المتتبع لملف اعادة اعمار العراق يلاحظ جهود امريكا ومن حالفها وبالذات حليفتها المدللة اسرائيل، في الانفراد بعقود اعمار العراق، حيث ان هناك اوساطا رسمية في البنتاغون توجهت الى جهات اسرائيلية، وابلغتها ان لا يوجد اي مانع لديها في ان تشارك شركات اسرائيلية في حملة الاشغال والالتزامات المتعلقة باعادة بناء العراق. واعتقد ان الادارة الامريكية ليس لديها شك في قدرة دول اخرى عربية ممكن ان تساهم في اعمار العراق مثل مصر، ولكن حرصها على مصالح اسرائيل هو الذي جعل الشركة المركزية شركة (سوليل بونيه) من مجموعة (شيكو وبينوي) وهي ذات خبرة واسعة في اقامة البنى التحتية في بعض بلدان افريقيا وامريكا الجنوبية واوروبا الشرقية تستعد للاستثمار في العراق. وهناك شركات اخرى تتفحص امكانية الاستثمار في العراق في ضوء طلب اردني هي شركة (أ.ارونسون) في مجال البنى التحتية في اسرائيل، وشركة (تأهل) التابعة ل (كروان) التي تعنى بمخططات المياه و(اشتروم) الخبيرة في البناء وشركة افريقيا اسرائيل الخبيرة في شق الطرق وشركات اخرى لتجديد الجسور والنقليات وتحلية المياه. هذا من ناحية البنى التحتية اما فيما يخص المشاريع الاخرى فهو الاتفاق على قيام الجيش الامريكي بانعاش السياحة المنهارة في اسرائيل عن طريق ارسال الجنود الامريكيين العاملين في العراق لقضاء اجازاتهم فيها. كما ان اسرائيل ستوفر الفواكه والخضار الطازج للجنود الامريكيين في العراق. نرى ان القوات الامريكية لم تكتف بتخطي القوانين الدولية وحل البعثات الدبلوماسية المقيمة في بغداد، بل امعنت في سياستها واقتحمت جميع المجالات بعد حرب امتدت ثلاثة عشر عاما ولم تضع اوزارها بعد بدءا من رواية المدفع العملاق الى حمل الديمقراطية على اجنحة الصواريخ حقق جورج بوش الاب الهدف الاول من الحرب هدف منع العراق من امتلاك الحداثة، ومكونات القوة الشاملة، بينما حقق جورج بوش الابن الهدف الاكبر اصالة في الحرب بهدف السيطرة على النفط مع ان كل شيء في العراق ترك لينهار، باستثناء وتأمين وحماية آبار النفط ووزارة النفط. المشهد السلطوي الآن بسيط ويترجم المعادلة بدقة شديدة، يجري هذا في مطلع القرن الحديث يا لسخرية الاقدار المذلة.