مالحةٌ في فمِنا القصائد مالحةٌ ضفائرُ النساء والليلُ، والأستارُ، والمقاعد مالحةٌ أمامنا الأشياء (نزار قباني) هل نظر الباحثون عن السلام إلى هذا الوجه؟ هل أدركوا معنى القهر عندما نغمض العيون على أشلاء جثة؟ هل تأتي كلمات المواساة بديلا عن "الدم" الذي لا يوازي قنينة ماء في ملوحة البحر الميت؟ أو يساوي حتى برميل نفط في أكثر الأحيان تفاؤلا! آه .. الآن ، والآن فقط أدركت لماذا سموه البحر "الميت"! لم اكن على استعداد لأن أكذب كتب الجغرافيا وما سطرته رحلات "ابن بطوطة"، منذ مهد مناهج التعليم التي درسنا فيها أن فلسطين دولة عربية على الخارطة. ولم أكن على استعداد لأن أكذب كتب التاريخ الذي يحاولون تغييره من أن أبناء العمومة هم أول من يطعن في الظهر، منذ أن رفع "يهودي" في المدينة طرف ثوب مسلمة، وكيف خان بنو قريظة وبنو النضير، وكيف نافقوا وجادلوا وأخيرا تواتروا علينا. الآن أيضا أصبح مفروضا عليّ أن أصدق أن رحلات "بن جوريون" ودبابات بيجين وقنابل شامير وأباتشي شارون.. هي المقرر الذي يجب أن نعتمده ونعترف به ونرفع أيدينا تسليما بقضاء الله وقدره. الآن بعد البحر الميت عرفت معنى الحياة فوق برميل من البارود التلمودي أو السير على لغم من وصايا الحاخامات الذين فرّخوا للمستوطنين أعشاشا من الدبابير الخارجة من الشقوق. هل شاهدتم فيلما اسمه " The Play Of Peace " أي لعبة السلام؟ البطل ليس إلا شاهدا لا يسمح له بالحديث أو الاعتراض ؟ والبطلة لا ترى.. والمتفرجون لا يسمعون ! وكأن أربعين عاما في دمي .. لا تساوي دقائق تسمر العالم أمام مشهد افتتاح لم يستغرق سوى دقائق كان على دبابة أن تبسط هيمنتها علنا وتدفعه أرضا، كان قبلها جندي يلف رأسه بعلم الاحتلال، وكثير من الجموع ترميه بحجارة من سجيل.. أما المذهولون خلف الشاشات فقد تحجروا .. ها هي الأسطورة تهوي إلى جحيم المارّةِ ونعال أحذيتهم، فمتى يكون القصاص كتابا مفتوحا على رقاب كل المجرمين. دمي .. لا ينتمي لجبل صهيون.. لذا لا يلتفت العالم إليه! ودمي الأحمر ليس ماء تبخره الحرارة فيعود مطرا يظلل المستوطنين.. وجسدي مجرد نوع من السماد كي يورق الزيتون في الأرض المحتلة. يا أيتها الأم الغارقة في دماء أبنائها.. كوني كالخنساء ولا تبكي بعد الجاهلية صخرا .. أو حجرا أو حرفا أو حتى رجلا.. كوني في "القادسية".. قصيدة رثاء تبكي الجميع إلا أنا؟! أما لماذا؟ فاسألي البحر "الذي مات" منذ 1000 عام .. ولا يزال! فلا تسألي العزاء!!