الرؤساء الامريكان عادة لا يزورون افريقيا لكن بوش في جولته الافريقية الحالية التي تستغرق 5 أيام يزور خلالها 5 دول افريقية. تمثل هذه الجولة خطوة على الطريق الصحيح في العلاقات مع القارة السمراء. ومنذ زمن بعيد كان الغرب يعامل افريقيا كما لو كانت محكوما عليها بالحروب والفقر والمرض. في الآونة الأخيرة علم الرئيس بوش بأن القارة تتطلع لمستقبل افضل ويمكن للولايات المتحدة ان تلعب دورا محوريا في هذا المستقبل. تحويل الاقوال الى افعال يستلزم ليس فقط الرحلات المكوكية والتصريحات الرنانة، بل يجب على الرئيس بوش ان يطلب من الكونجرس تمويل هذه المبادرة بالاموال الوفيرة لمحاربة الايدز وتنمية هذه الدول، ويجب عليه ايضا ان يتحدث بصراحة مع زعماء تلك الدول حول الجهود التي يجب ان يبذلونها لتحقيق هذه الطموحات. والمعروف ان سكان افريقيا السوداء يمثلون اكثر من 11% ممن يعيشون على الارض. مستقبل هذا العدد يتوقف على مدى قدرة البلاد على السيطرة على الايدز، والصراعات العرقية والمدنية، والحكومات التعسفية الفاسدة، والاقتصاد الضعيف غير القادر على توفير فرص العمل. في كل دولة من الدول الخمس التي سيزورها بوش (السنغال، جنوب افريقيا، بوتسوانا، اوغندا، نيجيريا) تظهر واحدة او اكثر من تلك المشاكل. السنغال، دولة ديمقراطية لكنها مهددةمن قبل بعض العناصر الانفصالية المتمردة في اقليم كازمانس. بالرغم من ذلك فقد بذلت السنغال جهودا كبيرة من خلال اشتراكها في محادثات سلام مع جيرانها في سيراليون وليبيريا وساحل العاج. وبالنظر الى جنوب افريقيا نجدها افضل الدول الافريقية من حيث النمو الاقتصادي لكنها اكثر الدول التي تعاني الايدز. ويعتبر الرئيس الجنوب افريقي تابو مبيكي من اكثر حكام افريقيا السوداء احتراما وهيبة. لكن عجزه عن التصدي للايدز ادى الى تدهور الحالة الصحية في الداخل وقوض جهود الدول المجاورة في التصدي للمرض. يريد بوش أن يقنع الرئيس مبيكي اثناء جولته في جنوب افريقيا باتباع برنامج امريكي متخصص ومتقدم لمحاربة الايدز، مما ينقذ الكثير من الناس. من جانب آخر فغن مبيكي فشل في احتواء الازمة التي نتجت عن سقوط زيمبابوي بعد اعتلاء روبرت موجابي الحكم بالقمع والخداع. أما بتسوانا الغنية بالثروة المعدنية فإن شعبها محب للديمقراطية ومستقر سياسيا، لكنها تعاني ارتفاع نسبة مرضى الايدز وتشكل الاكثر نسبة في افريقيا حيث تبلغ 2 من كل 5 بالغين. وبعكس مبيكي فإن الرئيس البتسواني عمل جاهدا لاحتواء المرض. لابد من اتخاذ وسائل اكثر فاعلية من تلك التي بدأها الرئيس الاوغندي في حملته ضد الايدز. الرئيس الاوغندي موسيفيني تحدث عن الايدز في كل المحافل وفي كل القرى حتى وصل الى نتيجة فعالة ادت الى نقص النسبة بمقدار الثلثين. لكن حكومة موسيفيني ستبدو اكثر صراحة باجازة الاحزاب المعارضة واجراء انتخابات نزيهة. هذه النقطة يجب ان يركز عليها بوش. وفي نهاية الجولة يزور بوش اكثر الدول كثافة سكانية وهي نيجيريا. ويرفض الرئيس النيجيري اوباسانجو الاستبداد العسكري. لكن فترة ولايته الاولى كحاكم مدني كانت مخيبة للآمال حيث فشل في النهوض بالاقتصاد ومحاربة انتهاكات حقوق الانسان ولم يبذل ما في وسعه لعلاج الانقسام الديني والعرقي. والان يشترك اوباسانجو في الجهود المبذولة لاحلال السلام في ليبيريا واقامة حكومة انتقالية بها. وسيركز بوش على اعطاء اوباسنجو الفرصة لتدعيم سياسته الداخلية حتى يمكن تصديقه خارجيا.