لقد أدت المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج العربي الى مساءلة فكرية لهذه المتغيرات خصوصا انعكاساتها المعمارية على المدينة الخليجية وذلك كون العمارة تمثل لغة الشكل المرئي السهل الوصول للآخرين. وبما ان الحداثة في منطقة الخليج العربي كانت حداثة فيزيائية أكثر منها حداثة قيم لذلك كانت ردة الفعل التي مارسها ناقد الحداثة الشكلية هي العودة الى الموروث الشكلي المتمثل في بقايا العمارة التي سبقت الحداثة (التقليدية). هذا الانتقال بين الإشكال لا يمكن ان يعكس الهوية المعمارية لمجتمع ما لانه دون فهم العناصر المنتجة للشكل داخل ثقافة المجتمع لا يمكن ان تتشكل هوية عمرانية واجتماعية صادقة. ولأن شخصية العمارة في مدن الخليج العربي لم تحظ بكثير من الاهتمام من الممارسين والدارسين على حد سواء رغم هذا الزحف المدمر للثقافة الغربية على الثقافة المحلية العمرانية, إلا اننا نستطيع رصد بعض التجارب العمرانية التي تجلت فيها بعض الممارسات العفوية لصناعة عمارة محلية تحمل في تكوينها القدرة على الاستمرار ومقاومة الثقافة الدخيلة. في هذا المقال نحاول ان نبحث عن المخزون الرمزي العمراني الذي ميز وما زال يميز المدينة الخليجية وتركز بصورة خاصة على ملقف الهواء كعنصر بصري وظف بكثافة في العمارة الخليجية المعاصرة. يظهر هذا الصراع بوضوح في مدينة الشارقة التي تعتبر من أوائل المدن الخليجية توظيفا لملقط الهواء في عمارتها المعاصرة. فالسوق المركزي على سبيل المثال وظف ملقط الهواء توظيفا بصريا حيث أصبح السوق يرى عن بعد عبر تلك الهياكل الممتدة من كتلة السوق الرئيسية. إلا ان المصمم لم يكتف بالتوظيف البصري لملقط الهواء بل حاول ان يعيد له وظيفته المناخية ولكن بصورة تبتعد قليلا عن الصورة التقليدية. ذلك ان التكوين الاستطالي للسوق (وهو التكوين التقليدي لقصبة السوق في المدينة العربية القديمة) كان بحاجة الى عدد كبير من ملاقط الهواء لايجاد تيار هواء مستمر بالاضافة للارتفاع الشاهق لسقفق السوق مما جعل الملاقط لاخراج الهواء الساخن بدلا من التقاط الهواء البارد. يمثل السوق المركزي في مدينة الشارقة احد الأمثلة المتميزة لمقدرة المفردات المعمارية التقليدية للحياة والاستمرار عبر الزمن. كما انه أضفى على وسط المدينة لمسة جمالية متميزة وحقق للمدينة ككل هوية خاصة بها. ففي السبعينيات عندما كانت المدينة الخليجية تلهث فيه وراء المباني الزجاجية المجردة كان السوق المركزي في الشارقة يحدث تباينا Contrast واضحا بين تلك النماذج المتكررة والنماذج ذات الخصوصية الثقافية. بالاضافة للسوق المركزي هناك بعض البنايات التي نفذت في وسط المدينة في بداية الثمانينيات منها على سبيل المثال عدد من البنايات السكنية التي بنيت على نفس النمط وظف فيها ملقط الهواء بصريا ومناخيا مكان بيت الدرج ورغم الفرق الشاسع بين الاتصال البصري الذي احدثه السوق المركزي وبين هذه البنايات السكنية إلا ان هذه البنايات من خلال تكوينها التجريدي العام وبروز ملقط الهواء كرمز ثقافي بصري بشكل متكرر في جميع البنايات أوجد هرمونية بصرية جعلها وحدة متكاملة تذكرنا بالتكوين الاستطالي للسوق المركزي ولتعبر في نفس الوقت عن الصراع المبكر بين القديم والحديث في