مدرب أوزبكستان : خسرنا أمام قطر بأسوأ سيناريو    NHC تعزز وجهاتها العمرانية ب 23 مركزًا مجتمعياً بقيمة تتجاوز نصف مليار ريال    المملكة تسلّم الدفعة الثالثة من الدعم المالي لدولة فلسطين    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان تطور العلاقات بين البلدين    الإمارات تعود للانتصارات بثلاثية في قرغيزستان بتصفيات كأس العالم 2026    القبض على (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (126) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    فريق الرؤية الواعية يحتفي باليوم العالمي للسكري بمبادرة توعوية لتعزيز الوعي الصحي    إطلاق 3 مشاريع لوجستية نوعية في جدة والدمام والمدينة المنورة    «الصندوق العقاري»: مليار ريال إجمالي قيمة التمويل العقاري المقدم لمستفيدي «سكني»    لاكروا: الأمم المتحدة ستعزز يونيفيل بعد التوصل لهدنة في لبنان    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    تبرعات السعوديين للحملة السعودية لإغاثة غزة تتجاوز 701 مليون ريال    رسميًا.. رانييري مدربًا لسعود عبد الحميد في روما    إجتماع مجلس إدارة اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية    «الداخلية» تعلن عن كشف وضبط شبكة إجرامية لتهريب المخدرات إلى المملكة    انطلاق فعاليات المؤتمر السعودي 16 لطب التخدير    مركز الاتصال لشركة نجم الأفضل في تجربة العميل السعودية يستقبل أكثر من 3 مليون اتصال سنوياً    وزير الإعلام يلتقي في بكين مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 43736 شهيدًا    المروعي.. رئيسة للاتحاد الآسيوي لرياضات اليوغا    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    أمير الرياض يستقبل أمين المنطقة    الذهب يتراجع لأدنى مستوى في شهرين مع قوة الدولار والتركيز على البيانات الأمريكية    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس اجتماع الدورة الخمسين للمجلس الأعلى لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    صندوق الاستثمارات العامة يعلن إتمام بيع 100 مليون سهم في «stc»    اختتام مؤتمر شبكة الروابط العائلية للهلال الأحمر بالشرق الأدنى والأوسط    ا"هيئة الإحصاء": معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9 % في أكتوبر 2024    "دار وإعمار" و"NHC" توقعان اتفاقية لتطوير مراكز تجارية في ضاحية خزام لتعزيز جودة الحياة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    رقمنة الثقافة    الوطن    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    عصابات النسَّابة    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    أجواء شتوية    مقياس سميث للحسد    الذاكرة.. وحاسة الشم    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم "الجامعة" فشلت في تحقيق آمال الشعوب العربية!!
مستشار عمرو موسى.. السفير سعودالزبيدي ل اليوم:
نشر في اليوم يوم 05 - 05 - 2003

بعد سقوط بغداد كان لزاماً علينا ان نحمل همو م الامة وننبش في حقيقة ما حدث.. تلك الحقيقة التي يتوارى بعيداً عنها الكثيرون متنقباً ببرقع المرواغة للهروب من مواجهتها، لا سيما وانها اصبحت في زماننا تجلب الخطر الداهم لقائليها وتكلفهم الكثير والكثير لذا قلما نجد في عالمنا المعاصر سواء على المستوى الرسمي او غير الرسمي من لا يخشى قول الحقيقة لدرجة اننا لا نستطيع ان نستثني بيت العرب من الخوف عن قول الحقيقة.. الا ان هناك بداخل هذا البيت رجلا حكيما، يزين هامته تاج كبرياء العروبة، فوحده دون سواه القادر على ان يجرؤ على قول الحقيقة جهاراً نهاراً، دون ان يخشى في ذلك لومة لائم.. انه الدكتور السفير سعود بن عبد العزيز الزبيدي مستشار الامين العام للجامعة العربية والرئيس الاسبق لقسم الاعلام بجامعة الملك عبد العزيز .. حول هموم الامة العربية وما حل بها مؤخراً وتلك الامواج التي تلعب بمستقبل الجامعة العربية في وقت كثر فيه الرماة بسهام النقد اللاذع ضد امينها العام.. من اجل ذلك وغيره من القضايا جلست "اليوم" على البساط العربي مع الدكتور سعود الزبيدي الذي شرح الوضع العربي بمشرط الحقيقة في عيادة الواقع، قبل ان يستفحل الداء ويتسمم باقي الجسد العربي ويستعصي العلاج.. فماذا كان الكلام؟!
