسائلنا الاعلامية وفي اعمالنا الدرامية تحديدا وهذه الاخيرة بالذات تزرع في النشء بعض الخصال غير التربوية في التعامل مع العمالة الوافدة وكثيرة هي المواقف التي أرى فيها الاطفال يتعدون على اولئك بقول او فعل او كليهما وهذه طامة كبرى. وحيث اننا نلقي الاقوال ولا نلقي لها بالا، ونتبادل الطرائف والنكات على هذه الفئة او تلك ونتندر بهذا ونضحك بذاك، ونستهزىء ونحتقر الاخرين بكل برود ومع سبق الاصرار والترصد وكأن الله قد ميزنا او فضلنا عليهم بل بلغ الامر ببعضنا الى ان ينظر الى هؤلاء بنظرة دونية مقيتة ويعاملهم على اساس انه من كوكب اخر، وثمة امر اخر يسئ الينا وهو ان كثيرا منا يصف بعض العمالة الوافدة بالغباء وعدم الفهم، واحسب اننا بذلك ظلمناهم وظلمنا انفسنا فلا اظن أن عاملا لديه جوال وسيارة وحوالات نقدية الى بلده تفوق راتبه اضعافا مضاعفة كما ذكر الحسين لا اظن ذلك الرجل غبيا الاخر والذي ينام النهار ويسهر الليل ويعيش بطالة اختيارية لا اعتقد ان هذا رجل عبقري. اؤكد مرة اخرى ان الاخ عبدالمنعم الحسين مشروع كاتب كبير مع تمنياتي له بدوام التوفيق. عبدالحميد الوليد الاحساء