اكد معالى وزير البترول والثروة المعدنية المهندس على بن ابراهيم النعيمى ان الدول المنتجة للبترول تقوم جميعها بأدوار مهمة وأن العلاقات بين تلك الدول لا تقل أهمية عن ذلك مبينا ان البترول لا يزال هو الوقود الذى لا غنى عنه لعالم اليوم بما يشهده من تنمية صناعية متواصلة ومن المؤكد أنه لن يتراجع عن هذه الصدارة خلال العقود الثلاثة المقبلة على الاقل. وقال فى كلمة له القاها فى المؤتمر الدولى العاشر للبترول والغاز فى منطقة بحر قزوين الذى بدأ اعماله فى العاصمة الاذربيجانية باكو امس انه خلال الفترة الراهنة وحتى عام 2020م يتوقع أن يزيد الطلب على البترول بمعدل مليون ونصف مليون برميل فى اليوم كل سنة وستحتاج تلبية هذه الزيادة فى الطلب بحلول عام 2020م الى كمية اضافية من البترول تبلغ نحو 30 مليون برميل فى اليوم أى ما يوازى نسبة 40 فى المائة من الانتاج العالمى الحالى مبينا انه لا يمكن تطوير هذه الامدادات الاضافية الا فى ظل أسعار بترول مستقرة كما أن ذلك سيتطلب توفر استثمارات ضخمة ومتواصلة على جميع مستويات صناعة البترول فى مختلف أنحاء العالم. واشار الى انه عندما حصلت أذربيجان وغيرها من دول منطقة بحر قزوين على استقلالها منذ أكثر من عشر سنوات وراحت تفتح أبوابها أمام الاستثمارات وعندما بدأ انتاج البترول وصادراته فى الزيادة شعرت المملكة العربية السعودية بسعادة بالغة لرؤية دولة فتية تحتل مكانة بارزة بين الدول المصدرة للبترول. واوضح المهندس النعيمى انه فى ظل خيار مايسمى ب (السوق الحرة) بما ينطوى عليه من تقلبات فان هناك احتمالات كبيرة لهبوط اسعار البترول الى ما يقارب 10 دولارات للبرميل مما يؤدى الى توقف الانتاج من الحقول منخفضة الربحية أى الحقول ذات التكاليف الانتاجية المرتفعة أو التى تحتوى على زيوت خام منخفضة الجودة مشيرا الى انه حسب تقدير الخبراء فانه فى حالة انخفاض الاسعار الى 10 دولارات للبرميل فان العالم سيفقد ما يترواح بين 5 و 10 ملايين برميل من الانتاج اليومى مما سيؤدى الى ظهور موجة جديدة من الاسعار المرتفعة وبروز محاولات مستميتة لجنى الارباح وهذا بدوره يؤدى الى انخفاض الاسعار مرة أخرى وتضاؤل الزيادة فى الامدادات. كما أنه فى ظل التصور المسمى ب (السوق الحرة) فان الاستثمارات المطلوبة لزيادة الطاقة الانتاجية أو المحافظة على مستوياتها الراهنة ستنضب فى وقت تتسابق فيه اقتصاديات الدول للاستفادة من البترول رخيص الثمن وهكذا يمكن أن يؤدى ذلك خلال سنتين أو ثلاث سنوات الى أزمات اقتصادية ومالية فى أكثر من ثلاثين دولة يصل عدد سكانها الى حوالى مليار نسمة وتعتمد اقتصادياتها بدرجة كبيرة على قطاع البترول مفيدا انه فى مثل هذه الازمات الاقتصادية تؤدى فى الغالب الى حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية كما أن انخفاض الاستثمارات ونقص الامدادات قد يؤدى الى ارتفاع الاسعار بشكل حاد مما قد يقود بدوره الى حدوث أزمة اقتصادية عالمية. وبين ان خيار تنسيق السياسات البترولية بين كبار المنتجين يضمن المحافظة على استقرار الامدادات والمخزون عالميا عند مستويات تناسب المستهلكين والمنتجين على حد سواء ويسمح للسوق فى ظل هذا الخيار بأن تقوم بدورها المعتاد مع ضمان بقاء أسعار البترول فى نطاق مقبول والذى يتراوح اليوم بين 22 و28 دولارا لسلة زيوت أوبك. وقال عندما نضع فى اعتبارنا الزيادة فى الطلب على البترول التى ستبلغ 30 مليون برميل فى اليوم بحلول عام 2020م فان رؤوس الاموال المطلوب استثمارها لتحقيق ذلك المستوى الانتاجى والمحافظة عليه تبلغ نحو 120 بليون دولار فى السنة ولن يتسنى توفير هذه الاموال اذا لم تشعر الصناعة البترولية بوجود أسعار مستقرة ومناسبة. واوضح معالى وزير البترول والثروة المعدنية ان الاهداف الاخرى التى تحققها سياسة التنسيق بين الدول المنتجة هو امكانية تطوير طاقة انتاجية فائضة تتراوح بين 3 و7 ملايين برميل فى اليوم لدى أكبر الدول المنتجة مما يعنى وجود طاقة فائضة تتراوح بين 5 فى المائة و10 فى المائة من اجمالى الاستهلاك العالمى من البترول الخام ويمثل ذلك الطريقة الوحيدة لتفادى الصدمات الناتجة عن شح الامدادات وما يصاحبها من ارتفاع فى الاسعار نتيجة للاضطرابات العمالية المختلفة أو الكوارث الطبيعية أو الحروب وغير ذلك من الاحداث غير المتوقعة والتى تقع من حين لآخر. واكد ان المملكة العربية السعودية اختارت سبيل التعاون فى جميع علاقاتها سواء مع المنتجين الآخرين أو مع المستهلكين والجميع يعرف مدى التزام المملكة وما حققته من انجازات فى هذا الصدد لافتا الى ان التركيز على التعاون لا يلغى دور المنافسة فى السوق بين المنتجين سواء من داخل أوبك أو من خارجها. كما ان منظمة أوبك بدورها القيادى ومسؤوليتها عن توازن السوق ستواصل التعاون مع المنتجين الآخرين خاصة فى الفترات التى تشهد أوضاعا خاصة أو ظروفا صعبة مشيرا الى ان تعاون عدد من الدول غير الاعضاء فى أوبك مثل المكسيك والنرويج وروسيا وعمان وأنجولا كان له أثر كبير فى تحقيق الفائدة لكل من المنتجين والمستهلكين. ورحب معالى المهندس النعيمى فى ختام كلمته بالانتاج الجديد من دول منطقة بحر قزوين والذى من المتوقع أن يقوم بدور مهم فى تلبية احتياجات العالم من الطاقة فى المستقبل وتعزيز ازدهار اقتصاديات هذه الدول مبينا أن نمو هذه المنطقة لا بد أن يؤدى لا محالة الى دعم مكانة الصدارة التى يحتلها البترول باعتباره مصدر الطاقة المفضل فى العالم مؤكدا ان التعاون بين الدول المنتجة للبترول لن يقل وانما سيتعاظم بمرور الوقت كما ستواصل المملكة التشاور والتنسيق فى سياساتها مع المنتجين من خارج أوبك.