التأجيل المتكرر لبيع ترخيصين لادارة شبكات الهاتف المحمول في لبنان يطرح تساؤلات حول مدى التزامه ببرنامج للخصخصة يعد مهما لخروج البلاد من تحت وطأة دين عام ضخم. وتعهد لبنان في العام الماضي ببيع تراخيص الهاتف المحمول وكذلك خصخصة المرافق العامة للمساعدة في حصوله على أربعة مليارات دولار قروضا ميسرة لتخفيف عبء خدمة دين عام قدره 30 مليار دولار تراكم خلال الحرب الاهلية اللبنانية في الفترة بين 1975 و1990. ومع حلول منتصف العام لا توجد علامات تذكر على تحقيق تقدم على أي من هذه الجبهات ويقول محللون ان التلكؤ يبدو كما لو انه افتقار للحسم يقلص فرص قيام المانحين بتقديم مساعدات لتخفيف محنة لبنان. وقال جيمس مكورماك وهو من كبار مديري العمليات السيادية في مؤسسة فيتش في لندن اعتقد ان الالتزام بات حقا سؤالا مطروحا مضيفا انه اذا لم تحدث خصخصة هذا العام ستكون هناك خيبة امل كبيرة. واضاف مكورماك تلك هي المشكلة التي نواجهها مع برنامج الخصخصة في لبنان. وفي الواقع فاننا لم نستطع مطلقا اخذ المواعيد والنوايا التي اعلنتها الحكومة على محمل الجد لان سجلها فيما يتعلق بالتنفيذ كان ولا يزال سيئا. وكان لبنان ينوي بيع ترخيصين لادارة شبكات الهاتف المحمول بحلول نهاية يونيو بعد تأجيل الموعد المستهدف قبلا عدة مرات من بينها تأجيل بسبب الحرب في العراق. وقال خبير اقتصادي مقيم في لندن ان اجتماع باريس 2 وفر له لبنان مزيدا من الوقت مشيرا الى اجتماع ضم مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى ودول عربية واسيوية حصل خلاله على تعهدات بقروض ميسرة لتخفيف عبء المديونية. واستطرد الخبير الاقتصادي متسائلا لكن هل يمكن توقع عقد باريس 3 اذا لم يفعلوا ايا من هذا.. اذا لم ينفذوا أي اصلاحات.. ربما يقولون الجهات المانحة في المرة القادمة .. عليكم اللجوء الى صندوق النقد الدولي. واختار لبنان في مايو الماضي قائمة تضم ست شركات تقدمت للحصول على ترخيصي المحمول لتشارك في عطاء ومزايدة الحصول على ترخيص لادارة شبكتي المحمول. لكن غازي يوسف كبير المسؤولين عن برنامج الخصخصة في لبنان لم يتمكن من تحديد الموعد الذي يمكن ان تستكمل فيه هذه العملية. واكتفى بقول ليس هناك جديد. والخصخصة جوهر خطة لتقليص دين لبنان الذي تقترب نسبته من 175 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي فيما يكبت النمو وتلتهم خدمته عائدات الحكومة. وتراجع عجز الموازنة بدرجة كبيرة وان كان لبنان يقول انه لن يحقق على الارجح الخفض المستهدف للانفاق بنسبة 25 المئة بنهاية العام. وتأجل البيع المقترح لترخيصي المحمول بسبب تشاحن بين رئيس الوزراء رفيق الحريري الذي قاد حملة الاصلاحات والرئيس اميل لحود الذي اثار انصاره ومنهم وزير الاتصالات خلافات مع الحريري. واكدت تصريحات الوزير التي نشرتها الصحف في الآونة الاخيرة واقترح فيها ان يؤسس لبنان شركتين مملوكتين للدولة لادارة شبكتي المحمول على الانقسامات بشأن البيع المزمع لاصول مملوكة للدولة فيما اظهر عدم وجود اي علامة على حل سهل أو سريع. وقال فرانسيس بدينجتون محلل شؤون الشرق الاوسط وافريقيا في جيه.بي مورجان من الواضح ان هناك خلافات في الرأي داخل الحكومة حول كيفية التعامل مع القطاع الخاص. وتابع قائلا اعتقد انه بمجرد بيع احد الاصول .. ربما ييسر ذلك المضي قدما في ابرام صفقات اخرى. ويشك آخرون في ان ايا من عمليات الخصخصة المقترحة بما في ذلك بيع شبكة توزيع الكهرباء وشركة اتصالات للخطوط الهاتف الثابتة وقطاعات من مرفق المياه يمكن ان تمضي قدما هذا العام طالما استمرت الازمة بين الحكومة والرئاسة. وقال مسؤول في مصرف استثماري لبناني ان المشكلة ليست انهم لا يريدون ذلك. انهم يريدون ذلك مضيفا انه لا توقع تنفيذ اي عملية خصخصة ما لم يحدث تغيير في تشكيلة الحكومة. واضاف لن يتحقق شيء طالما ان كلا منهما يعارض الآخر. وقال محللون ان لبنان يحتاج الى تدفق ما بين ملياري وثلاثة مليارات دولار من الخصخصة لتقليص دينه بدلا من تدفق مستمر للدخل من شبكات الهاتف التي تديرها حاليا شركات تابعة للقطاع الخاص. وحذروا من ان الوقت الذي كسبه لبنان العام الماضي ينفذ. وقال سمير زايد محلل شؤون الشرق الاوسط في مؤسسة ايديا جلوبال في لندن نتائج اجتماع باريس 2 يمكن ان تنقذ الحكومة هذا العام. واستطرد قائلا ننظر الى اوائل العام القادم .. اقول ان الضغوط ستبدأ عندئذ في التزايد. وكما يقولون في السوق فان كل شيء ينهار مرة واحدة مجرد ان تهتز الثقة.