تصريح الدكتور أياد علاوي رئيس الوزراء السابق وأحد أهم العناصر العراقية المؤيدة لغزو العراق من البداية وحتى الآن وساهم مع الكثيرين في التمهيد له لجريدة الصندي تايمز July5002,81)) قال فيه: «إن العراق قد يدخل في حرب أهلية بسبب أن الإدارة الأمريكية لا يوجد لديها هدف محدد أو سياسة معينة في العراق» وكلمة جان مورثا (John Murtha) وهو نائب ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا للكونجرس في 17 نوفمبر 2005 والتي شرح فيها بشكل مفصل وأفضل من أي صحفي حقيقة ما تمر به قوات الاحتلال في العراق. تصريحا المسؤول العراقي والنائب الامريكي يضعان أكثر من علامة استفهام لحقيقة ما يجري على الساحة العراقية ولكن السؤال من المستفيد من تدهور الأوضاع الأمنية ومن يقف خلفها ولديه القدرة على إثارتها ودعمها وتوسعها لتشمل جميع المناطق العراقية تقريباً.. كيف وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه؟ بداية الولاياتالمتحدة (الجيش الأمريكي يشكل أكثر من تسعين بالمائة من قوات التحالف) ذهبت للعراق بمائة وخمسين ألف جندي تقريباً أغلبهم احتياطي في الجيش ومن الحرس الوطني ( National Cuard) وخليط من العسكريين الاجانب الطامحين في الحصول على الجنسية الامريكية مخالفة لرأي الكثير من المحللين العسكريين الأمريكيين والاستراتيجيين الدوليين بأن هذا العدد لا يكفي لحفظ الأمن في العراق خصوصاً بعد سقوط النظام العراقي لأسباب عديدة أهمها مساحة العراق الضخمة مقارنة بعدد القوات الغازية وتعدد المذاهب الدينية من شيعة وسنة ومسيحيين وعرقية من عرب وأكراد وعجم وتركمان والعداوات التي بينهم ليس بالأمر السهل التغاضي عنه مع العلم أنه في حرب الخليج الثانية تطلب الأمر حوالي مليون جندي لإخراج فرقة عراقية من الكويت وليس احتلال أو حفظ الأمن فيها منهم أكثر من خمسمائة ألف جندي أمريكي. ثانياً: شعوب ودول المنطقة المحيطة بالعراق معادية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على مدى عقود طويلة. ثالثاً: التركيبة الاجتماعية والثقافية والخلفية الدينية لشعوب المنطقة ترفض الاحتلال الأجنبي بكل أشكاله. رابعاً: الشعب العراقي لا يمكن أن ينسى وبسهولة حرب الخليج الثانية وما تبعها من حظر ومقاطعة اقتصادية على مدى 13 سنة مات فيها الكثير من العراقيين. قوات الاحتلال سعت بسرعة فائقة وبقوة شديدة لإسقاط النظام العراقي السابق من جهة ثانية حفظ الامن في بغداد وباقي المدن العراقية لم يكن من اولويات قوات التحالف التي حلت الجيش والشرطة وأغلقت المؤسسات الحكومية وتركت الفوضى تعم المدن العراقية لا اعتقد انها أخطاء كما يتم تصويرها بقدر ما هي مخطط لها أن تصل إلى ما وصلت إليه: الاحتلال يتهم ويبرر ما يحدث ولكن الحقائق تثبت العكس تماماً وهناك مقولة لسنتور امريكي سابق (دانييل باتريك مانيهن) تقول: Everyone is entitled to their own opinion, but not their own facts. فارجاع اسباب الانفلات الامنى إلى افراد او جماعات او دول لايبرر فضائح سجن أبو غريب وغيره من السجون داخل وخارج العراق وتسريبات الصور التي كانت تلتقط بآلاف وبتشجيع من عملاء المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والتي لم تكن لقطات خاطفة كما قال محامي أحد المتهمين في قضية التعذيب ولكن كانت الصور تلتقط بشكل يدل على اطمئنان ملتقطيها بأي شكل وعدد مما يفسر وجود مئات الأفلام وآلاف الصور لطرق التعذيب، فتسريبات الصور لأساليب التعذيب ساعدت على تأجيج مشاعر العراقيين وشعوب الدول المجاورة وساهمت بطريقة غير مباشرة في تجنيد متطوعين للقتال في العراق؛ ايضا محاكمة صدام ونظامه والتي اصبحت مثل مسيرة احتفالات ميسيز (macy.s ) بعيد الشكر في وقت تعاني فيه جميع المدن العراقية لانفلات أمنى خطير لا يساعد على حفظ الامن. السؤال ما الهدف من هذا كله؟ هل يراد به إنهاك عزيمة الشعب العراقي للقبول بما يقدم له كخيار وحيد للخروج من دائرة العنف ام ان العراق سيحول إلى منطقة ساخنة غير مستقرة في الشرق الاوسط خصوصاً بعد تقلص القضية الفلسطينية من قضية اقليمية إلى مشكلة حدودية في غزة والضفة الغربية بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد تزايد ضغوط دول الاتحاد الاوربي والفاتيكان أم ان الاحتلال يريد الاستفادة من حالة عدم الاستقرار وغضب الشارع العراقي ازاء ما يحدث لبلده بإلقاء اللوم على طرف آخر تمهيدا لمهاجمته فيما بعد مثل إيران. ذكرت في مقال سابق نشر في جريدة الرياض (Feb5002,11) أن الصراع القادم بعد العراق هو إيران والسبب توجه إيران لاستخدام اليورو بدلاً من الدولار بشكل تدريجي في معاملاتها النفطية تماماً كما عمل العراق في السابق. فأحد أهم أهم أسباب غزو العراق كانت استبدال الدولار إلى اليورو في مبيعات النفط العراقي عام 2000م. إيران من جهة ثانية ستخطو خطوة أبعد فقد أعلنت طهران ,4002) June) عن عزمها إنشاء بورصة لبيع وشراء النفط مثل NYMEX في نيويورك وIPE بلندن تحت مسمى «بورصة البترول الإيرانية» من المقرر العمل بها مع بداية 2006م وسيتم التعامل باليورو خصوصاً بعد زوال بعض العقبات التي كانت تعيق ذلك في السابق مثل تحسن سعر صرف اليورو مقابل الدولار. القيادة الإيرانية استوعبت انعكاسات التغيير من الدولار لليورو في مبيعات النفط على العراق وحفظت الدور جيدا وبدأت في سباق مع الزمن للحصول على السلاح النووي لردع أي هجوم محتمل لحماية سياستها النفطية والمالية والمضي قدماً في إنشاء سوق البورصة الإيراني. فاستراتيجية غزو العراق بدأت مع إيران مع تغيير المسببات والمسميات ولكن الهدف واحد. الولاياتالمتحدة من جهة أخرى إضافة للقوة والتقدم التكنولوجي العسكري لديها استراتيجية تتبعها داخل الولاياتالمتحدة وخارجها قبل مهاجمة أعدائها وهي: 1- تصوير أعدائها على أنهم خطر على المجتمع الدولي (خارجيا). 2- ان شن الحرب على تلك الدولة يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب الأمريكي والبقاء للولايات المتحدة (داخليا) 3- عدم وجود سلاح ردع كالسلاح النووي. 4- القوة الدفاعية للدولة المهاجمة ضعيفة نوعا ما لتجنب خسائر فادحة بين القوات الأمريكية. تصريحات المسؤولين الأمريكين سواء مدنيين أو عسكريين تؤكد من أن عام 2006م سيكون حاسما بالنسبة للتواجد الأجنبي في العراق ربما لمعرفة نوايا طهران الحقيقية تجاه إنشاء بورصة البترول الإيرانية ومن ثم وضع إستراتيجيتها تبعا لذلك. دور إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة هو استفزاز وتشويش لإيران والرأي العام العالمي ودول المنطقة بحجة التهديد النووي الإيراني لأمن إسرائيل والمنطقة مع العلم أنه لا يوجد أي عداء سابق بين إيران وإسرائيل يصل إلى تهديد عسكري ولم يهدد أي منهما الآخر حتى في أوج المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان عن طريق حزب الله المدعوم من إيران. امريكا تريد استخدام حليفتها الاستراتيجية في المنطقة إسرائيل لإظهار خطر إيران على المجتمع الدولي كما استخدمت حليفتها بريطانيا في بناء قضية أسلحة الدمار الشامل المزعومة عن العراق وغير مستبعد استخدام الطيران الإسرائيلي في ضرب المنشآت النووية الإيرانية ومن ثم دعمها سياسياً وعسكريا إن لزم الأمر لتجنب الغضب الداخلي في الولاياتالمتحدة والعالم بسبب الحرب على العراق وتجنب حرب استنزاف طويلة المدى وما تزويد الولاياتالمتحدة لإسرائيل بقنابل شديدة الانفجار والتي تسمى بونكر بوستر إلا خطوة في هذا الاتجاه. المنطقة مقبلة على اجواء وظروف مشابهة للاحداث التي سبقت قيام النظام العراقي السابق بمهاجمة إيران 79 - 80م والتي ما زلنا نعاني من تبعاتها حتى الآن مع تشابه الاطراف واختلاف المسببات.