أرشيف مكدس
@ لو اردنا قراءة سجل التاريخ العربي فمن أي الصفحات نبدأ.. وماذا مكتوب فيها؟
* لقد تكدس ارشيف التاريخ العربي بتلال من سجلات الاخطاء المتكررة.. وبدون التعمق في دهاليز هذا الارشيف لنبدأ من اقرب سجل تاريخي تحمل اولى صفحاته عام 1948 بعنوان النكبة، وموضوعها هزيمة قاسية منيت بها الامة العربية على يد طغاة القرن العشرين "الصهاينة".. ولم نجد العرب يجلسوا مع بعضهم البعض ليتدارسوا ويناقشوا اسباب الهزيمة وسبل تحقيق النصر، وانما كل ما فعلوه الاتكالية على هيئة الامم المتحدة في حل قضيتهم، وتناسوا مثل العامية "ما حك جلدك مثل ظفرك".. وهذا يعني بانه كان على العرب ان يضعوا لهم استراتيجية وفق امكانياتهم تتناسب مع قوة عدوهم لسيتردوا كبرياءهم وكرامتهم.. المهم لم يحدث ذلك واذ بصفحة جديدة من الخطأ تضاف للسجل العربي عنوانها 1956 وموضوعها تآمر ثلاث دول على مصر، ولم يصدر عن العرب سوى الانفعالات العاطفية لينتهي الحال كسابقه عام 1948 دون ان يفكر احد في دراسة ما حدث وكيفية تداركه مستقبلاً، وما انقضى سوى عقد من الزمان الا واصيبت الامة العربية بنكسة 1967 وفيما كرر العرب نفس اخطائهم في المراحل السابقة الا ما يسمى في عرف القبائل ب(الفزعة) أي المؤازرة عند حدوث المشكلة دون الجلوس لتدارس الطريقة المثلى لحل المشكلة، وهو ما يعني عدم قراءة التاريخ وبالتالي اصبح النظام العربي مثل التلميذ الخائب الذي استنفذ مرات الرسوب بدليل انه لم يفهم ان اسرائيل هي امريكا والعكس صحيح لا انفصام بينهما، فالعلاقة العضوية والاستراتيجية التي تربط كليهما بالاخر 100%.. وان اسرائيل وضعت في المنطقة لتبقى وليس لترمى في البحر، وان اهداف الصهيونية التي اقرها مؤتمر بال بسويسرا سنة 1978 رسم حدود اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وفي سبيل تحقيق ذلك اعتمدوا استراتيجيتهم وآلياتهم من اجل تحقيق اهدافهم.
