ألقت الأزمة الاقتصادية والإنتكاسة المالية بظلالها الكئيب على الناس مع خسارة الأسهم المرة التي خلفت وراءها كثيراً من الأفراد والمؤسسات والشركات المدينين والمال ضرورة من ضروريات الحياة وولي أمر المسلمين منوط به مصلحة الرعية وحفظ أموال الناس من المتلاعبين بها وأكلها بالباطل بإيقاع العقوبات عليهم ردعاً لهم وزجراً لغيرهم من السجن والتشهير بهم ومنع سفرهم وحماية أموال المساهمين وقد كثر الدائنون المطالبون بحقوقهم من المدينين لدى الجهات القضائية وقد يدعي بعض المدينين العجز المالي أو يماطل في الوفاء ، فجاءت الشريعة الإسلامية بأحكامها محققة للعدالة للدائن والمدين على حد سواء حتى لا يضيع حق الدائن ولا يتسلط الدائن على المدين فإن كان المدين مماطلاً فهو معرض للعقوبة جاء في الحديث :( مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته ) وعرضه شكايته وعقوبته حبسه أو ضربه ، فإن كان في يده مال أمر بالقضاء ، لأن الأصل بقاء المال حتى يعلم زواله فيحبس المدين حتى يؤدي الذي عليه وقد يبيع الحاكم عليه جبراً إذا امتنع من البيع وكان البيع أحظ وإن لم يوجد له مال ظاهر وادعى الإعسار وصدقه غريمه لم يجز حبسه ووجب إنظاره لقوله تعالى : ( فان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لغرماء الذي كثر دينه : ( خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ) على أن يترك له ما يكفيه من النفقة وأهله وأولاده وحوائجه الأصلية ، وإن لم يصدقه غريمه طولب الدائن بالبينة فإن جاء بها أو علم له مال ظاهر معروف كمن يأخذ أموال الناس للتجارة بها واستثمارها ويدعي ذهابها ولم يظهر ما يصدقه من احتراق أو سرقة ونحوه ، لأن الأصل بقاء المال حتى يعلم زواله فيحبس المدين حتى يؤدي الذي عليه وقد يبيع الحاكم عليه جبراً إذا امتنع من البيع وكان البيع أحظ للغرماء ، وإن لم تكن للدائن بينة فيسجن المدين استظهاراً لحاله إلى أجل و يتحرى القاضي عن حاله بالطرق الموصلة لذلك ، ثم يطالب المدين بما يُثبت عسره بالشهود العدول ، وقد يطلب القاضي زيادة في الإستيثاق وحسبما يراه محققاً للعدالة وحفظ مال الدائن يمين المدين على إعساره لأن الشهود يشهدون على الظاهر والباطن لا يعلمه إلا الله والمدين ثم يحكم القاضي بإخلاء سبيل المدين وإنظاره إلى ميسرة كما في القضية المطروحة في هذه الصحيفة فإن ظهر للمدين مال بعد ذلك طالبه الدائن بحقه قال صلى الله عليه وسلم :(من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله ) قاضي سابق ومستشار شرعي