أكد عميد الآثاريين الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري ان دمج وكالة الآثار والمتاحف مع الهيئة العليا للسياحة في هيئة واحدة هودعم لهما.. مشيرا إلى ما سوف تنعم به الآثار من رؤية أفضل ومستقبل مشرف في ظل الانطلاقة الجديدة التي سوف تضعها في مكانها اللائق بها وقال ان الآثار قيمة تاريخية وحضارية تعتز وتفخر بها الأمم.. لذا فإن العالم أجمع قد تأثر بما حدث للآثار في العراق من نهب وسلب، أكثر من تأثره لنهب المؤسسات الأخرى، وأضاف الدكتور الانصاري قائلا: ان حكومتنا الرشيدة كانت ولا تزال ترعى الآثار وتهتم بها، لأنها تمثل العمق الحضاري والتاريخي للجزيرة العربية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة، كما ان الثوابت التي تعتمد عليها المملكة ترتبط بأصالتها وعمق جذورها في هذا الوطن، مشيرا الى أنه خلال العقود الأربعة الماضية قد نما الاهتمام بالآثار وازدهر حتى اصبحت هناك وكالة للآثار والمتاحف يرعاها مجلس اعلى للآثار، وأصبح هناك قسم للآثار والمتاحف ترعاه جامعة الملك سعود يخرج الكفاءات التي تحمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراة وارتفع الوعي الأثري بين المواطنين بفضل ما تقدمه وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمقروءة والمسموعة. وأضاف الدكتور عبدالرحمن الأنصاري ان قرار الدولة بأن تصبح وكالة الآثار والمتاحف صونا للسياحة في هيئة واحدة، هو دعم لكليهما خاصة ان الهيئة العامة للسياحة يتسنم هرمها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله مع نخبة من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء، ويقوم على أمانة هذه الهيئة رجل هوخير من يؤتمن على الآثار والمتاحف كما أؤتمن على السياحة من قبل كنشاط جديد يدخل المملكة لأول مرة، وأضاف قائلا ان الاستراتيجية والخطط التي كان قد تم وضعها سوف تنعكس على الآثار والمتاحف إيجابا لا سلبا؛ لأنه عندما توضع استراتيجية وخطط مماثلة للآثار يختلف التعامل مع السياحة. فالآثار يجب أن ينظر اليها كعمل أكاديمي بحثي يستفاد منه للسياحة، في حين أن السياحة عمل اقتصادي يؤثر في مجريات الآثار وينشطها دون المساس بها وبدورها الحضاري والتاريخي والثقافي والمعرفي. وقال ان الآثار سوف تنعم بمشيئة الله تعالى في مكانها اللائق بها والذي سوف يجعل هذه الهيئة الجديدة أنموذجا اداريا يحتذى به سواء بالنسبة للمستوى العلمي الذي سوف تصل اليه أو بالنسبة لموظفيها ومن يعمل فيها من حيث المستوى الوظيفي أو المستوى العملي الذي سوف يكونون فيه، موضحا أن الآثار سوف تكون عامل جذب لكثير من الشباب الذين كانوا لا يجدون فيما سبق مجالا للعمل، ذلك أن الطموحات التي نؤملها من وراء هذا الجمع بين الآثار والسياحة سوف تفتح الآمال وتحققها أمام جيل جديد من الآثاريين الذين سوف يجدون في هذا الوضع الجديد ملجأ لهم ووسيلة من وسائل العيش الشريف التي تجعلهم يبذلون عطاء ويأخذون قيمة هذا العطاء تقديرا واحتراما وتجربة نرجو أن تنتفع بها مقادير الآثاريين ويجعل العمل الآثاري في بلادنا قدوة للأعمال الأثرية في البلاد الأخرى. وأضاف قائلا: ولا أظن إلا أن صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز سوف يحقق لهذا الجيل من الآثاريين أكثر مما تحقق للأجيال السابقة ذلك لأن العالم اليوم في تطور وأن عجلة الحياة تسير بسرعة وقد آن لنا أن نسير بنفس السرعة وبنفس الخطى التي ترتقي بها الأمم. من