وسط ترحيب شعبي ورسمي واسع تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني إلى القاهرة غدا الاحد في ثاني محطة له في جولته العربية المهمة التي تشمل سوريا ومصر والمغرب وعشية وصول الامير عبد الله إلى القاهرة قادما من دمشق للقاء مبارك رحبت الاوساط السياسية والشعبية بقدوم سمو ولي العهد واكدت اهمية هذه الزيارة التي تأتي في توقيت بالغ الاهمية بالنسبة لمجمل القضايا العربية والاقليمية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والازمة العربية وسبل تفعيل العمل العربي المشترك. وفي هذا السياق اكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوي بالقاهرة ل "اليوم" اهمية المباحثات التي يجريها الامير عبد الله مع الرئيس مبارك والتي ستتناول المستجدات على الساحة العربية وتوحيد الرؤى حيال القضية الفلسطينية والازمة العراقية. وأكدت هذه المصادر ان هناك اتفاقا تاما في وجهات النظر بين القيادة المصرية والسعودية فيما يتعلق بهاتين القضيتين وهي ضرورة العمل على تنفيذ خارطة الطريق بالكامل وقيام اسرائيل بتنفيذ التزاماتها الكاملة في هذه الخارطة والتي تؤدي إلى اقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005، وهو ما ركزت عليه مبادرة الامير عبد الله التي وافقت عليها القمة العربية في بيروت واتخذتها القمة اساسا لاي تحرك عربي في هذا المجال. كما تتفق مصر والمملكة على ضرورة اقامة حكومة عراقية منتخبة من الشعب العراقي وان تترك الامور للشعب العراقي في تقرير مصيره وإدارة شئونه بكامل إرادته وحريته. وقد أولت الاوساط السياسية في مصر اهتماما بالغا بهذه الزيارة التي سيقوم بها سمو ولي العهد وفي هذا السياق اكد الدكتور محمد عبد السلام الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام ومدير مركز الدراسات السياسية العربية بالقاهرة اهمية المباحثات التي يجريها سمو الامير عبد الله والرئيس مبارك في هذه الظروف البالغة الحساسية خاصة بالنسبة لتطورات الازمة العراقية او مستجدات القضية الفلسطينية والتي تتطلب تحركا عربيا مشتركا وتنسيقا واضحا لمواجهة تداعيات هذه التطورات مشيرا إلى ان تحرك الامير عبد الله على المستوى العربي وهو ما تجسده الجولة الحالية في عدد من العواصم العربية يعكس إحساسه العميق باهمية مثل هذا التحرك واحساسه بجسامة التطورات في المنطقة والتي تتطلب موقفا عربيا واضحا. خاصة في ضوء المحاولات الاسرائيلية لافشال خطة الطريق. كما اضاف الدكتور محمد عبد السلام ان المباحثات تأتي ايضا في ظل رغبة عربية واضحة في تفعيل ميثاق الجامعة العربية وان كلا من مصر والمملكة يلعب دورا فعالا ومؤثرا في هذا المجال، وقد طرحت مصر مبادرة لتغيير ميثاق الجامعة كما ان المملكة العربية السعودية لها مبادرة في هذا المجال، وبالتالي فإن الأمر يتطلب تنسيقا للخروج بميثاق قوي لدعم دور الجامعة العربية في مواجهة المخاطر المحدقة بالامة العربية، وترسيخ مجالات التعاون على اسس جديدة. وقال : ان الشارع العربي يعلق آمالا كبيرة على المملكة العربية السعودية في اعادة الصف العربي وتفعيل العمل المشترك في مواجهة التحديات واقامة سوق عربية مشتركة تدعم المواقف العربية. على صعيد آخر اعرب الدكتور حلمى المراغى - استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة - عن تفاؤله بالزيارة والتى وصفها بانها عملية تحريك جديدة للمياه الراكدة التى علقت ببعض القضايا والتى تعقدت بسبب التعنت الاسرائيلى خاصة فيما يتعلق بخارطة الطريق التى تواجه صعوبات فى التطبيق بسبب التعنت الواضح من الجانب الاسرائيلى الذى لايريد الالتزام بما توصل اليه الرباعى الدولى وهو الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد الاوربى وروسيا الاتحادية والامانة العامة للامم المتحدة من اتفاق حول ضرورة تطبيق خريطة الطريق مشيرا الى ان جهود المملكة والتى تظهر فى الجولات المكوكية التى يقوم بها سمو ولي العهد لاتتوقف عند مشكلة واحدة بل تمتد الى العديد من المشاكل العالقة بكثير من القضايا العربية والتى يشكل استمرارها عائقا امام الامن العربى. ويرى المراغى ان زيارة ولى العهد تكتسب اهميتها من جانبين الاول ان المملكة العربية السعودية تعتبر من الدول التى تلعب دورا هاما فى السياسة العربية وتعمل على امن واستقرار المنطقة العربية وهذا بشهادة الولاياتالمتحدة نفسها والثانى ان المملكة تحظى بثقل سياسى عربى وتلعب دورا ايجابيا ليس الان فقط ولكن على مر تاريخها السياسى موضحا ان اولى ثورات التحرر السياسى والحصول على الاستقلال ظهرت فى المملكة العربية السعودية والتى كان لملك العرب ابن سعود الذى قاد حركة استقلالية اتسمت بالشجاعة والتى كانت البداية لحركات التحرر العربى ومن هنا فان الدور الذى تلعبه المملكة والذى قام به خادم الحرمين الشريفين