هذا خبر أذاعته الأنباء، ثم انطوى كما ينطفيء شهاب يضيء سقف الكون لحظات ثم تبلعه الظلمة الأبدية. لو كان لي يد في أي جريدة ولو كانت صحيفة حائطية في مدرسة ابتدائية لوضعته الخبر الأول و لأبقيته كذلك مدة. على أن الذي يضرب عيوننا وكأنها أقدارنا ويخلع قلوبنا هي الأنباء التي تنقل الحرب والكراهية والجوع وضياع الإنسانية.. ثم يريدوننا أن نصير أسوياء في نفسيتنا وفي أخلاقنا وفي سلوكنا .. يا ألله ! الخبر الذي برق شهابا من أنوار هو عن هذا الأب الصيني العظيم الذي قطع ألفي كيلومتر على دراجة، نعم أعد قراءة الرقم ألفا كيلومتر على دراجة! وأمضى اثنين وستين يوما على دراجته.. لماذا؟ هذا الأب من مقاطعة هونان الصينية، و لديه ولد صغير على حدود العاشرة، كل أمنية هذا الطفل هي أن يرى ميدان (تيانانمين) الأشهر في العاصمة (بكين) التي تبعد بعدا شاسعا. على أن الطفل الذي كان العين والقلب لأبيه مرض مرضا نادرا وأكد الأطباء أنه يحتضر.. لم يضيع الأب وقتا في النحيب، بل أخذ ابنه على دراجته وانطلق في رحلة مثل الأساطير ليحقق الأمنية الأخيرة له، لم يفكر للحظة، فهو لا يملك بهذه الدنيا إلا هذه الدراجة (البدي كاب).. ووصل أخيرا إلى الساحة الكبرى في العاصمة، ليضع على شفتي ابنه بسمة السعادة قبل الرحيل .. هذا الأب، أفضل أب في العالم.. على أن الجوائز المدوية لاتذهب إلا لهؤلاء الذين يملأ ون الحياة لهوا ورخصاً .. أوسكار هذا العام لأفضل أب (من لا يملك يعطي من يستحق) هو لفلاح فقير اسمه (هوانغ يونع).. .. ولكن لم يصفق أحد!