الذهنية الخليجية. ولكن لماذا اعتبرنا هذا التوظيف المبكر لمقلط الهواء حنينا للماضي. يعرف الدكتور تركي الحمد (النسولوجيا Nostalgia على انها حالة) توق غير سوى للماضي او الى استعادة وضع يتعذر استرداده وهو وضع ناتج الى حد كبير عن عدم قدرة الذات على التكيف مع المستجدات والمتغيرات خاصة اذا كانت متسارعة وعظيمة الأثر. انها نوع من اغتراب الذات الى حد كبير. اذا الحنين الى الماضي هو نوع من الاغتراب الداخلي وفي حالة التوظيف البصري لملقط الهواء هو تعبير الرفض للذوبان في الحضارة الغربية التي مارست وما زالت تمارس ضغوطا قوية على مخزوننا الثقافي. يصل مستوى هذا الفرض الى إلباس الماضي لباس زاهيا خاليا من العيوب. فنحن ننظر لكل ما هو قديم نظرة حالمة نرى اايجابيات ونتغاضى عن السلبيات.. لما لا وهذا الماضي هو الشىء الباقي من ذاكرتنا المشرفة. ينتقد الدكتور تركي الحمد قصيدة نزرا قباني التي نشرت في جريدة الحياة في 30 اغسطس 1996م بعنوان (القصيدة السياسية وزيرة الدفاع) ان الشاعر لجأ الى الاحتماء بشرنقة وكونها حول نفسه عازلا هذه النفس عن محيطها ناقدا كل ما لا يروق في هذا المحيط باسم الماضي السعيد او الجليل الذي ليس بالضرورة كذلك حين يحلل موضوعيا وهذا هو الاغتراب بعينه فالمتغيرات لن تتوقف عن الحدوث لمجرد رفضها واعتزالها والماضي المعشوق برومانسيته لن يعود ويكون الخاسر في كل ذلك هو النستولجي ولا احد سواه. ان الإنسان العربي المعاصر وهو يرى ثقافته تتوارى خلف الثقافات المستوردة القوية تتجاذبه صراعات داخية تجبره على التشبث باطراف حتى ولو كانت بالية من ماضية لكي يشعر بهويته وشخصيته هنا أصبح الشكل المعماري لغة بصرية استخدمت بطرق مختلفة للتعبير عن تلك الهوية. كما ظهرت الحاجة الى انتقاء عناصر تقليدية ذات خاصية توصلية سريعة كان من أبرزها ملقط الهواء في العمارة الخليجية المعاصرة. دون شك ان توظيف المفردات القديمة في العمارة المعاصرة اوجدت نوعا من التهجين البصري للعمارة المعاصرة في منطقة الخليج العربي. هذا التهجين البصري له مدلولات ثقافية هامة اذ انه انعكاس للتهجين الثقافي الذي يسود عالمنا اليوم نتيجة للانفتاح الإعلامي الكبير وتطور نظم الاتصال. لقد ناقش كثير من الباحثين فكرة (التهجين الثقافي) معربين عن صعوبة ايجاد ثقافة صافية لم تتأثر بالثقافات الأخرى حتى الثقافة الغربية تعاني انتشار ثقافة المغتربين فيها. ولعل العولمة Globalization التي تبرر وجود التهجين الثقافي في حياتنا المعاصرة هي نتاج ذلك التحذير المبكر الذي اطلقه بو ريكور في بداية الستينيات حول تأثير الثقافة الغربية على النواة الإبداعية للثقافات الأخرى. ان المبررات التي سقناها هي المحفزات الحقيقية للحنين للماضي. ذلك الماضي الصافي البسيط وتك الرومانسية لم توجد قط إلا في خيالنا. يقول لاوليفيه روا (هذا العالم هو عالم الهجين وعالم الحنين النوستولجي ولكن حلم الماضي لا يطرأ إلا بعد الفوات وحلمنا يشمل بالذات على كل ما نريده هو شأن التقليد الذي تدينه الحداثة تقليد لم يوجد قط). ولكن قد تكون احد اهم ايجابيات النوستولجيا هو انبعاث رموز جمعية اجتماعية وبصرية لها جذور عميقة تحقق للمجتمع ترابط ذهني وتوجد تلك اللغة الكامنة, لغة الإيحاء التي