اصدر الحاكم المدني الامريكي في العراق قرارا بحل الجيش العراقي الذي انفق عليه النظام السابق مليارات الدولارات لحمايته، ومن اجل مغامراته المجنونة التي لم يحصد من ورائها سوى الخراب والدمار وقتل ملايين البشر خلال العقود الثلاثة الماضية. وكالعادة خرجت لنا محطة الجزيرة الفضائية بلقاءات مع بعض كبار ضباط الجيش العراقي وسألتهم عن رأيهم في هذا القرار، وكانت اجاباتهم معروفة سلفا بان الجيش العراقي هو من افضل الجيوش العربية، وكان في طريقه لتحرير فلسطين، وهو شرف الامة العربية.. إلخ هذا الكلام الفاضي. لا اريد ان اتهم جميع ضباط الجيش العراقي، فلا شك ان بعضهم صفحاته بيضاء. اما الاغلبية منهم والذين اختارهم صدام من مناطق محددة ومن عائلات معروفة بموالاتها له، فان ايديهم ملطخة بالدماء سواء دماء العراقيين او غير العراقيين، ولولاهم لسقط هذا النظام الفاشي منذ نشأته، لانهم كانوا خط الدفاع الاول. هؤلاء الضباط الذين كانوا يحصلون على مميزات لا يحصل عليها أي ضابط في اي جيش في العالم، ارتكبوا المجازر بحق المدنيين العراقيين من عرب واكراد، وكذلك الايرانيون المدنيون عند اجتياح الجيش العراقي مدينة عبادان في بداية الحرب العراقية الايرانية. وهؤلاء هم من عاثوا فسادا في دولة الكويت عند اجتياحها في عام 1990م. وهؤلاء هم من قادوا الجيش العراقي وأخمدوا بالصواريخ والمدفعية الثقيلة الانتفاضة الشعبية، التي اندلعت في جنوبالعراق عقب اندحار الجيش العراقي من دولة الكويت، وقتلوا وشردوا مئات العراقيين. لذلك فانني ارى ان العراق لم يعد بحاجة الى جيش كهذا.. فالعراق بثروته التي خصها الله به دون غيره بحاجة الى جيش اقتصادي يحارب بالعلم والتكنولوجيا حتى ينتصر على فقره ومآسيه التي خلفها له النظام. ولا يعني هذا انني أطالب بمصادرة حق العراق في انشاء جيش قوي بل بالعكس. ولكن بدلاً من ان يتم فيه القبض على الطلبة العراقيين الذين لم ينهوا دراسة الثانوية العامة وزجهم في الجيش وتعليمهم الفتك والقتل، يسمح لهم بمتابعة دراستهم العليا ليخرجوا لنا خريجين في كافة التخصصات التي يحتاجها بلدهم والدول المجاورة والعربية والاسلامية. وبدلا من ان يتم توزيع مائة الف جندي على مساحة حدودية معينة، فإن بالإمكان، في الوقت الراهن، الاكتفاء بعشرة آلاف جندي يعتمدون على التكنولوجيا والأسلحة المتطورة كالاستعانة بالأبراج وكاميرات المراقبة وطائرات الاواكس. القبس الكويتية