نقطة تحول
@ ألا ترون ان انتصار 1973 كان من الممكن ان يكون نقطة تحول في مسيرة الاستراتيجية العربية الحقيقية؟
* حتى هذا الانتصار الذي حققته الامة العربية بسيناريو مصري سوري سعودي عام 1973 رغم انه كان اول واخر انتصار على العدو الصهيوني، فقد كان انتصاراً لحظياً لان القضية ليست في ان نهزم العدو، وانما المهم الا نجعله يفكر في تكرار الاعتداء علينا.. هذه القاعدة لو اردنا تطبيقها على انتصار العرب على اسرائيل عام 1973 لوجدنا انها تشذ بعض الشيء، لان الكيان الصهيوني لم يرتدع، والبرهان تنفيذه ضربة عسكرية عام 1979 ضد دولة لبنان الشقيقة، ومن بعدها بثلاث سنوات تقريباً وجه ضربة جوية ضد المفاعل النووي العراقي عام 1981 وقبل ان تستعيد الامة توازنها سبقت اسرائيل بالضربة القاضية عام 1982 حيث قامت بغزو لبنان، واستمر احتلالها للاراضي اللبنانية يفصل بينهما وبين العرب حدود الشجب والادانة والاستنكار وهي خطوط وهمية وليدة افكار لا تساوي ثمن الحبر الذي تكتب به.. ولم تتخلص لبنان من الاحتلال الصهيوني الا بولادة حزب الله الذي قرأ التاريخ جيداً ثم وضع لنفسه استراتيجية واضحة قوامها الوعي والفهم الواضح لادارة الصراع مع العدو الصهيوني وقد اعتمدت استراتيجية حزب الله تحديد فترة زمنية تتراوح ما بين 15 - 18 عاماً يتم خلالها طرد العدو الاسرائيلي وعلى الفور تشكلت الميليشيات المقاتلة وتم تحديد المنافذ التي تجلب منها الاسلحة، وبدأت عملياتها ضد العدو الاسرائيلي الذي يمتلك احدث التقنيات العسكرية واكثر من 200 رأس نووية، الا ان ايمان الميليشيات نجح في اذلال وقهر بل واجبار العدو الصهيوني على الهروب في ظلام الليل.
..وأخرى خفية
@ ترددت بين الحين والاخر وجود عدد من الاهداف الامريكية بعضها معلن والاخر خفي فما هو تعليقكم على ذلك؟
* هناك اهداف معلنة واخرى خفية.. فبالنسبة للمجموعة الاولى فقد استندت فيها الادارة الامريكية على الرغبة في التخلص من خطر ديكتاتورية صدام حسين سواء على شعبه او على المنطقة بما فيها جيرانه والتي انعكست على عدد من المغامرات الحربية بداية من حرب الثماني سنوات مع ايران في الفترة من 1980 وحتى 1988.. بعدها بعامين اقتحم الحدود الكويتية عام 1990 واعلنها المحافظة رقم 19 للعراق، الا ان قوات التحالف اجبرته على الخروج من الاراضي الكويتية. ايضاً من اخطاء النظام الديكتاتوري السابق في العراق دعم ميشيل عون قائد الجيش اللبناني، الا ان مؤتمر الطائف قطع عليه الطريق في اكمال دوره، والامر الاخر وجود تطلعات لدى صدام حسين لامتلاك اسلحة دمار شامل.. وهو ما لا تحمد عقباه مع نظام تسلطي لا يحترم حتى حقوق الانسان العراقي نفسه، بدليل ضربه للشيعة في الجنوب، وتنفيذ مذابح ضد الاكراد في الشمال "علماً بان الامريكان متورطون في هذه المذابح ضد الاكراد لانهم السبب في تزويد النظام العراقي بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية".. الامر الاخر الذي تتذرع به الادارة الامريكية كمبرر فيما قامت به ضد العراق، هو خرق صدام حسين لبرنامج النفط مقابل الغذاء وعبثه بعائدات النفط في بناء ترسانات عسكرية وبرامج اسلحة دمار شامل.. اما الاهداف الامريكية غير المعلنة.. فهي التحكم في مصادر النفط بسبب مرحلة الانهيار الاقتصادي الداخلي لامريكا مما تسبب في انهيار شركات عملاقة وخسائر قدرت بالتريليونات، بجانب انتهاج بوش الابن لاستراتيجية حرب النجوم او الدرع الواقي لحماية الامة الامريكية والتي تكلفها ميزانيات ضخمة، والاهم والاخطر من كل ما سبق هي النوايا الخفية للولايات المتحدة الامريكية منذ امد طويل للقضاء على سيطرة الدول العربية والاسلامية المتحكمة في سعر البترول الذي تستهلك منه الولايات المتحدة الامريكية 20 مليون برميل يومياً 52% منه يأتي من العالم العربي، اما النسبة الباقية 48% فتأتي بها من اسيا الوسطى وفنزويلا وغيرها، ومن هنا جاءت اهمية السعي الامريكي لوضع استراتيجية تمكنها من السيطرة على منابع تأمين الاحتياجات الامريكية علاوة على ذلك تخلص للولايات المتحدة الامريكية قرار التحكم في حركة باقي الكيانات الاقتصادية التي ظهرت على الساحة العالمية مثل الاتحاد الاوروبي الذي يعتمد على المنطقة العربية في تغطية 80% من احتياجاته البترولية، ونفس النسبة لليابان بينما تعتمد الصين على 60%، وهذا يعني مدى الارتباط بين المسار الاقتصادي لهذه الدول وبين دول المنطقة العربية.