واخوانه من قبله ويقوم به حاليا ولى العهد الامير عبد الله مستمد من الدور الريادى للمملكة فى المنطقة العربية والذى كان ومازال حريصا على استقرار الامن فى المنطقة. اما الخبير الاستراتيجى مصطفى عبد الرحمن فيؤكد ان الاوضاع التى تشهدها المنطقة العربية فى حاجة ماسة لمثل هذه الزيارة التى يقوم بها ولى العهد ولذلك فانها تزداد اهميتها خاصة مع ظهور بعض القضايا المطروحة على الساحة العربية فى الوقت الراهن ومنها القضية العراقية ودعوة الولاياتالمتحدة لارسال قوات عربية للعراق ورفض الدول العربية لهذه الدعوة والتى كان للملكة العربية السعودية ايضا دورا بالغ الاهمية فيها ومن ثم فان زيارة ولى العهد للقاهرة ضمن جولة عربية تشمل دولا اخرى من شأنها العمل على وضع الامور فى نصابها الصحيح خاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية كقضية الجامعة العربية ومحاولات تحديثها مشيرا الى ان الفضل فى مبادرة تطوير الجامعة العربية يرجع الى المملكة التى تبادر دائما بتقديم المبادرات من اجل تسوية القضايا العربية سواء تلك التى تنشب بين العرب وبين الكيان الصهيونى او حتى القضايا الخلافية بين الدول العربية نفسها وهو ماظهر قبل ذلك فى مبادرة السلام التى سبق ان اعلن عنها ولي العهد وايضا مبادرة تطوير الجامعة العربية والتى تشارك المملكة فيها بمقترحات جديدة سيتم عرضها على قمة تونس القادمة. ويشيد عبد الرحمن باختيار توقيت الزيارة وهو التوقيت الذى تواجه فيه الدول العربية تحديات خطيرة تمثلت فى تراجع اسرائيل عن التزاماتها بتطبيق خريطة الطريق وفى الدعوة لتطوير الجامعة العربية وايضا فى الحملة التى يقودها الكونجرس الامريكى ضد المملكة ليس باعتبارها دولة عربية لها مواقفها المشرفة وانما ايضا كممثلة للامة الاسلامية ومن ثم فان الهجمة التى يشنها الكونجرس هى تطال العرب ككل. ويتوقع عبد الرحمن ان تسفر زيارة ولي العهد للقاهرة عن نتائج ايجابية نحو دفع عملية السلام والاستقرار فى المنطفة العربية خاصة انها شريك اساسى فى بناء السلام وفي ظل تقارب فى الاهداف والنوايا بين المملكة العربية السعودية ومصر وهما الطرفان اللذان يقودان المنطقة العربية وتقع على كاهلهما مسئولية مواجهة مشاكلها. الدكتور احمد ابو الوفا استاذ القانون الدولى جامعة القاهرة يرى ان المملكة تلعب دورا بارزا فى حل الكثير من القضايا العربية وذلك على مر تاريخها وبالتالى فان للدور السعودى وكذلك المصرى اهيمة خاصة فى السياسة العربية فهى دائما صاحبة المبادرات التى من شأنها العمل على امن واستقرار المنطقة ولعل دورها بعد غزو الكويت كان اكبر دليل على انها تسعى لتسوية الخلافات العربية فى اطار عربى دون الاعتماد على قوى خارجية كما يروج البعض وانها دائما ماتنظر الى القضايا بمنظور طويل الاجل ولقد كان للمملكة رؤية بعد حرب الخليج الثانية وهى ضرورة تسوية الخلافات العربية فى اطار داخلى حتى لاتتحول المنطقة الى هدف خارجى وسعت المملكة وسعى معها الكثير من الدول العربية لتسوية الخلاف بين العراقوالكويت الذى نشب اثر غزو العراق للكويت وقدمت أراء وافكار لتفادي الازمة الا ان النظام العراقى السابق لم يكن يستمع لصوت العقل واستمر فى عناده حتى قاد المنطقة العربية الى مأزق خطير بعد احتلال العراق مشيرا الى ان جهود المملكة فى هذا الاتجاه لم تتوقف حتى فى ظل الاتهامات التى كان يوجهها النظام العراقى السابق لها ومع ذلك لم يثنها ذلك عن محاولات تسوية الخلاف الا ان عدم عقلانية النظام القديم ادت لنسف تلك الجهود وحدث ماكانت تحذر منه المملكة. ويرى الدكتور ابو الوفا ان زيارة ولى العهد ستترك اثرا ايجابيا لدى كل الدول التى يقوم بزيارتها وهى دول تلعب دورا هاما ايضا فى السياسة العربية ولذلك من المتوقع ان تكون هناك خطوات ايجابية نحو تفعيل العمل العربى المشترك خاصة فيما يتعلق بمبادرة تطوير الجامعة العربية وايضا مناقشة ماآلت اليه الاوضاع فى العراق خاصة بعد الرفض العربى للمطلب الامريكى بارسال قوات للعراق مؤكدا على اهمية اخذ ماتسفر عنه زيارة ولى العهد للمنطقة من نتائج موضع الجد والتنفيذ لان ذلك من شأنه الخروج بالمنطقة من ازماتها الراهنة والتى جاءت نتيجة لعدم الوفاق العربى وحالة الفردية التى سيطرت على بعض الانظمة. وعشية وصول الامير عبد الله إلى القاهرة اولت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة اهتماما بالغا بزيارة ولي العهد السعودي للقاهرة والتي تأتي ضمن جولة عربية تشمل دمشقوالقاهرة والرباط،حيث تصدرت انباء الزيارة والمباحثات مع الرئيس مبارك مقدمة النشرات الاخبارية في محطات الاذاعة والتليفزيون وصدر الصفحات الاولى في الصحف المصرية حيث ابرزت هذه الوسائل اهم القضايا المطروحة للنقاش امام القمة وفي مقدمتها قضايا السلام والازمة العراقية والعلاقات الثنائية.