لم يستمتع بسقوط النظام حتى سمع بأن أخوة له يموتون من الجوع في العاصمة العراقية ولا يستطيع مساعدتهم.. بعضهم سماه مختار العراقيين وبعضهم سماه دليل بغداد التائه في الشام.. يسمونه أبو حالوب (لبيد رشيد سعيد) وكي تستطيع دخول العاصمة العراقيةبغداد عليك أن تزور أبو حالوب في مقهى الروضة وتأخذ العناوين وتتعرف على العراقيين في الداخل والخارج وتعرف العائدين من بغداد أو الذين لم يعودوا بعد.. يعطيك قائمة بأسماء الشعراء والكتاب والمثقفين وأخبارا قليلة عنهم في مواعيد وصولهم للمقهى.. فقد عرف مقهى الروضة في الصالحية بأنه مقهى الكتاب والمثقفين.. شعبي وبسيط جدا لكنه يضم رموزا وأعلاما على مستوى الثقافة والصحافة والسياسة أيضا.. في بداية لقائي مع لبيد سألته كيف يرى العراق الآن.. كانت أجابته مليئة بفرح سقوط النظام وحزن الاحتلال الجديد للعراق.. ومنذ متى لم يكن العراق محتلا.. يضيف لبيد أنهم يريدون النفط ويتنازعون على النفط وماذا استفدنا نحن من النفط لقد أكملت الآن عامي ال28 خارج العراق وبعد انتهاء ال25 سنة الأولى يصبح الانتظار متشابها.. ويتحدث بسخرية ربما بعد خمسة وعشرين سنة يصبح العراق آمنا وللعراقيين.. @ أمازلت تفكر بالهجرة إلى كندا؟ @ في كندا الإنسان محترم ويستطيع أن يعيش طويلا ويعمر.. وحينما يصبح لدى الجواز الكندي سأقوم بدعوتكم لقضاء فصل الصيف هناك.. فالصيف الكندي يختلف عن أجوائنا الحارقة سواء كانت في الصيف أو الشتاء.. وحينما تشعل التدفئة لا تصاب بالاختناق من الروائح التي يخلفها لك الكيروسين أو المدفأة المشتعلة عليه.. وأنا أمتلك قبولا من الأممالمتحدة بالهجرة نظرا لحالتي.. جيد أنهم أستطاعوا دراسة حالتي بعد 25 سنة. @ لماذا لا تفكر في العودة للعراق؟ @ أين أذهب في العراق بعد 28 سنة غربة.. لقد أصبح الجو في بغداد ملوثا والتلوث يجعل الطعام غير صالح للأكل.. يعني كل شئ بحاجة إلى فترة زمنية طويلة كي يعود إلى طبيعته.. هناك مجاعات في بعض المدن العراقية.. تخيل أن يصاب المواطن العراقي بالمجاعة وهو يعيش بين نهري دجلة والفرات.. هذا ماتركه لنا الحكم السابق جوع ودمار وتدمير في بنية الإنسان الصحية والنفسية. @ كيف يمكنك تحمل الغربة الجديدة بعدما أصبح العراق للعراقيين الآن؟ @ ومن قال بأنه أصبح للعراقيين، لقد أصبح لكل الجنسيات العالمية قبل العربية.. كنا في السابق نحتفي بالجنسيات العربية، اليوم أصبح العراق بين أيديهم يفككون به كما يريدون ويصنعون ما يريدون.. لقد تمكنوا من تدميرنا من جديد.. أبو علي شاكر حمادي وكنيته أبو علي.. سألته عن مدى رغبته للعودة للوطن فقال بحسرة: كيف أعود وأين أعود لقد بعت كل أملاكي قبل أن أخرج وأنا الآن لا أملك شيئا وأصبحت باحثا عن لقمة العيش مع أبنائي.. لماذا خرجت إذن.. رد على بسخرية ولماذا أبقى فأنا منذ عام 1970 وأنا بين السجون والمعتقلات 15 مرة اعتقالا وسجنا وكل مرة بتهمة جديدة.. قتل كثير من عائلتي شقيقي وشقيقتي وأشقاء زوجتي وأملك ابنة مريضة نفسيا الآن من طريقة الاعتقال السابقة ، أصبحت تعاني ولا أستطيع علاجها .. ويضيف أبو علي أن جمعية الكنائس الكاثوليكية أصبحت تهتم بالرعايا العراقيين في دمشق فأصبحت تسأل عنهم وتحاول أن تدفع لهم مساعدة.. وقد كنا ننتظر هذا الدور من جمعيات أخرى غير المسيحية التي تحاول أن تحسن صورتها بمساعدتنا. أبو حالوب يتحدث للمحرر من مقهى الروضة