ساعات عمل اقل.. ضغوط اخف.. نقود كافية.. ثم انطلاق ومرح. حياة جميلة بالنسبة الى ميكا اونوديرا 28 عاما التي تعمل في مخبز بوسط طوكيو وهى الوظيفة الخامسة في خمس سنوات. ويتبع نفس الاسلوب عدد متزايد من شباب اليابان يطلق عليهم المتحررون الذين حرروا انفسهم من الحياة الوظيفية التقليدية وينتقلون من وظيفة الى اخرى. قالت اونوديرا في حياة الانطلاق مزيد من الحرية. وانا استمتع بها. تشارك اختها في شقة للاقتصاد في النفقات ولديها نقود كافية. ويذهب آخرون الى ابعد من ذلك بالعيش مع والديهم لتوفير تكلفة سكن مستقل. اضافت اونوديرا تقول اقتصدت في الانفاق والآن لدي نقود كافية للخروج مع اصدقائي والاستمتاع بحياة مريحة. تعمل اونوديرا 40 ساعة في الاسبوع ويبلغ دخلها نحو 160 ألف ين 1354 دولارا شهريا واحيانا تستطيع ادخار بعض النقود. وبينما يجتذب هذا الاسلوب الحياتي كثيرون في اليابان يخشى مسؤولون ومحللون ان ينذر هذا الاتجاه بمشاكل في المستقبل خاصة ان الاقتصاد مصاب بالكساد منذ اكثر من عشر سنوات. وارتفع عدد المتحررين الذين يفضلون حياة الانطلاق السهلة وتتراوح اعمارهم بين 15 و34 سنة الى الضعف في 2001 وبلغ 71ر4 مليون بالمقارنة مع 83ر1 مليون في 1990 اي واحد من كل تسعة في هذه الشريحة العمرية كما جاء في تقرير اصدرته الحكومة حديثا. وهذا لا يعني فقط انخفاض عائدات الضرائب لحكومة تترنح تحت وطأة ديون داخلية هائلة بل قد يهدد ايضا الانتاجية الاقتصادية في المستقبل لان اغلب الذين يفضلون الاشتغال باعمال غير دائمة لا يتلقون تدريبات متخصصة. قال هيرواكي ميميزوكا استاذ علم الاجتماع بجامعة اوكانوميزو بطوكيو اذا ارتفع عدد المتحررين الذين في الثلاثينات ستحدث مشكلة خطيرة جدا. ويقول مسح حكومي ان عددا كبيرا من هذه الفئة يفضل الانتقال من عمل الى آخر لانهم ببساطة لا يريدون الالتزام بساعات العمل في الوظائف الدائمة. قال كازوهيدي كاتو خبير التوظيف بجامعة نيهون السبب الاكبر في ان كثيرين يعجزون عن تقرير ماذا يريدون انه ينقصهم الطموح والحماس لتحقيق شيء في حياتهم. الحياة في اليابان ليست صعبة اي انسان يستطيع ان يأكل وينام تحت سقف حتى اذا لم يكن لديه عمل دائم. يضاف الى هذا ان الحصول على عمل دائم ليس سهلا الآن حيث تحاول شركات تجنب العمالة الدائمة وتفضل تشغيل موظفين غير دائمين من اجل خفض التكاليف. قالت نوريكو يوشيدا 22 عاما الطالبة بالسنة النهائية بجامعة طوكيو والتي حضرت ندوات عن التوظيف خلال يوم واحد كل يوم متعب واريده ان ينتهي سريعا. ويوشيدا التي تأمل ان تعمل في صناعة النشر واحدة من نحو نصف مليون يأملون في وظيفة جيدة بعد التخرج في ابريل القادم. ونظرا لان البطالة اقتربت من رقم قياسي بلغ 4ر5 في المئة في ابريل فان المنافسة حادة. وينتظر ان تبلغ نسبة الاعمال المتاحة الي المتقدمين من خريجي الجامعات في العام القادم 53ر1 وظيفة لكل خريج. ويقول ميميزوكا ان تزايد عدد المتحررين يزيد من الاضرار بمعدل المواليد المنخفض في اليابان بمعنى ان العاملين غير الدائمين قد يستطيعون الانفاق على انفسهم ولكنهم يعجزون عن رعاية اسرة. وانخفض معدل الخصوبة عند المرأة اليابانية الى ادناه حيث بلغ 35ر1 لكل امرأة وان عدد السكان 127 مليون نسمة سيتقلص ابتداء من 2007. وهذا يعني ان اليابان تواجه خطر شح العمالة واحتمال خفض معاشات التقاعد. كما سيصاب الاقتصاد بأضرار حيث ستقل العمالة المدربة التي لعبت دورا رئيسيا في المعجزة الاقتصادية التي تحققت في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. وربما يتمتع العمال غير الدائمين بحريتهم الآن ولكنهم سيواجهون المتاعب اذا تطلبت حياتهم الاشتغال باعمال دائمة. قال ميميزوكا لا يزال المجتمع عاجزا عن التعامل مع المتحررين ولذلك سيكون من الصعب على الذين بلغوا الثلاثين منهم العودة كموظفين دائمين في الشركات والانضمام الى القوى العاملة الاساسية.