تعددت خيارات زوار منطقة عسير في الصيف والشتاء عندما يصلون إلى ربوعها الخضراء وأدركوا ان الوقت يمر بسرعة دون ان يحيطوا بالكثير من جمالها وآثارها وتراثها. وتمتاز المنطقة بوجود قرى قديمة مازالت تحتفظ بطابعها المعماري المميز وتراثها القديم وتمثل في عيون من يراها لوحة فنية متكاملة ومن أبرزها رجال في تهامة عسير وال خلف جنوب سراة عبيدة والعزيزة على طريق السودة وغيرها. وتمتاز قرى عسير القديمة بقاماتها المديدة وسط الضحى وأشعة الشمس تحوم حولها وتتردد بين جنباتها حكايات السمار.. شرفات مبانيها الجميلة طرقاتها المتعرجة ومداخلها ومزارعها تستلهم من نسمات الهواء العليلة معاني التجديد والإبهار ولم يزدها تقادم السنين والأيام إلا جمالا وروعة. وتحظى هذه القرى بإعجاب الزوار الذي اخذ يتنامى عاما بعد عام خاصة وان الاهتمام يكون من المسئولين بالمحافظة عليها وتطويرها وإعادة نشاطاتها الزراعية والصناعية بعد ترميمها وتوظيفها سياحيا. وفي السنوات الماضية انتشرت القرى السياحية الحديثة في أرجاء منطقة عسير وجاءت ملبية للكثير من متطلبات الزوار. وتحاكي الكثير من هذه القرى في تصاميمها المعمارية الطرز القديمة ولكنها تنفرد بميزة تقديم خدمات الإسكان الراقي والمريح وكذلك الترفيه إلى جانب ما تضمه من مطاعم ومقاه وجميع الخدمات الأخرى. ويزور القرى القديمة في المنطقة بين الحين والآخر وفود سياحية وكذلك العديد من الباحثين في الآثار والتراث ومازالت تمثل مادة خصبة لهم في حين لا تنقطع من زيارات مستمرة يقوم بها أهالي المنطقة يشرحون لأبنائهم كيف عانى الآباء والأجداد من قسوة الحياة لكن ذلك لم يزدهم إلا إبداعا وقوة متمسكين بدينهم وحبهم لقيادتهم و لبلادهم كما أنها تدلل على مدى النقلة الحضارية الكبيرة بخطواتها التنموية الطموحة التي شهدتها المملكة في فترة زمنية قصيرة جدا. ولم تعد القرى القديمة في المنطقة أطلالا وآثارا وإنما امتدت إليها يد البناء والنماء وأخذت من جديد تعج فيها الحركة وتدب في أوصالها معاني الحياة وتمارس صناعة السياحة بكل اقتدار ومثالا على ذلك (الحبلة) وكيف أصبحت في هذا الوقت من أهم مناطق الجذب السياحي في المنطقة، حيث يمكن الوصول إليها بالتلفريك خلال دقائق و بلدة"رجال" في تهامة عسير التي يصل إليها الزائر بالتلفريك من أعالي جبال السودة إلى اسفل (العوص) لينتقل في رحلة ممتعة بالحافلات إلى البلدة لا تتجاوز الخمس عشرة دقيقة. ويشعر الزائر ساعة وصوله بالدهشة والإبهار حين يشاهد قصورا على ارتفاع 8 طوابق مبنية بالحجر والطين، وفي أحد هذه المباني يوجد متحف المع ويضم اكثر من 2000 قطعة أثرية، وتم تقسيمه إلى 20 قسما، إضافة إلى المكتبة التراثية والكثير من أشياء الماضي. ان السائح بين قريتين في عسير سيجد متعة فكرية ويعيش حالة الزمان والمكان بكل تفاصيلها ومشاهدها التي تبقى في الذاكرة.