أعلنت الولاياتالمتحدة تعليق ما وصفته مساعداتها العسكرية «غير القاتلة» للمعارضة السورية، بسبب استيلاء مجموعات اسلامية على المعبر الذي تدخل منه هذه المساعدات من تركيا، في تطور قد يزيد من صعوبة وضع المعارضة، في وقت يواجه السوريون اللاجئون الى لبنان تهديدا من نوع آخر يتمثل بعاصفة تجتاح خيمهم الهشة وسط برد قارس. وأعلنت السفارة الاميركية في انقرة ان واشنطن علقت مساعداتها غير القاتلة لشمال سوريا بعد استيلاء الجبهة الاسلامية على منشآت للجيش السوري الحر المرتبط بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. وقال ناطق باسم السفارة تي جي غروبيشا: «بسبب هذا الوضع، علقت الولاياتالمتحدة تسليم اي مساعدة غير قاتلة لشمال سوريا». الا ان غروبيشا اوضح ان القرار لا يشمل المساعدات الانسانية، لانها توزع عن طريق منظمات دولية وغير حكومية. وكانت واشنطن اعلنت بدء تقديم مساعدات عسكرية «غير قاتلة» الى المعارضة السورية في نهاية شباط/فبراير، وهي عبارة عن حصص غذائية وادوية للمقاتلين والبسة واجهزة اتصالات ومناظير ليلية... واعلنت بعد بضعة اشهر زيادتها بنسبة الضعف. وكانت الجبهة الاسلامية المؤلفة من ابرز الالوية والكتائب الاسلامية المقاتلة في سوريا والداعية الى انشاء دولة اسلامية سيطرت مطلع الشهر الجاري على مقار تابعة لهيئة الاركان في الجيش السوري الحر، وبينها مستودعات اسلحة عند معبر باب الهوى بعد معارك عنيفة بين الطرفين. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان هذه الجبهة سيطرت كذلك على المعبر الذي كانت تديره مجموعات عدة تابعة للجيش الحر، وعلى مقار هذه المجموعات الموجودة في المكان. كما اشار الى ان «جبهة النصرة» التي لا تنتمي الى الجبهة الاسلامية سيطرت على كميات من الاسلحة الموجودة في المخازن على المعبر. وتستخدم هذه المخازن لتمرير الاسلحة وغيرها من المساعدات التي تتلقاها المعارضة المسلحة من الخارج عبر الاراضي التركية. وتشكلت الجبهة الاسلامية في 22 تشرين الثاني/نوفمبر وهي اكبر تجمع لقوى اسلامية مسلحة في سوريا. ولم يتضح ما اذا كانت هناك جهة خارجية تدعمها. واعلنت الجبهة في الثالث من كانون الاول/ديسمبر انسحابها من هيئة الاركان بسبب «تبعية» هذه الاخيرة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وعدم تمثيليتها. ومن شأن تعليق المساعدات الأميركية ان يزيد نسبة الاحباط في صفوف المعارضة المسلحة التي تندد باستمرار بعدم تنفيذ وعود «الدول الصديقة» للمعارضة لجهة تقديم مساعدات، والتي تطالب باسلحة وتجهيزات من اجل مواجهة النظام الذي يملك ترسانة من الاسلحة المدمرة والطائرات الحربية. وتجد المعارضة السورية عزاءها في دول مجلس التعاون الخليجي الذي أكد قادته في ختام قمتهم أمس في الكويت «دعمهم لقرار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري». في هذا الوقت، وفي فصل جديد من معاناة اللاجئين السوريين خارج سوريا، يواجه الآلاف منهم في خيم هشة مستحدثة في مناطق عدة من لبنان عاصفة قاسية ينتظر ان تشتد خلال الساعات القادمة. وابدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة قلقها على اللاجئين الذين غطت الثلوج خيم بعضهم بينما دخلت مياه الامطار الى البعض الآخر. وتعمل المفوضية على مدار الساعة لتأمين مستلزمات