في إحدى الحفلات هناك «في بلاد بررا»، كانت هناك فتاة جميلة، جميع الشبان يراقبونها، وصاحبنا متردد، لكنه في نهاية الحفلة تقدم إليها ودعاها إلى فنجان قهوة، قبلت الدعوة، كان مضطرباً، ولم يستطع الحديث، هي بدورها شعرت بعدم الارتياح، وكانت على وشك الاستئذان. فجأة أشار للنادل قائلاً: رجاء أريد بعض الملح لقهوتي، الكل نظر إليه باستغراب واحمر وجهه خجلاً، ومع ذلك وضع الملح في قهوته وشربها، سألته بفضول: لماذا فعلت ذلك؟ هل هي عادة؟ رد عليها: عندما كنت صغيراً، كنت أعيش بالقرب من البحر كنت أحب البحر وأشعر بملوحته، الآن وكل مرة أشرب القهوة المالحة أتذكر طفولتي، بلدتي، أصدقائي واشتاق لوالدي. حينما قال ذلك دمعت عيناه وتأثر كثيراً، كان ذلك شعوره الحقيقي، قالت في سرها الرجل الذي يستطيع البوح بشوقه لبلده وأهله لا بد أن يكون رجلاً محباً يشعر بالمسؤولية تجاه بلده وأسرته، ثم بدأت بالحديث عن طفولتها وأهلها. استمرا في التلاقي واكتشفت أنه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها ذكي، طيب القلب، حنون، كان رجلاً جيداً وكانت تشتاق إلى رؤيته والشكر طبعاً لقهوته المالحة! تزوّجا وعاشا حياة رائعة وكانت كلما أعدت له قهوة وضعت فيها ملحاً، وبعد أربعين عاماً توفاه الله وترك لها رسالة: «عزيزتي، أرجوك سامحيني، سامحيني على كذبة حياتي كانت الكذبة الوحيدة التي كذبتها عليك القهوة المالحة! أتذكرين أول لقاء بيننا؟ كنت مضطرباً وقتها وأردت طلب سكر ولكن نتيجة لاضطرابي طلبت ملحاً! وخجلت من العدول عن كلامي فواصلت، لم أكن أتوقع أن هذا سيكون بداية ارتباطنا سوياً أردت إخبارك بالحقيقة بعد ذلك، ولكنني خفت أن أطلعك عليها، فقررت ألا أكذب عليك أبداً وهكذا عشت معك حياتي الآن أنا أموت لذلك لست خائفاً من اطلاعك على الحقيقة، أنا لا أحب القهوة المالحة، يا له من طعم غريب! لكنني شربت القهوة المالحة طوال حياتي معك ولم أشعر بالأسف على شربي لها، لأن وجودي معك يطغى على أي. دموعها أغرقت الرسالة وصارت تشرب القهوة مالحة سألها أحدهم: ما طعم القهوة المالحة؟ فأجابت أنها حلوة. أنقل القصة كما وردتني واستفيد ومن رغب منكم في معرفة سبب المثل العربي الشهير «الكذب ملح الرجال»، وربما هو الملح الذي يجعله «حلواً»، والأمر الآخر أن هذه القصة تكشف سبب اتهام النساء للرجال بقلة الرومانسية، وهو باختصار أن القهوة العربية مرة الطعم ولا يضاف عليها السكر، وبالتالي لا يمكن استبدال الملح به، ويمكن للاختبار والتجربة طلب إضافة الملح للشاي أثناء الرؤية الشرعية بين العروسين، ليتمكن أحدهما أن يغازل الآخر مستقبلاً بقوله: «الشاي الشاي الشاي... أوصف لك يا حبيبي الشاي». [email protected]