قيل ان الطبع يغلب التطبع.. وهي حقيقة غير دقيقة.. فالطبع يأخذ منا الشيء الكثير لكنه لايستطيع مطلقا سلب ما تبقى لدينا من بقايا ارادة.. ومصطلح الطبع ومعانيه كثيرة فله وجهان.. وجه مقبول واخر مذموم.. فالمقبول ما اعتاد الناس عليه من خصال حميدة وغيرها.. والآخر وهو بيت القصيد ما شذ من طباع يرفضها الفرد والمجتمع.. وكلاهما قابل للتغيير اذا ما وجدت الارادة. واذا تحدثنا عن الطبع فينبغي ان ندرك انه لايتعدى كونه نتاج تجارب شخصية وهو اعتياد نوع من السلوك المكتسب.. ربما يكون على صعيد هذا المجتمع مرفوضا.. لكنه في مجتمع آخر يعد مقبولا او شبه عادي (كالتدخين او القات او غيرهما) لجهل الاخير بمضار هذه العادة على المستوىات الآتية : الصحي والاجتماعي والاقتصادي. واذا خصصنا ما تبقى من الحديث عن التدخين باعتباره عادة مذمومة تستحق الاهتمام لما تسببه من اضرار صحية واقتصادية فان البعض يجد لنفسه المبرر في الاستمرار على ممارسة هذه العادة مع اقتناعه داخل نفسه بعدم جدواها وانه يلجأ الى استخدام بعض الحيل الدفاعية على مستوى اللاشعور مثل التبريرات الواهمة حيث يوهم المدخن نفسه والآخرين بانه لابديل عن ممارسة هذه العادة فهو في مأزق وهو مع السيجارة يقاوم مشاعر القلق وان تركه لها يعني الانتكاسة المعنوية. وهذه العادة غالبا تبدأ من منطلق اجتماعي محض حيث يذكر ان 90% من المدخنين في السن المبكرة مرتبطون باصدقاء من المدخنين وقد وجد ان واحدا على الاقل من اكثر من اربعة من الاصدقاء المقربين اليهم يدخن.. ومما ذكر ايضا كاحد الدوافع الرئيسية وراء اعتياد التدخين هو دور القدوة حيث تكون المحاكاة والتقليد لبعض النماذج والشخصيات المميزة مثل الوالدين والمدرسين اواحد المشاهير وهم يمثلون الكثير بالنسبة للمراهقين مما يدفعهم الى تقليدهم وقد ارتبطت عادة التدخين ايضا في الكثير من صغار السن بالاستقلالية والحيوية مما يضفي عليهم شعورا زائفا بالاستقلالية والالفة مع السيجارة من خلال تعود الحواس على الرائحة ومذاق ورؤية التبغ والدخان المنبعث من السيجارة المشتعلة. ولاشك في ان اثار هذه العادة السيئة على الصعيدين الاقتصادي والصحي تبدو سلبية وكارثة حقيقية حيث تعتبر المملكة رابع اكبر دولة مستوردة للسجائر في العالم اذ تستهلك نحو 571 مليون ريال لاحراق نحو 334 مليون كرتون من السجائر المختلفة التي تصل الى 4،3 مليار سيجارة.. كما ان ربع مليار طفل ممن يعيشون بيننا الان معرضون للموت بسبب ممارسة هذه العادة السيئة. وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الدخنين في العالم ب1.1 مليار شخص يتجاوز ثلثهم ال15 عاما ويعيش 800 مليون من المدخنين في دول العالم الثالث من بينهم 300 مليون في الصين وحدها حيث تعتبر الصين الدولة التي يزداد فيها الاستهلاك بسرعة كبيرة بارتفاع بلغ 260%.. وباتت الصين المستهلك العالمي الاول اذ استهلك فيها 1.7 تريليون سيجارة من 5.2 تريليون سيجارة تم تدخينها في انحاء العالم خلال عام واحد. وبالرغم من ان المملكة منعت الاعلان عن التدخين في اجهزة الاعلام والزمت الصحف الاجنبية ايضا بتضمين ما تنشره من اعلانات تحذيرية عن اضرارالتدخين بالصحة وكذلك رفع الرسوم الجمركية للتبغ واخراج المقاهي خارج حدود المدن الا ان هذه الجهود لم تحقق ارقاما مقبولة في اقناع المدخنين عن الاقلاع او غير المدخنين من الاقتراب منه اوالاعتياد عليه. التدخين من اسوأ العادات المكتسبة من جهته قال السيد سليمان محمد الموسى: ان التدخين يمكن الاقلاع عنه متى ما توافرت الارادة القوية التي تجعل المدخن يبتعد عنه بالحجم الذي يشده اليه مشيرا الى ان ذلك لايبدو صعبا على الاطلاق لاسيما اذا ما وضع المدخن امامه الاخطار المميتة التي تحدثها هذه العادة على مستوى العالم باكمله حيث تشير التقارير الى ان حوالي ثلاثة ملايين شخص يموتون في مختلف انحاء العالم كل عام بسبب تعاطي التبغ وهو ما يمثل حالة وفاة كل عشر ثوان حيث ان مثل هذه الارقام والتقارير تضع المدخن امام حقيقة مخيفة تشده الى التراجع تدريجيا اوربما الاقلاع عنه نهائيا. واضاف: ان التدخين يعتبر من اسوأ العادات المكتسبة لما يسببه من كوارث صحية ومعنوية واقتصادية حيث يكتسبها الفرد من المحيطين به سواء كانوا من الاصدقاء او من الاقران اواحيانا الوالدين ولذلك نجد ان البعض يربط بين المدخنين وعلامات النضج التي يتمتع بها مجتمع الكبار او الرفقاء المدخنون حيث يشعر الجديد على هذه العادة برغبة اكيدة في الانتماء لهذه الجماعات وما تمارسه من عادات مكتسبة والتي عادة ما تدفع بتصرفاتها غير المسؤولة الاطفال والمراهقين الى ان يصبحوا من المدخنين. واشار الى ان ثمة تقارير تؤكد ان عددا من المراهقين بدأوا ممارسة عادة التدخين قبل سن الخامسة عشرة حيث تصل نسبة المدخنين منهم امام ابائهم واخوتهم وزملائهم ومدرسيهم نحو 60% مهيبا بالآباء والمؤسسات التربوية والاعلامية ضرورة التوعية المستمرة باضرار التدخين عبر الوسائل المنهجية واللامنهجية ووسائل الاعلام وادخال التوعية باضرار التدخين ضمن المناهج الدراسية واستمرار منع التدخين في المدارس والمؤسسات العامة والخاصة وفي الاماكن العامة وكذلك منع الاساتذة من التدخين امام الطلاب بالاضافة الى شغل وقت فراغ الطلاب بما يعود عليهم بالنفع اثناء الدراسة وخارجها وابراز الحكم الشرعي تجاه ممارسة عادة التدخين بشكل واضح وتفصيلي.