بداية المخطط
@ إلى أي مدى تتفقون مع قول البعض بأن الولايات المتحدة الامريكية تسعى لهدم الاوبك وهل تستطيع ذلك؟.. وما انعكاساته عربياً؟!
* لقد بدأت الادارة الامريكية الخطوة الاولى في مخططها عندما رفضت المشاركة العراقية في مؤتمر الاوبك الاخير الذي اجتمع لاول مرة بدون العراق العضو الرئيس في المنظمة وهذه الخطوة الامريكية بداية في رحلة مسيرة صهيونية تسعى لانسحاب العراق من الاوبك بهدف هدم صرح هذه المنظمة ومن ثم تتحكم امريكا في سوق النفط فتخفض سعر برميل البترول، وهي فرصة ظلت تتربص لها الادارة الامريكية منذ عام 1973 اخذاً بالثأر ممن رفعوا اسعار برميل البترول من دولار و80 سنتاً إلى حوالي 45 دولارا نتيجة لقرار الملك فيصل رحمه الله بوقف ضخ البترول تضامناً مع مصر.. وهنا تظهر النوايا الحقيقية للادارة الامريكية من وراء السعي لخفض اسعار النفط، حيث انها تعلم تماماً مدى اعتماد ميزانيات الدول الخليجية بدرجة كبيرة على عائدات النفط في تنفيذ برامجها الانتاجية، وبالتالي فاي تغير بالسلب في هذه الميزانيات لا شك انه سيؤثر بشكل سلبي على معدلات النمو ومستوى رفاهية الانسان العربي عامة والخليجي بصفة خاصة.
حيرة وعجز
@ تملكت الحيرة الشارع العربي بعد ان عجز الخبراء والمحللون السياسيون على تفسير مغزى الغزو العراقي للكويت.. بل تملكتهم اكثر واكثر ترك فرصة المصالحة التاريخية في قمة بيروت بين الأمير عبد الله ورئيس الوفد العراقي والكويتي فما هو تعليقكم؟
* لا احد يختلف على ان غزو العراق للكويت لم يكن مجرد خطأ فقط. بل كان خطيئة وجريمة ليست في حق دولة شقيقة مستقلة، وانما في حق الامة العربية ككل، التي استيقظت على شكل جديد من الاستعمار افرزته مؤامرة امريكية صدامية، فليس هناك عاقل واحد يملك ان يسلم بمنطقية الازمة العراقية الكويتية التي تصعدت كما تسري النار في الهشيم.. ومن غير المعقول القول ان هدف صدام كان الاستيلاء على بترول الكويت لان ما تملكه العراق من احتياطيات يفند هذه المقولة كما ليس ممكناً ان نقنع بأن صدام كان يريد الاطاحة بنظام الصباح، لان نفس هذا النظام هو ساند العراق في حربها مع ايران على مدى ثمانية سنوات. اذا فدخول العراق للكويت جاء ثمرة لخطة نسجتها المخابرات الامريكية الصهيونية حيث جعلت من الكويت الطعم الذي تصطاد به العراق وتخرجه من محيط الامة العربية، بعد تحطيم البقية الباقية من قوته العسكرية التي بقيت من حرب ضروس مع ايران، ولكن لا يتمكن العراق من الاستمرار في السير نحو ان يصبح القوة الرابعة عسكرية في العالم، المهم حدث ما حدث.. ولكن كالعادة فالعرب لم يقرأوا التاريخ.. وتركوا الابواب مفتوحة بعدما خرج العراق من الكويت، مما سمح لفيروس الاستعمار ينفذ إلى شرايين الامة العربية حتى عندما تحققت معجزة التلاقي في 27 مارس 2002 وشهدت قمة بيروت المصافحة التاريخية منذ اغسطس 1990 بين الاشقاء الثلاثة سمو الامير عبد الله بن عبد العزيز، ونائب الرئيس العراقي ورئيس وفد الكويت.. الا ان العرب استجابة للضغوط الامريكية تجاوزوا اهمية هذه المصافحة فلم يضعوا لها استراتيجية حقيقية لاستثمارها في التئام الجروح بين الفرقاء وتجاوز احداث ما مضى، وتناسوا التجربة الاوروبية التي مرت بمراحل دامية بين فرقاء قلما وجدنا نظامين تربطهما مقومات مشتركة، ولكن المصالح العليا تغلبت واستطاعت هذه الدول ان تجلس على مائدة مستديرة وتحدد اهدافها من خلال وحدة قوية تزاحم الهيمنة الامريكية على الساحة الدولية والسبب انهم قرأوا التاريخ.
