ادى التقدم التكنولوجي في هذا العصر الى هيمنة الدول الغربية على العالم سواء عسكريا او اقتصاديا او ثقافيا وصاحب هذا الظهور بعض المفاهيم الانسانية مثل حرية انتشار المعرفة او العولمة. ويرجع هذا الى التطور العلمي المذهل الذي تم تحقيقه في هذه الدول. وقد كان لتأثير المركزية الغربية انعكاس على العمارة حتى فترة الستينيات ونهاية فترة الحداثة. وقد امتد هذا التأثير الى التعليم المعماري بالمملكة تزامنا مع ارسال البعثات التعليمية الى الدول الغربية رغبة في ايجاد فكر تخطيطي معماري متطور لمدننا الجديدة. ويعتبر هذا الفكر المعماري محاولة جادة لخلق لغة معمارية محلية جديدة في مواجهة مختلف التحديات. حيث كانت المحاولات في الثمانينيات ضد اتجاه عمارة الحداثة والطراز الدولي اما حاليا فكانت ضد عولمة العمارة اذا صح التعبير. يقول روبرتسون في تعريفه العولمة: العولمة هو اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي المجتمعات بهذه الانكماش اما انتوتي جيدينز فيعرف العولمة على انها رحلة جديدة من مراحل بروز وتطور الحداثة، تتكثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي حيث يحدث فيها تلاحم غير قابل للفصل بين الداخل والخارج، ويتم فيها الربط بين المحلي في العالمي بروابط ثقافية وسياسية وانسانية.. تلك الروابط على الرغم من ازديادها يوما بعد يوم لا تعني الغاء المحلي الغاء كاملا ولا تعني استبدال الخارج بالداخل. اذا هناك انواع مختلفة من العولمة منها اقتصادية حيث اصبح النشاط الاقتصادي عالميا وهناك عولمة ثنائية وعولمة سياسية. وقد ظهر تأثير العولمة على مستوى تعليم العمارة حيث امتد الى ثقافة المستهلك والمصمم من طريق انتشار ثقافة الصور التي تظهر في المجلات المعمارية الغربية والكتب المصورة وشبكات الانترنت التي تظهر او تعرض شكليات العمارة المستوردة لتحقيق اهداف تسويقية جاهزة لا تحتاج الى عناء مما ادى الى وجود هوة بين المصمم المعماري واحتياجات السوق المحلية فظهرت بعض المشاريع التي تهتم بالناحية الجمالية اكثر منها الوظيفية مثل ابراج الراشد عند مدخل الخبر على امتداد شارع الملك فهد وقبلها ظهرت مشروعات معمارية ضخمة تفتقر الى الطابع المحلي دون مبالغة وكأنها ترسم الصورة عن فكر المعماري المحلي. اما على مستوى المالك فعبرت هذه المشاريع الى غياب الهوية الوطنية في جعل الشركات تفكر في ترويج المنتج فقط وبالتالي تحقيق سياسة الاستهلاك وهذا يعتبر انعكاسا للفكر الغربي على الفكر المعماري السعودي ثم على المنتج المعماري. كيف نصنع فكرا معماريا مقاوما للعولمة فالعمارة هي احدى الوسائل لتحقيق نظام بصري من القواعد يحكم حياة الافراد، وهي منتج ثقافي اجتماعي يمثل مجموعة من الحلول والتنبؤات المتاحة تحكمها العادات والتقاليد والقوانين والمعتقدات التي تعكس ثقافة مجتمع ما. والعمل المعماري هو محصلة نهائية من الرغبات النفعية المعبرة عن ملامح الحياة الاجتماعية لمجتمع ما وتطورها المادي والروحي وبدون التعبير عن تلك الملامح تتجرد العمارة من هويتها وتفقد صلتها بالمجتمع. وان محاولتنا لصنع فكر معماري هو رد فعل ومحاولة لتصحيح الخطأ الذي وقع فيه الكثير من المعماريين في خلق نوع من العمارة يرضي متطلبات السوق ورغبة العميل ويحافظ على اعادة التوظيف والحفاظ على التراث الذي يمثل الهوية لنا هذه المحاولة توقف سلب وعي الفرد المعماري المحلي من خصوصيته ومحاولة ابعاده عن هموم مجتمعه وتقف حجر عثرة في وجه الهيمنة العالمية المسيطرة على قدرات المصمم المعماري وتعرفه على مشكلات مجتمعه. * ايجاد فكر معماري معتدل لا ينغمس في المحلية ولا في العالمية انما يحقق التزاوج المطلوب بين العولمة بشقيها الايجابي العالمية، والمحلية. رفض التبعية الكاملة للاتجاهات العالمية واستخدامها بعد تزويدها لتصبح لتصحب معادلة جديدة معالمه لثقافتنا المحلية المستحدثة. واذا اردنا تسليط الضوء على بعض المحاولات المعمارية التي تمثل حوارا مفتوحا بين المحلية والعالمية، فنجد في اسواق الراشد بالخبر محاولة لربط الحركة الفنية بالمملكة بالتراث المحلي والاسلامي، حيث ثم مزج الحركة الفنية باشكال من التراث وبعض المترابطات المادية والمعنوية التي تسمح للزوار من برؤية المعروضات داخل المجتمع كما استخدم داخل البهو الرئيسي الزجاج والجماليات المعدنية المغطاة باسطح زجاجية لتحقيق اغراض الاضاءة الطبيعية والصناعية مع استخدام خامات وتكنولوجيا البناء الحديث. ويعتبر هذا المجتمع التجاري رمزا فنيا معماريا يحمل الهوية المعمارية المعاصرة يركز على تزاوج متزن بين المحلية والعالمية سواء عن طريق استخدام مواد البناء او عن طريق التعبير البصري واعادة تغيير اللغة المعمارية التراثية او عن طريق اعادة تشكيل الفراغ ولاسيما البصري في شكل حضاري معاصر. وكذلك من المحاولات المعمارية البسيطة مطعم على شارع الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز يعبر عن لغة معمارية معاصرة في مهمة سهلة ومحاولة ناضجة وظفت المحلية والعالمية في شكل جميل وفريد وكأنه حواز ثقافي: حوار ضمني بين الساكن والمتحرك تعبر عن هوية تعتمد على الندية بين المحلية والعالمية و العلاقات البصرية.