يفهمها أعضاء ذلك المجتمع. ان ادعائنا ان التوظيف المكثف للملقط الهوائي في عمارتنا المعاصرة نتج عن محاولتنا للاحتماء بالماضي من سطوة المعاصر التي افقدت ساكن مدينتنا المعاصرة ارتباطه بالمكان لا يلغي الأحساس الذي ولدته هذه الظاهرة من وعي لدى إنسان المنطقة بأهمية العناصر المعمارية التقليدية وامكانية توظيفها في العمارة المعاصرة, رغم ان هذه المحاولات لن تعيد الماضي. هذا يدعونا الى البحث عن حافز آخر جعل ملقط الهواء دون غيره يحتل هذه المكانة. لعل من أهم التفسيرات هو الحاجة الرمزية لدى الإنسان وقولنا ان ملقط الهواء تحول الى رمز بصري في المجتمع الخليجي المعاصر فيه قدر من الصحة. فالحاجة الى ابتداع الرموز لتحقيق الاتصال بين أفراد المجتمع لها قيمة مركزية في تركيبة طبيعة الإنسان. والزحف السريع للثقافة الغربية على المدينة كان عبارة عن محاولة للاستيلاء على الرموز القديمة التي كونت الذاكرة الجمعية للمجتمعات الخليجية. هذه المحاولة لإلغاء الرموز القديمة حركت أعمق ما في الإنسان وجعلته في بداية الامر يتحرك من منطلق نستولجي الى ان تطور الأمر لكي يصبح ملقط الهواء رمزا بصريا يحقق للمدينة الخليجية شخصيتها بل ويتعدى ذلك لكي يوحي للمصمم باستخدامه كرمز للوحدة السياسية والاجتماعية. لقد استخدم مصمم مقر الأمانة العامة لدول مجلس التعاون في مدينة الرياض ملقط الهواء كعنصر رمزي بصري يجمع دول المنطقة فرغم ان مدينة الرياض لا تحتوي على هذا العنصر في عمارتها التقليدية إلا ان المصمم حاول ان يزاوج ين ملقط الهواء ككتلة بصرية والفتحات المثلثةالتي تعبر عن الخصوصية المحلية لمدينة الرياض. في مقر الأمانة العامة بالرياض يتضح التفاعل المرن بين الرموز البصرية القديمة مع الرموز الاجتماعية والسياسية المعاصرة لتكون رموزا بصرية معاصرة ذات قيمة ومعنى كبيرين. لقد عبر ملقط الهواء عن الذاكرة الجمعية الخليجية من ناحية بصرية. واذا كان أوحى لمصمم مقر الامانة العامة بقيمته الرمزية كذلك فان كثير من المباني الحكومية وحتى السكنية في المدينة الخليجية المعاصرة استخدمت هذه القيمة البصرية الرمزية ذلك ان الحاجة لايجاد معان يقرأها الناس تحقق نوعا من التوزان الثقافي بين المحلي والعالمي أصبحت حاجة ملحة في وقتنا الحالي. ففي جامعة قطر ارتكزت فكرة التصميم بمجملها على ملقط الهواء لتتحول الجامعة وقاعاتها الى كبسولات ذات نهايات طرفية ترمز لملقط الهواء. بينما في حقيقة الأمر ان تلك النهايات الطرفية وظفت كملاقط للاضاءة بدلا من الهواء. ان الناظر عن بعد لجامعة قطر سوف يعتقد ان تلك المباني عبارة عن مجموعة من المباني المتلاصقة خصوصا مع المحاكاة الذكية لفكرة التباين في ارتفاع ملاقط الهواء الموجودة في العمارة التقليدية. أما في متحف الشارقة للفنون فقد استخجدم ملقط الهوا كعلامة بصرية قوية تحدد مداخل المتحف عن بعد. هذا التوظيف الرمزي الحسي لم يلغ القيمة الرمزية غير الحسية لملاقط الهواء والتي يشعر بها سكان المدينة وتعيدهم بطريقة لا يشعورية الى ماضيهم وأصالتهم. كما ان هناك بعد آخر يلمسه كل زائر للمتحف. ذلك ان مبنى المتحف ككتلة ضخمة كانت بحاجة الى تفكيك بصري لكي تتلاءم مع المنطقة التاريخية الملاصقة لها والتي اعيد تأهيلها (منطقة