الشتاء بما فيها اغطية حرارية ومبالغ مالية من اجل الحصول على وقود للتدفئة. لكن على الرغم من كل هذه الجهود، تقول ليزا ابو خالد من المفوضية لوكالة فرانس برس: «نحن قلقون لأن البرد قارس في منطقة البقاع (شرق لبنان)، ونحن قلقون خصوصا على اللاجئين الذين يعيشون في خيم، لأن بعض هذه الامكنة تفتقر الى الحد الادنى من الحماية». في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، والتي تستضيف عشرات الألوف من اللاجئين السوريين، غطت طبقة من الثلج الارض واحاطت بمئات الخيم المستحدثة هنا وهناك. وقال عضو المجلس البلدي في عرسال وفيق خلف في اتصال هاتفي: «إن درجة الحرارة تدنت خلال اليومين الماضيين الى ما تحت الصفر خلال النهار، وكان الجليد يغطي الارض. الآن الحرارة تتراوح بين درجتين واربع درجات». واضاف: «ان اللاجئين السوريين يرتجفون من البرد، لا سيما اولئك الموجودين في الخيم التي اجتاحت المياه العديد منها، وهناك نقص في المازوت الذي يتدفؤون عليه». في الاردن، اعلن مصدر رسمي اعداد خطة طوارئ لتأمين اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري الذي يقع في شمال المملكة على مقربة من الحدود السورية، والذي يأوي اكثر من مئة الف لاجئ، عشية عاصفة جوية بدأت تضرب البلاد منذ صباح الأربعاء. وقال العميد وضاح الحمود، مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين لوكالة فرانس برس: «ان الادارة تنفذ، وبالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة والمنظمات الانسانية العاملة في مخيم الزعتري الذي يأوي 117 الفا و711 لاجئا سوريا، خطة طوارئ بسبب الظروف الجوية السائدة في المملكة». واضاف: «ان الادارة تنسق مع الجهات المختصة لفتح الطرق لتسهيل حركة الاليات للوصول الى الحالات الطارئة، وفتح قنوات تصريف المياه، للحيلولة دون تشكل البرك المائية وفتح هنغر مجهز بمختلف وسائل التدفئة والافرشة لاستقبال الحالات الطارئة». واوضح الحمود ان «الادارة قامت بالتنسيق مع مديرية الدرك ومديرية الدفاع المدني من اجل تقديم الخدمات ومعالجة أي حالة طارئة قد تطرأ داخل المخيم خلال الظروف الجوية الحالية». وتابع: «تم زيادة عدد دوريات النجدة لمساعدة اللاجئين في حال طلب أي مساعدة وتسهيل حركة السير تجنبا للحوادث»، مشيرا الى وجود «غرفة طوارئ في المخيم تعمل بالتنسيق مع غرفتي عمليات محافظة المفرق (70 كلم شمال) وشرطتها». وقال انه «تم التنسيق ايضا مع شركة الكهرباء في الشمال والتأكد من جاهزية خططها ومحولات الكهرباء داخل المخيم». ورغم الظروف الجوية السائدة، اكد الحمود «دخول 693 لاجئا سوريا الى الاراضي الاردنية أمس الاربعاء». وبحسب الارصاد الجوية في الاردن فإن عاصفة جوية بدأت تضرب البلاد اعتبارا من الاربعاء وتستمر أياما عدة، مصحوبة بأمطار غزيرة وثلوج يرافقها انخفاض حاد في درجات الحرارة. ويستضيف الاردن الذي يملك حدودا تمتد لاكثر من 370 كيلومترا مع سوريا، اكثر من نصف مليون لاجئ سوري، منهم نحو 120 الفا في مخيم الزعتري. وادى النزاع المستمر في سوريا منذ اذار/مارس 2011، الى نزوح اكثر من ثلاثة ملايين شخص الى دول الجوار مثل الاردنولبنان والعراق وتركيا، هربا من اعمال العنف التي اودت بحياة نحو 126 الف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.