لم تحظ كلمة باهتمام وبحث, وتمحيص, وإثارة بقدر ما حظيت كلمة ارهاب وما يتشعب عنها, وبطبيعة الحال فان الأمر مطلوب, والبحث بهذه القضية الحيوية واجب وتحليلها, وتتبع أسبابها, ومبرراتها ان وجدت, واشكالها, والوانها, كل ذلك ضروري من اجل ان تستقيم امور التعاملات بين البشر, ففطرة الانسان السوية بحد ذاتها هي عدو للإرهاب, ولا تتوافق, ولا تتناسب معه بأي شكل من الأشكال ولا ادل على ذلك من واقع المملكة فانها قائمة على الاسلام, ومهتديه بهدي القرآن, لذلك تجد طبيعة قادتها وشعبها, وتوجهها نافرة من الارهاب مستهجنة له, ومستنكرة, قبل الاحداث التي وقعت في الرياض, وبعدها. ان الدين الاسلامي الحنيف وهو دين الفطرة السوية, هو العدو الاول لكل ما هو ارهابي, ولكل اشكال الارهاب, سواء صدرت من غير المسلمين, او من بعض من ينتمون لهذا الدين, مهما كان موقفهم ومحلهم من الاعراب. ان من بديهيات الحياة ان هناك اعداء للفطرة, وبالتالي للدين الاسلامي الحنيف على مر العصور وتعاقب الأزمان, ومهما تعددت الأمكنة, وهؤلاء الأعداء في كل زمان او مكان يبتكرون موضة او موجة يركبونها في حربهم ضد الاسلام, وهم يظنون انهم يقدرون على اطفاء نور الحق, لكن الله تعالى متم نوره ولو كره الكافرون, ان الموجات - ومهما بلغت شدتها, ومهما كانت عاتية - فانها لن تستطيع النيل من هذا الدين الحنيف باعتداله, وبالحب الذي يدعو اليه, وبالتسامح الذي يعطيه للبشرية جمعاء. ان موجة العصر الحالي انما هي موجة الارهاب, هذه الموجة التي اكتسبت قوتها وشهرتها بفعل اطراف عديدة يشكل أركانها اعداء الأمة من الخارج وبعض من ابناء الأمة سواء عن قصد او بدون قصد, وعلى هذا سارت الموجة وأخذت قوتها وصارت حديث القاصي والداني.. للأسف كل نعوت الارهاب تلصق بالمسلمين والاسلام, وصار المسلم هو الارهابي, بل صار هناك تطابق بأذهان العديد من الناس ما بين كلمة مسلم وكلمة ارهاب, وانتشرت المطبوعات تسير بالخبر, اما الفضائيات ووسائل الاعلام من انترنت وغيره فحدث ولا حرج. لماذا كل هذا؟ انه العداء لنور الحقيقة والحق, انه العداء لكل ما هو مسلم, انها المحاولة اليائسة للنيل من هذا الدين الحنيف وأهله ومثله واخلاقه, ولا شك في ان الاسلام برىء من كل عنف وارهاب والتاريخ يشهد, والجغرافيا تشهد, حتى ان احد الغربيين انفسهم يقول لم يعرف التاريخ فاتحا ارحم من العرب, انهم في عز قوتهم ومجدهم وفتوحاتهم, لم يقتلعوا شجرة, ولم يظلموا احدا, ولم يقتلوا بغير وجه حق, وبكل الاحوال لم يكن المدنيون هدفا لهم اطلاقا, بينما كل الصفات السلبية والتي تتجسد فيها كل معاني الظلم والاستبداد والطغيان والعدوان انما عرفها العالم وعرفتها البشرية من شعوب وحضارات اخرى غير الاسلام, وهاهي الحضارة الغربية بكل طغيانها, وصلفها, وجبروتها, تمارس ابشع انواع الارهاب, والاضطهاد بمبررات شتى, تفرضها بقوتها, وآلتها الاعلامية, ومكرها الكبار, وقيام بعض ابناء الأمة الذين ضلوا الطريق السوي بهذه الأفعال تقليد لما عرفوه من الثقافات الاخرى, وهذا الأمر لم يكن يوما نابعا من ثقافتهم الاسلامية. لقد ألبس المغرضون الاسلام لباساغير لباسه, ووضعوا له امورا ليست من جوهره ولا من شكله ولا من صحيحه, وهذا هو الأمر الذي يريدون حتما منا ان نقتنع به, يريدون من كل البشرية ان تنبذ دين الملة السمحاء لتتجه الى أين؟؟ الى حضارة شريعة الغاب, الى هضم حق المظلوم, الى حضارة الأسياد والعبيد؟ حضارة التفسخ والمجون والعربدة البهيمية الى المخدرات, والمسكرات, والشذوذ, والضياع, والخسران المبين في الدنيا والآخرة, هذا ما تريده ثقافة اليوم من هجمتها المسماة باسم الارهاب ونبذ الارهاب. عندما يكون الأمر معاداة حقيقية للارهاب الحقيقي وللتطرف والمغالاة فاننا كمسلمين اول المحاربين على هذه الجبهات, لأننا نريد ارضا بلا ارهاب, نريد ثقافة لا تعرف ظلما ولا بغيا ولا عدوانا, نريد جدالا بالتي هي أحسن, وهذا بالطبع ما يغيظ الأعداء. ان هذه هي الحقيقة, وهذه هي النقطة التي تخيف الأعداء, ولهذا فان الهمم يجب ان تشحذ بهذا الاتجاه, وتسير بهذا الشكل من الدفاع المشروع, الشكل الذي يوضح براءة الاسلام من كل ما هو ارهاب وعنف وتطرف وذلك بشتى السبل المشروعة والطرق الملتزمة بسيل الحق, وعلى هذا الصعيد فهناك دور لا يجوز التهاون فيه ولا التغاضي عنه, فهو على غاية الأهمية وبمنتهى القوة والايجابية, انه دور الملتقيات العلمية في توضيح مفهوم الاسلام عن الارهاب, وبتوضيح نظرة الاسلام للارهاب, وبموقف الاسلام من العنف مهما كان مصدره, ان على الملتقيات دورا كبيرا في سبيل نشر الحقيقة ليسود العدل والسلام والمحبة والاخاء, ان في قيامها بذلك اسهاما في ترسيخ نظرة الاسلام الوسطى السوية المعتدلة والصحيحة سواء عند المسلم او عند غير المسلم, وبعد ان يقر الملتقى ذلك يأتي دور وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, قديمها وحديثها, قويها وضعيفها لنشر الحقيقة فتقوى بها وتنال رضا الله تعالى. انها لدعوة لكل العالم كي يرى الحقيقة الناصعة البياض حقيقة ابتعاد المسلم عن كل ما هو ارهابي, حقيقة ان الاسلام هو دين رحمة ومودة وألفة وتكافل اجتماعي. ان ما يدعى بثقافات القتل والاغتيال هي ثقافات لا علاقة لنا بها, وانما أتت الينا من وراء البحار, وهي عدونا الاول قبل ان تكون عدوا لغيرنا, ويدنا ممدودة للكفاح ضدها قبل ان تمتد اليها أيادي الغير, فديننا هو الدين الذي يحمي البشر من الظلم والعدوان, وهو الدين السمح الذي يسعى لسعادة البشر في الدارين, وهذه الحقيقة موجودة في كل كتب الشرع الحنيف.