الفنون). ان المبنى الجديد والمباني القديمة يمثلون قيمة ثقافية واحدة, لذلك فان التكوين الرأسي لملقط الهواء وتكراره في عدة أماكن من المبنى أوجد التفكيك المطلوب وخف من ضخامة كتلة مبنى المتحف وبذلك حقق قدرا من الهرمونية البصرية اللازمة للتعبير عن ذلك التوافق بين المبنى الجديد والمباني القديمة حوله. لعل مبنى المعارض في المنامة يعد احد الأمثلة التي سبقت متحف الشارقة في استخدام ملقط الهواء للاستدلال على مداخل المبنى. هذا التوظيف البصري يبرز قدرة المعماري لاتخاذ معاني جديدة غير تلك التي كان يؤديها سابقا. كما انه اثبت انه عنصر فيه قدر من المرونة على التشكل بصورة مختلفة لاعطاء معنى واحد مستمر. هذه الثنائية البصرية التي حققها برج الهواء اعطت المصمم مساحة كبيرة للتامل معه بصورة مختلفة تقترب كثيرا او قليلا من صورته القديمة. هنا نصل الى المنبه الأخير الذي ستتناوله هذه الدراسة وهو الحركية التاريخية والمواقف الأيديلوجيه منها. قبل ان نسترسل في حوارنا نود ان ننبه ان هذا الحافز يحتوي على الحافزين السابقين لانه موقف نظري يحاول ان يفسر المعطيات الفيزيائية من خلال مدارس معمارية عالمية لقت لها صدى محلي. لقد وضح ألان كولن Alan Colquhoun ان هناك اتجاهين رئيسين للنظر للتاريخ. فهناك النظرة المعيارية Normative View التي ترى التاريخ على انه مخزن للقيم الدائمة التي تنتقل عبر الزمن على شكل اساطير وحقائق ثابتة. اما النظرة الأخرى فهي النظرة النسبية Relativistic التي ترى التاريخ على انه عملية متتابعة للتطور تمتلك فيها القيم الحضارية حقيقة نسبية. قد يعتقد القارىء لأول مرة ووهلة ان هذين الموقفين متعارضان والواقع هو في حين ان الاتجاه المعياري يوجد خارج الزمن التاريخي نلاحظ ان الموقف النسبي لا يعتمد على مجتمع ذو ذاكرة غير مرتبطة بالماضي. هذا لا يجعل هذين الموقفين خيارين بل انهما متلازمين لانه غالبا ما يكون الموقف النسبي نتيجة لنقد الموقف المعياري للتاريخ وهذ ما حصل عندما ظهرت العمارة الحديثة كاتجاه نسبي وضعي على انقاض الكلاسيكية الجديدة المعيارية في القرن التاسع عشر. وكما ذكرنا سابقا ان الموقف النستولجي هو موقف معياري نتج اساسا من الفراغ الرمزي الذي احدثه الاتجاه النسبي الوضعي للتاريخ هذا يجعل الحركية التاريخية دائرية تكرر معطياتها الايديولوجية رغم اختلاف المعطيات التقنية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال كانت المدرسة الحديثة في العمارة يقابلها تيار القومية العربية في الستينيات الذي اخذ ينادي باعادة توظيف العمارة العربية القديمة في المباني المعاصرة محاولا اعطاء المدينة العربية شخصيتها الخاصة لمواجهة التيار العالمي الوضعي الذي اخذ يستولي على جل الرموز القديمة في المجتمعات العربية.