جانب آخر قال خبير الآثار الدكتور عبدالله بن حسن مصري الوكيل الأسبق للآثار والمتاحف بوزارة المعارف اذا ما نظرنا لانضمام وكالة الآثار والمتاحف الى الهيئة العليا للسياحة من الناحية الموضوعية العلمية والبحثية فإنه من المفيد جدا لمسيرة التنقيب والتعريف بالآثار أن يكون لهذا الجهاز (المعني بالآثار) استقلاليته. لأن الآثار، علم يشخص تاريخ البلد غير المدون، وبالتالي فإن ارتباط الآثار بمصلحة ذات اهتمامات اقتصادية في المقام الاول قد لا يعكس المبتغي العلمي المقصود حتى وإن كانت هناك تجارب لمجموعة دول في المنطقة قد حققت نتائج ناجحة جراء التلازم فيما بين الآثار والسياحة كما هو في الأردن مثلا، إلا أن لتلك الدول اعتباراتها وظروفها التي لا تنطبق على اعتبارات المملكة. ويشير الدكتور عبدالله مصري الى حداثة الاهتمام بالآثار في المملكة موضحا ان هذا الاهتمام لا يزال في مرحلة ابتدائية جدا من حيث تشخيص الموروث الأثري والتراث بشكل مواز لما حدث في بعض الأقطار المجاورة وقال ان كل هذه الاعتبارات مجتمعة تجعلني أرجح أفضلية أن يكون جهاز الآثار له شخصيته المستقلة، ولكن هذا لا يعني أن دمج الآثار مع السياحة لا يحقق أية فوائد ايجابية.. بل هناك من الفوائد مثلا: تحسين المظهر الشكلي للآثار، وإنشاء المرافق السياحية التي تخدم الزوار من مواطنين ومقيمين وفتح المواقع الأثرية للإطلاع عليها وإنشاء الاستراحات واستقطاب المراكز العلمية للتركيز على الأبحاث المستقبلية في مناطق قد تكون مهملة سابقا قبل تسليط الضوء عليها. ويؤكد الدكتور عبدالله مصري أن كافة المراكز العلمية العالمية مثل الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة لا تنظر بعين الرضا العلمي على أن تكون مظلة السياحة الاقتصادية على المصالح العلمية للآثار، مع أن النشاط السياحي كما هو معروف يؤهل الكثير من المناطق التي قد تكون مهملة أو غير معروفة سابقا وبالتالي يستقطب الاهتمام الأثري بهذه المناطق ولكن يظل هذا الاعتبار جزئيا. وناشد الدكتور عبدالله مصري مسئولي الهيئة العليا للسياحة وأمينها العام ذا الوعي الثقافي الصادق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز بأن توفر لجهاز الآثار عند اعادة هيكلة الهيئة وضعا مستقلا لا يختلط معه التوجه الاداري والاقتصادي مع التوجه العلمي، مشيرا الى ضرورة ان تستفيد الهيئة في هذه المرحلة من التجارب السابقة بالعمل على تكوين هيئة استشارية من المتخصصين في الآثار والمتاحف تعين وتساعد على تعميق التوجه العلمي المنشود وتساهم في وضع الحلول الموضوعية التوفيقية بين مجالي السياحة والآثار دون تعريض الأخيرة لإرهاصات الغايات الاقتصادية عموما. ويؤكد الدكتور عبدالله مصري على ضرورة وأهمية فتح المجال أمام الهيئات العلمية الاجنبية المتخصصة في الآثار لمعاودة تعاونها مع الهيئة في القيام بالأبحاث الاثرية بالمملكة خلال المرحلة المقبلة وفقا للأنظمة والشروط والمطالب الوطنية.. موضحا أن بداية ازدهار النشاط الأثري في المملكة قد واكبه نوع من الانفتاح على المشاركات الأجنبية في الأبحاث الأثرية على مدى خمسة عشر عاما في الفترة من عام 1395ه وحتى العام 1410ه وكان لتلك المشاركة مردود إيجابي وهو ما نأمل أن يتم الآن ليساهم ذلك جنبا الى جنب في الأعمال الحقلية والبحثية مع العلماء والباحثين من أبناء الوطن للنهوض بآثار المملكة والوصول لنتائج أفضل تبرز المخزون والارث الثقافي العظيم لهذا البلد الكريم.