المكرم الدكتور ناصح الرشيد السلام عليكم ورحمة الله بعد أن ضاقت الدنيا بعيني، وبعد أن فقدت كل أمل في أن أعيش حياتي سعادة قررت أن أكتب لك لتساعدني في حل مشاكلي التي بدأت منذ أن كنت في الثالثة عشرة من عمري بوفاة والدتي بعد معاناتها 4 سنوات من مرض السرطان. كنت أنا الكبيرة فتحملت مسئولية البيت كاملة بما فيها أبي وأخوتي الصغار.. لكن أبي لم يعجبه الحال فتزوج وجاء لنا بوحش آدمي يطلق عليه (زوجة أب) كانت قاسية القلب لا تعرف الرحمة أبدا وهكذا عشت فترة مراهقتي في ألم ومعاناة.. لكنني وجهت كل همي للدراسة فنجحت في الثانوية العامة بتفوق وهكذا فعلت بالجامعة فقد تخرجت قبل عدة سنوات بامتياز مع مرتبة الشرف. عندها شعرت بأن الدنيا قد بدأت تبتسم لي فصرت أحلم بالوظيفة المناسبة وككل فتاة بالعريس المناسب وببيت المستقبل وبأطفال أمنحهم كل الحب والحنان الذي افتقدته في حياتي.. لكن أحلامي بدت كسراب فلم أستطع الحصول على الوظيفة.. ولم يتقدم أحد بخطبتي لا لعيب في شكلي أو شخصيتي وانما لسوء طباع والدي وطمعه الشديد. وذات يوم اتصلت على الخاطبة وطلبت منها عريسا مناسبا.. جاءت الخاطبة بعد فترة وجيزة بشاب على خلق ومن عائلة طيبة.. سارت الأمور بشكل طيب حتى جاء وقت الاتفاق بين العريس وأبي على الأمور المادية فطلب أبي مهرا كبيرا.. ولأن العريس لا يستطيع دفع هذا المهر فقد ذهب ولم يعد. جن جنوني وشعرت بيأس شديد وحقد على والدي الذي يحرمني السعادة. تجرأت واتصلت هاتفيا على الشاب المتقدم وأخبرته بأنني سأوفر له كل المال اللازم لاتمام زواجنا على أن يبقى هذا الأمر سرا بيني وبينه، وافق الشاب وعاد لزيارة والدي ووافق على كل شروطه.. بعدها أصابتني حالة نفسية، فأنا لا أعرف كيف أدبر المال.. ويجب أن أتصرف بسرعة زين لي الشيطان طريق السرقة، خططت للأمر جيدا حتى لا أفتضح فسرقت مبلغا من المال.. نعم سرقت ولا أدري كيف فعلت ذلك والأدهى من ذلك أنني سرقت المال من أبي.. وأعطيت المبلغ لخطيبي الذي ذهب مع الريح.. نعم أخذ المال واختفى.. وبعد شهرين فقط علمت بأنه قد تزوج من احدى قريباته.. ماذا أفعل الآن وأنا أرى أبي يتحسر على أمواله المسروقة ويدعو على السارق ليل نهار. إني أشعر بالندم الشديد على كل ما فعلته.. ماذا أفعل؟! كيف أتصرف.. هل أصارح أبي ليرتاح ضميري.. أم أسكت.. أرجوك ساعدني يا دكتور ناصح. @@ ...سعاد التي لم تعرف السعادة ... الاعتراف واجب الأخت/ سعاد في البداية نود أن نحييكِ على أمرين: الأول: هوتحملك للمعاناة والمسؤولية بعد وفاة والدتك واتجاهك الى الدراسة وتفوقك. ثانيا: على صراحتك وصحوة ضميرك تجاه ماحدث ونقول لك ان من حق والدك أن يتزوج ولكن من الواجب عليه مراقبة وتفهم مشاكل أولاده مع زوجة الأب فهو راع ومسؤول عن رعيته، وتوجيه الزوجة للمعاملة الطيبة والحنو على الأولاد أمر واجب.. ومن حقك أيضا أن تعملي وتتزوجي وتحلمي بالمستقبل وبالأسرة.. وهذا حق مشروع لك ولكن كيف يتحقق؟ هل يتحقق بالاتصال بخاطبة مع وجود جهات وجمعيات عديدة تتعامل بسرية تامة وتسعى للتوفيق بعد البحث والمشورة وتعمل بأمانة من أجل ذلك؟ ولي هنا أن أسألك كيف حكمتي على الشاب بأنه على خلق ومن عائلة طيبة وأنت لا تعرفيه؟.. هل يدفعنا اليأس أحيانا للحكم السريع والقرارات الخاطئة غير المدروسة. أم نبحث ونتروى ونسأل أولا؟ عموما قبل أن نستطرد في الحديث نقول لك أن قضية غلاء المهور قضية يعانيها المجتمع وتحول دون تحقق الاستقرار الاجتماعي لأنها تقود الى مشكلتين خطيرتين: الأولى: وتتمثل في ازدياد أعداد غير المتزوجات وما يترتب على ذلك من أمراض عضوية واجتماعية ونفسية لهذه الفئة من النساء وأسرهن. الثانية: تفاقم الديون.. فغلاء المهور يدفع بع1ض الشباب إلى الاستدانة من البنوك أو شراء سيارات بالتقسيط وبيعها أو غير ذلك مما يترتب عنه عش زوجية غير مستقر ومهدد بالانهيار أما لسجن الزوج أو تعاظم الأمراض النفسية أو غيرها. وهاتان المشكلتان هما الأبرز فثمة مشاكل أخرى عديدة ياليت الآباء يتفهموها وياليت الدعاة ووسائل الاعلام تخصص أسبوعا في العام يطلق عليه (أسبوع التيسير) أو (أسبوع التكافل) أو (أسبوع المهور) أو غيره لوضع القضية على المحك والدفع بها دائما الى الواجهة كقضية عامة وهامة. ونعود الى مشكلة سعاد لنقول لها نحن هنا لسنا بمجال محاكمتك أو تأنيبك فأنت قمت بذلك تجاه نفسك وضميرك وعرفت أن هناك خطأ حدث نتيجة أسباب عدة وبقي عليك المواجهة.. أي الاعتراف للوالد بما حدث ربما يمكن له أن يتصرف التصرف المناسب أو يأخذ الأمر عظة ودرس هوالآخر فلا يبالغ في مطالبه وأيضا حتى يرتاح ضميرك وربما بعد ذلك يفىء الله عليك بالزوج المناسب الذي يعوضك عن المعاناة خيرا وسعادة. وهنا أيضا لن ننسى العريس الذي تزوج بمال حرام واستباح لنفسه ذلك ونتمنى أن يصحو ضميره وأن يرد ما سلبه إلى أصحابه حتى يهنأ في زواجه ويباركه الحق جل وعلا. فهل يفعل ذلك؟ نتمنى ونأمل. وفقك الله يا سعاد وهداكِ ولعل في بعض الصبر الخير الكثير. ......ناصح