توافق خاص
@ من ينظر إلى المسار الامريكي الصهيوني يجد أن هناك تواءما بينهما.. ولكن هل هناك اهداف مختلفة لاسرائيل من وراء انهيار العراق؟
* هناك توافق امريكي صهيوني اسرائيلي في وحدة الهدف في التخلص من النظام العراقي واضعاف دولة العراق الشقيق.. فكما ان المصالح الامريكية متنوعة ما بين معلنة ومستترة.. فالحال بالنسبة لاسرائيل يتحدد في اربعة اهداف امنية هي الامن العسكري، والامن النفطي، والامن المائي والامن الديموجرافي ففيما يتعلق بالامن العسكري: فقد ظلت اسرائيل ترقب عن كثب تحركات النظام العراقي وتطلعاته لامتلاك برنامج نووي يحقق التوازن في المنطقة مع الجانب الاسرائيلي، ولكن باتفاق امريكي اسرائيلي تم توجيه ضربة جوية بالطيران الاسرائيلي للمفاعل النووي العراقي عام 1981.. اما الامن النفطي فكم كانت اسرائيل تحلم بعودة خط نفط كركوك حيفا لتحصل منه على احتياجاتها النفطية لا سيما باسعار رخيصة وهذا ما حققه لها سقوط نظام صدام حسين وفرض الهيمنة الامريكية على المنطقة.. نأتي للامن المائي ففي ظل الاوضاع الراهنة باتت الفرصة سانحة امام اسرائيل لتحصل على ما كانت تتطلع اليه كثيراً وهو ان يصلها خط مياه، بعدما فشلت محاولاتها مع تركيا ومع الرئيس الراحل السادات بالحصول على خط مياه من نهر النيل عبر سيناء.. ولك الان سيتحقق لها هذا الامن بخط مياه من نهرين عظيمين هما دجلة والفرات.. اما الامن الديموجرافي، وهو اهم بالنسبة للكيان الصهيوني الاسرئيلي الذي سينفذ مخططاته بعملية ترانسفير جديدة إلى العراق عندما تستتب الامور وتخلص لادارة العراق للقيادة الامريكية.
