(اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عزم بلاده القيام بتعليق إمداداتها للمفاعل النووي الايراني الذي يجري إنشاؤه في ميناء بوشهر المطل على الخليج) هذا ما اوردته وسائل إعلام غربية من قمة مجموعة الثماني في ايفيان. فيما بدا أنه نجاح للجهود الامريكية في وقف البرنامج النووي الايراني. أما في موسكو فلم يكن ثمة ما يوحي بأن روسيا على وشك وضع قيود على تعاونها النووي المربح مع إيران. بل العكس فقد أعلنت وزارة الطاقة النووية أنها ستستكمل العمل في المفاعل النووي الذي يتكلف 800 مليون دولار على النحو المقرر له. كما أنه من المعروف أنها تضع عينيها على عقود محتملة لبناء مفاعلات أخرى في إيران. وسيلتقي الجانبان في موسكو في يوليو للاتفاق على الموعد النهائي لاستكمال المشروع الذي بدأته ألمانيا في السبعينات ثم تخلت عنه عقب قيام الثورة الايرانية ومن ثم أعيد العمل به بمساعدة روسية. وقال وزير الطاقة النووية الكسندر رومينتسيف في موسكو أنه من المتوقع الان أن يدخل أول مفاعلات إيران النووية الخدمة عام 2005 متأخرا عاما كاملا عن الموعد الذي كان يؤمل فيه. مؤكدا على أن المشكلات التي نجمت عن قدم المعدات التي أقامتها شركة سيمنز في الاصل هي السبب في هذا التأخير. وعلى خلاف نظرائها في الغرب فإن وسائل الاعلام الروسية لم تفسر تصريحات بوتين بشأن تطابق المواقف مع الولاياتالمتحدة على أنها استسلام للرئيس الامريكي جورج دبليو بوش. وكتبت صحيفة (كومير سانت) تقول: بعد شهور من التلويح بالجزرة ، ها هو بوتين يلوح الان بالعصا، لتكثيف العلاقات مع إيران. وقالت صحيفة (فريميا ام أن ) أن موسكو لن تقدم أية تنازلات للولايات المتحد ة وحلفائها المقربين، وركزت على نحو خاص بتصريحات بوتين بأنه لن يتم السماح لمنافسين أجانب في مجال الهندسة النووية بدفع روسيا خارج السوق عن طريق تحذيرات يساء تفسيرها بشأن الحاجة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. أن الادارة الامريكية تراودها شكوك قوية بأن روسيا لا تبني مفاعل بوشهر فحسب بل تساعد أيضا في البرنامج النووي العسكري الايراني. بل إن دبلوماسيا أمريكيا رفيع المستوى في موسكو صرح في كانون أول/ديسمبر الماضي بأن واشنطن قدمت لموسكو أدلة دامغة بهذا الخصوص حصلت عليها من المعارضة الايرانية. وتعرب موسكو علانية الان عن قلقها إزاء طبيعة برامج الابحاث والتطوير الا يرانية، وذلك برغم تأكيدات طهران القوية بأن عملها في هذا المجال يتسم بالشفافية وبطبيعته المدنية الخالصة. وأعربت وزارة الخارجية الروسية الاسبوع الماضي ولاول مرة عن القلق إزاء مسائل غير واضحة وخطيرة تتصل ببرامج الابحاث النووية الايرانية. وحتى الان تشير موسكو إلى اتفاقات من المفترض أنها واضحة تماما مع طهران بشأن إعادة قضبان الوقود المستنفد من بوشهر إلى روسيا، ومن ثم تحول دون استخدامها في برنامج عسكري. لكن نائب وزير الخارجية جورجي ما ميدوف يقول الان أن ثمة حاجة لاجراء مناقشة عميقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن إيران بحاجة إلى أن توقع بسرعة على بروتوكول إضافي لعوامل الامان المعمول بها بالفعل. ويمنح البروتوكول الخاص بمنع الانتشار النووي والذي وقع أكثر من عشرين بلدا عليه لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فرصا للوصول إلى المواقع النووية بصورة مفاجئة غير معلن عنها. و طهران تقول إنها لن توقع على البروتوكول قبل رفع العقوبات التجارية الامريكية المفروضة عليها، الامر الذي سيسبب مشاكل ضخمة لروسيا. فالاقتصاد الروسي القائم على التصدير سيتضرر بشدة في حالة رفع هذه العقوبات، على نحو ما حدث في العراق المجاورة فعندما رفعت العقوبات ذهبت عقود التوريد الروسية السابقة إلى صندوق القمامة.