ورغم سطحية هذا الاتجاه حيث لم يتوافر له الغطاء النظري الذي يعطيه المبرر للاستمرار والتطور, إلا انه ترك بصمات واضحة على عمارة الستينيات والسبعينيات منها. كما ذكرنا التوظيف البصري لملقط الهواء في السوق المركزي وبعض العاطفة عليه غير ان الاتجاه النستولجي تكتنفه المثالية المبالغ فيها جدا. لكن سرعان ماظهرت عمارة ما بعد الحداثة وانتشرت في الوطن العربي في نهاية السبعينيات مما أوجد مبررا جديدا لاعادة توظيف عناصر العمارة التقليدية خصوصا مع الزحف المتسارع للتغيرات الفيزيائية التي كانت تعيشها المدينة الخليجية وضياع الجزء الأكبر من النسيج العمراني التقليدي في تلك المدن. يمكن تقسيم الاتجاهات الفكرية والمهنية التي تعاملت مع ملقط الهواء الى اتجاهين رئيسين: الأول هو (الاتجاه التاريخي التقليدي) اما الثاني فهو (الاتجاه التاريخي الانتقائي). هذان الاتجاهات لا يقتصران على التعامل مع ملقط الهواء فقط ولكنهما يعبران عن الموقف النظري والعملي من التراث العمراني في العالم العربي بشكل عام. لقد حاول الاتجاه التقليدي ان يتعامل مع ملقط الهواء كما هو في البيئة التقليدية من الناحية الشكلية. حيث نقل جميع تفاصيله في المبنى المعاصر رغم ان الوظيفة المناخية اهملت تماما. ولم يعد للهيكل البارز الذي يشكله ملقط الهواء أي وظيفة أخرى سوى الوظيفة البصرية. والذي يميز هذا الاتجاه هو ان ملقط الهواء نقل مع عناصر أخرى تقليدية لتعطي نفس التعبير لواجهة المباني القديمة بكل تفاصيلها. لقد انتقد كيتيت فرامبتون الاتجاه التاريخي التقليدي عندما مهد نظريته حول العمارة الواعية او النقدية Critical Regionalism فقال (واحب ان أوضح أنني لا اعني بالاقليمية النقدية أي طراز كما اني لا أعني بها إحياء لأي من الأشكال التقليدية او الشعبية مثل ما يفعله البعض في نقلهم العيني الساذج من أشكال الماضي. سوف نتحدث عن الاتجاه التاريخي الانتقائي كظاهرة ثقافية معاصرة تسود الفكر المعماري المعاصر في العالم العربي. ففكرة تطوير دروس من البيئة العمرانية التقليدية وتوظيفها في العمارة المعاصرة تلقى صدى واضحا لدى المعماريين والمعاصرين في منطقتنا. هذا الاتجاه يحكمه قطبان احدهما يتجه نحو التاريخي التقليدي. أما الآخر فيميل الى التجريد. في القطب الأول كثير من محاولات توظيف ملقط الهواء قريبة من تكوينها التقليدي إلا انها مفصولة عن باقي العناصر المعمارية في واجهة المبنى التقليدي. ففي احد المباني في مدينة الدوحةبقطر امتزج برج الهواء مع طراز اسلامي مملوكي. التكوين بشكل عام يربط هذه المبنى بالخصوصية المحلية عبر الأبراج الممتدة عن كتلة المبنى كما يربطه بالاطار الثقافي العام الذي يجد من التاريخ الإسلامي مصدر له. هذه الرغبة من مزج عناصر تاريخية مختلفة في مبنى واحد تستقي مبادئها من الموقف المعياري للتاريخ. تتكرر هذه التجربة في عدد من المساكن في حاضرة الدمام بالمملكة العربية السعودية حيث ان تلك المساكن تذكرنا بتجارب حسن فتحي الرائعة. اما القطب الآخر فكما قلنا فيه تجريد لملقط الهواء يصل الى الإيحاء كما هو الحاصل في مبنى بتلكو في المنامة وكذلك مبنى سيتي بنك في الشارقة. وان كانت درجة التدرج في التجريد اخف في المبنى الأخير, بالرغم من التجريد لم ينس المصمم في مبنى بتلكو ان يحاكي التدرج في ارتفاعات ملاقط الهواء عندما استخدمها كشكل جمالي في الأدوار السفلى من المبنى. وسواء كان توظيف ملقط الهواء عميقا كما هو الحاصل في السوق المركزي او سطحي ومباشر كما هو في الكثير من المباني. يظل ملقط الهواء احد الرموز البصرية التي تحمل امكانات كبيرة لانه تكوين منظري مغري لأي معماري لكي يوظفه في تصميمه. أستاذ النقد المعماري المشارك جامعة الملك فيصل