ضياع الطريق
@ كيف ترى مستقبل المنطقة العربية والقضية الفلسطينية مع خارطة الطريق؟
* بل هي ضياع الطريق.. لان ليس للعرب دور فاعل فيها، وانما موقفهم من الاعراب في بناء الجملة الجديدة للمنطقة مفعول به والسبب ليس وليد اللحظة وانما جذوره تمتد إلى عام 48 عندما ترك العرب الامور للولايات المتحدة الامريكية لتدير لهم شئونهم الامنية نيابة عنهم، والمرة الوحيدة التي تغير فيها موقعهم من الجملة الاعرابية وتحولوا إلى فاعل به في الستينيات عصر المغفور له الملك فيصل والرئيس الراحل جمال عبد الناصر استطاعوا ان يلقنوا الاعداء دروساً قاسية.. فكما سجل التاريخ موقف الملك فيصل الجرىء وقف ضخ البترول للدول المعتدية او المتعاونة مع اعداء الامة العربية مما كبدهم خسائر فادحة نفس محل الاعراب كان للامة العربية، عندما توجه الرئيس الراحل عبد الناصر بعد العدوان الثلاثي 1956، حيث القى خطابه التاريخي طلب فيه من اتحادات العمال المصرية والعربية الامتناع في الموانئ العربية عن تفريغ او شحن المراكب البريطانية والفرنسية.. وما كاد يصل نبأ هذا الخطاب إلى الشارع العربي الا وفي لحظات قدرت الخسائر البريطانية الفرنسية بحوالي 600 مليون دولار. وهو عبد الناصر نفسه الذي اتخذ قرار شن حرب الاستنزاف التي جعلت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل تطالب الادارة الامريكية بالسعي للتوسط لدى القيادة المصرية لوقف هذه الحرب وعقد اجتماع بين عبد الناصر وجولدا مائير لحل المشكلة بالطريقة التي ترضي عبد الناصر الذي كان مهزوماً عسكرياً ولكنه منتصراً بارادة التحدي العربية وقوة الايمان بالقضية وهو نفس السلاح الذي يمتلكه ابناء فلسطين الآن وعجزت امامه ترسانات الاسلحة الصهيونية وتملكت العالم الدهشة من حجر بيد الفتى الفلسطيني يطارد به جندي اسرائيلي مسلح.
"علة" الميثاق
@ ما هو الدور الممكن ان تقوم به جامعة الدول العربية خلال المرحلة الراهنة؟
لن تقوم قائمة للجامعة العربية في ظل ميثاق ولد في بيئة عربية لم تكن خالصة للعرب حيث كان كابوس الاحتلال الاستعماري يلوث أي توجهات عربية للوحدة، ومن ثم جاء هذا الميثاق به ثقوب كثيرة ينفذ من شباكه كل من حاول التنكر لالتزاماته العربية.. فأصبحنا نرى من يوقعون على قرارات الجامعة ثم لا يلتزمون بالتنفيذ والتطبيق، وهذا منطق مغلوط.. اذ كيف لمثل هذا الميثاق ان يقبل بمثل هذا التناقض في التصرفات؟؟ ولدينا امثلة كثيرة على ذلك منها فبعد نكبة 1948 قرر العرب منح الفلسطينيين مليون جنيه استرليني وقع عليه جميع الملوك والرؤساء العرب وفي النهاية لم يصل منه سوى 50 الف جنيه نفس الخطأ يتكرر الان فرغم تأكيدات قمم القاهرة 2000 وعمان 2001 وبيروت 2002 على منح السلطة الفلسطينية مليار دولار.. فان ما وصل منه فعلياً للسلطة الفلسطينية حتى الان لم يتجاوز 250مليون دولار.. حتى مسألة التكامل الاقتصادي عجز عن تحقيقها ميثاق الجامعة رغم ان جميع قراراته موافق على اكثر من 80% منها بالاجماع.. ويرجع ذلك إلى عدم ايمان الانظمة العربية بجدوى العمل العربي المشترك لدرجة اثرت على اداء عمل الجامعة بسبب ضعف الميزانية التي لم تتحرك سوى بقيمة 6 ملايين دولار تقريباً عما كانت عليه منذ تأسيس الجامعة لترتفع من 27 مليون دولار إلى 33 مليون دولار.. وهذا يدفعنا لاعادة النظر في صياغة ميثاق جديد للجامعة يتماشى مع روح الوضع الراهن للنظام العربي الذي بات مطمع للمتربصين بخيراته.. ويتطلب ذلك الخروج من عباءة القطرية.
فرق كبير
@ بماذا تفسر التناقض ما بين اداء المجموعة الاوروبية والمجموعة العربية، وما رأيكم في اتهامات النظام العربي بأنه يميل للقطرية؟
* هناك فرق كبير بين قطريتنا العربية والقطرية الاوروبية ففي اوروبا نعم لكل دولة سيادتها ولكن فقط داخلياً اما على المستوى الخارجي فسياستهم موحدة تحت مظلة الاتحاد الاوروبي، وجود برلمان اوروبي يحدد موقفه ازاء بعض القضايا الدولية.. وهذا على عكس الحال الذي نحن عليه في العالم العربي الذي نلاحظ من خلاله لكل دولة سياسة خارجية تتباين جذرياً عن سواها من باقي الدول العربية حتى في قضية جوهرية مثل مشكلة فلسطين نجد هناك 22 رأيا عربيا على المستوى الدولي لا اتفاق بين اثنين منهما على رؤية واحدة، فالمشكلة ليست في ان يكون المجتمع العربي تقليدياً او عشائرياً او حتى مذهبياً.. ولكن العيب ان نظل جامدين امام ميثاق اسقط من حساباته تحديد صلاحيات الامين العام للجامعة العربية، مما اعطى الفرصة للبعض ان يتجرأ عليه ويوجه اليه اتهامات شخصية ويحمله مسئولية غرق سفينة ليس هو قبطانها الفعلي وانما لها 22 قبطانا ولكل منهم رأي مختلف.
ليس معقولا
@ ماذا تقصدون بمفهوم ان نظل جامدين امام ميثاق اسقط من حساباته صلاحيات الامين العام؟
* اقصد ما اقصده.. ولكن ليس من المعقول ان يقود البعض هجوماً ضد شخص الامين العام ويصفونه بأنه مجرد موظف، وهذا كلام لا يليق بمكانة الامين العام.. ولذلك يجب ان تكون هناك مراجعة لميثاق الجامعة القديم، ويتفق فيه الزعماء العرب على التنازل عن جزء من سيادة دولهم للجامعة العربية مع انشاء برلمان عربي ومجلس دفاع عربي مشترك ومن قبل كل ذلك ازالة كافة الحدود التي صنعها الاستعمار قديماً لتمزيق الامة العربية.. لو تحقق ذلك فسنرى امين عام الجامعة العربية لديه من المرونة ما يمكنه من اتخاذ المبادرات دون الانتظار لمجرد تلقي الاوامر، والاهم من كل ذلك وقبل كل شيء ان نزيل من افكار البعض ان الجامعة العربية مجرد سكرتارية للدول وهو يتنافى مع المطالب العربية التي تعلق آمالها على تفعيل دور الجامعة.
استقيل فورا
@ بصراحة شديدة لو انك الان مكان الامين العام للجامعة العربية.. كيف كنت ستتصرف من الذين يهاجمون الان الجامعة ويكيلون الاتهامات لامينها العام؟
* لن يكون امامي سوى الاستقالة.. من اجل المحافظة على تاريخي الدبلوماسي ولكن الشيء المهم الذي سأفعله قبل الاستقالة جمع وكالات الانباء واعلن للرأي العام العربي الحقائق كاملة.. واكشف النقاب عن مواقف الانظمة التي تسير في واد وشارعها العربي في واد.. اما وان التزم الصمت فهذا مجازفة قد تؤدي لتآكل رصيدي الدبلوماسي والشعبي.
عدم فهم
@ ما هي المشكلة الرئيسية عند العرب؟
* مشكلة العرب انهم لم يفهموا حتى الان ان استراتيجية القرن الحادي والعشرين هي التكتل والوحدة سواء كانت اجتماعية او اقتصادية.. ولكن منذ 1945 والنظام العربي يخرج من حفرة ليسقط في بئر ومن فشل إلى فشل حتى استنفذ مرات الرسوب، لانه لم يعتاد قراءة الحاضر ليفهم المستقبل، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقامت استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية بتحديد اهدافها في المنطقة ووضعت برنامجها الذي جاءت في اولوياته هدم الشيوعية والتخلص من مزاحمة الاتحاد السوفيتي.. ليخلص لها امر الاسلام وتدخل معه في مواجهة ومع ذلك لم يعكف العرب والمسلمون على دراسة هذه التوجهات الامريكية.. حتى جاءت احداث 11 سبتمبر 2002 الذي استثمرته الادارة الامريكية في اصدار تقرير عن استراتيجية الامن القومي الامريكي من 52 صفحة احتوى على اهداف امريكية واضحة في المنطقة العربية.. واظن ان كثيراً من القيادات العربية لم تتطلع على هذا التقرير وتلك اخطائنا العربية.
الشفافية ضرورية
@ إلى أي مدى ترون ان تحقق اعادة الهيكلة اهدافها؟
* المسألة ليست في الحديث عن اعادة هيكلة الجامعة انما هو ان تكون هناك شفافية في التعامل العربي المشترك، وضرورة ان تصدق النوايا الحقيقية فيما يتم الاتفاق عليه.. هذا من الممكن الوصول اليه ضمن وضع مفهوم جديد للعمل العربي وهو ما بادرت اليه بعض الدول فعلاً مثل السعودية التي قدم مبادرتها سمو الامير عبد الله وهناك مبادرات مشابهة قدمت من ليبيا والسودان وقطر وكلها مبادرات يجب ان يتم اخذها بعين الاعتبار وتعكف اللجان العربية على دراستها من اجل صالح امتنا العربية.
قرضاي مستنسخ
@ كيف تقرأ مستقبل الوجود الامريكي في العراق؟
* لن يهدأ لامريكا بال في العراق وكلما طال تواجد القوات الامريكية في الاراضي العراقية كلما اشتد عود المقاومة العراقية وتشكلت فرق الاستشهاديين تفسد على الادارة الامريكية غرس حكومة افغانية جديدة في العراق يحكمها قرضاي مستنسخ، بل ان الولايات المتحدة الامريكية ستجد نفسها في مستنقع اشد من مستنقع فيتنام، لان العراقيين ينطبق عليهم مثل العامية راحت السكرة وجاءت النقرة.
السفير سعود الزبيدي في سطور
من مواليد مكة المكرمة1367ه.
حصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة 1966.. ثم درجة الماجستير في الدراسات الاجتماعية عام 1969 من كلية الاداب بجامعة القاهرة.. وفي عام 1973 حصل على درجة الدكتوراه.. والتحق بالعمل في حكومة المملكة عام 1964 كمساعد للمستشار الثقافي السعودي بالقاهرة حتى عام 1973.. وفي عام 1974 ترك السلك الدبلوماسي وتم تعيينه عضوا بهيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.. اشرف على انشاء قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك عبد العزيز عام 1974 وقام بتدريس مادة علم الاجتماع في كل من كلية الاداب بجدة وكلية التربية بمكة المكرمة.. اشرف على برنامج تعليم اللغة العربية للاجانب بالجامعة في عام 1977.. ثم عين رئيساً للجنة المعرض الاول للصحافة السعودية في عام 1977 ثم عين رئيساً لقسم الاعلام بالجامعة وشهد تخرج اول دفعة.. عمل مستشاراً اعلامياً لمعالي وزير الحج والاوقاف عام 1978.. وقد ترأس وفد قسم الاعلام بالجامعة في زيارته الرسمية لمصر عام 1978.. شارك كمدير لادارة تنظيم المؤتمر العالمي الاول للاقتصاد الاسلامي الذي عقد بمكة عام 1976 شارك في الندوة الاعلامية العالمية التي اقامتها جامعة الرياض "الملك سعود حالياً" عام 1978.. شارك كرئيس للجنة الاعلامية في الندوة الاسلامية الي عقدتها منظمة المؤتمر الاسلامي بلندن 1977 ومن مؤلفاته (كلمات مرسومة في الفكر والحياة والفن).. التنمية "الطريق إلى التغيير".. (ادارة التنمية).. (حوار في قضايا عصرية).. يشغل حالياً خبيراً اجتماعياً ومستشاراً لمعالي وزير التخطيط سابقا ونائب رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع منذ 1401 ه حتى الان بجانب عمله كمستشار للامين العام لجامعة الدول العربية منذ عام 1993 وحتى الان.
الزبيدي: نحن لانقرأ التاريخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.