رصد مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي بالقاهرة د. محمد عبد الحليم عمر بطريقة رقمية اكاديمية التداعيات الاقتصادية على الساحتين الخليجية والعالمية حال نشوب حرب امريكية ضد العراق خلال النصف الثاني من شهر فبراير الجاري حسب تلميحات جناح الصقور في ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش معتبراً النفط هو الدافع الرئيسي للحرب رغم تصريحات كبار المسئولين الامريكيين رداً على الشعارات التي يرفعها المناهضون للحرب. واوضح ان حلم السيطرة على النفط العراقي يراود عائلة بوش من الاب الرئيس حتى الابن الرئيس خاصة ان امريكا تستهلك 25% من الانتاج العالمي البالغ 76.8 مليون برميل يومياً وتستورد ثلثي احتياجاتها من منطقة الخليج والتي تبلغ 24.3 مليون برميل يومياً. واشارالى ان الحلم الامريكي ينبع من انتاج العراق حتى في ظل الحصار الاقتصادي 2.4 مليون برميل وحجم احتياطي 112مليار برميل يمثل 11 بالمائة من الاحتياطي العالمي. وحول العناصر الاقتصادية التي ستتأثر بالحرب يعتبر د. عمر في دراسة حديثة له ان اول هذه العناصر البترول العالمي، والذي يمثل المورد الاقتصادي الرئيسي الذي يقوم عليه الاقتصاد العالمي في توفير الطاقة اللازمة لادارة المصانع ووسائل النقل والاستخدام المنزلي بكل انواعه، وبدون النفط تتوقف الحياة على كوكب الارض واية تغييرات تطرأ عليه تؤدي إلى تغييرات مضاعفة على كل اركان الاقتصاد، مشيراً الىانه عند نشوب الحرب المتوقعة سوف يتأثر هذا المورد بتأثيرات عديدة من بينها: ارتفاع اسعار النفط ارتفاعاً كبيراً قد يصل في حالة الحرب المحدودة التي تستمر اسابيع قليلة إلى 40 دولارا للبرميل وفي حالة الحرب الطويلة إلى اكثر من 60 دولارا للبرميل، وبدأت بوادر ذلك حيث ارتفع سعر البرميل من 27 دولارا للبرميل والذي استمر هكذا لمدة عام إلى اكثر من 30 دولارا للبرميل نتيجة التصريحات الامريكية بالاستعداد للحرب.ثم تزيد الحالة سوء اذا تم ضرب مصافي النفط سواء في العراق او في بعض دول الخليج بما سيحرم العالم من هذا الشريان الهام للاقتصاد.كما انه سوف يقل الانتاج اثناء الحرب وتزيد تكاليف النقل والتأمين وربما تتوقف عملية النقل اذا تم اغلاق المضايق التي تمر فيها السفن المحملة بالنفط. والعنصر الثاني السياحة والتي احد اهم الموارد الهامة للعملات الاجنبية وبنشوب الحرب سوف يتوقف تدفق السياح لمنطقة الشرق الاوسط والذي يصل عدد السياح الوافدين اليها حوالي 30 مليون سائح سنوياً إلى جانب الصناعات المحلية والعمالة المرتبطة بها بما يحرمها من مصدر هام هي في اشد الحاجة اليه، بالاضافة إلى تاثر الاستثمار الاجنبي المباشر ففي ظل العولمة تزايدت تدفقات رؤوس الاموال بين الدول سواء الاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر والذي يساهم إلى حد كبير في خطط التنمية وكفاءة استخدام الاستثمارات، وبنشوب الحرب سوف يتوقف هذا التدفق بل سيتم سحب الاستثمارات الاجنبية من المنطقة بما يؤثر على النمو والحركة ويؤدي إلى الركود. كما ان حركة التجارة الدولية من استيراد وتصدير والتي ستتوقف خلال فترة الحرب او تزيد تكلفة ما يتم منها إلى زيادة تكلفة الصادرات والواردات مما يزيد من العجز في ميزان المدفوعات لدى الدول التي تعتمد على الواردات بشكل كبير وهي الدول النامية.وقال د. عمر ان المؤثرات السلبية لنشوء الحرب سوف تشمل العمالة فمن المعروف ان منطقة الخليج من المناطق الجاذبة للعمالة الاجنبية بشكل كبير وبنشوب الحرب سوف تتم هجرة الكثير من العاملين إلى بلادهم مما سيحرم هذه البلاد من مورد هام من موارد العملات الاجنبية. وارتباك وتباطؤ النشاط في بورصات الاوراق المالية سواء على مستوى الاستثمارات المحلية او الاجنبية.وحرمان العالم من التجارة مع العراق والتي تبلغ حوالي 54 مليار دولار سنوياً مما سيضر بمصالح 75 دولة تتعامل تجارياً مع العراق. وقال ان تكاليف الحرب التي من المتوقع ان تبلغ ما بين 60 مليار دولار وهو الرقم الذي قدمته ادارة بوش، وبين 1.6 تريليون دولار وهو الرقم الذي قدره الخبراء المستقلون وان كانت امريكا ستتحملها بالكامل على عكس حرب الخليج عام 90/91 التي تحمل الحلفاء 80% من تكاليفها، الا ان امريكا لن تعدم الحيلة لجبر العرب على دفع تكاليف هذه الحرب الثالثة. وسوف يتزايد الانفاق العسكري في المنطقة سواء لمواجهة تكاليف تعبئة الجيوش والاحتياطي او للانفاق على التسليح. وكل هذا سوف يؤدي إلى اثار سيئة على الاقتصاد العالمي نشير اليها في الفقرة التالية وحول الاثار السيئة للحرب يشير مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي إلى ارتفاع الاسعار نتيجة لارتفاع اسعار الطاقة واسعار السلع المستوردة مما يزيد تكاليف المعيشة ويزيد بالتالي من حالة الفقر التي تخيم اصلاً على العالم ودول المنطقة. وكذلك توقف او تباطؤ النشاط الاقتصادي: نظراً لارتفاع اسعار الطاقة والمواد الخام وهجرة العمالة خوفاً من الحرب، بالاضافة إلى تزايد حركة الركود التي يشهدها العالم منذ احداث سبتمبر 2001.وازدياد معدل البطالة نظراً لبطء وتوقف النشاط الاقتصادي. وبطء وقلة حركات التجارة الخارجية.وتدمير اقتصاديات العراق كاملة.مشيراً إلى ان الحرب سوف تؤدي إلى تزايد توجيه الموارد للانفاق العسكري وسباق التسلح إلى حرمان التنمية من هذه الموارد وبالتالي تزايد معدلات الفقر والتخلف الاقتصادي. واذا نجحت امريكا في كسب الحرب بسرعة فانها سوف تعمل على انهيار اسعار النفط وانخفاضها إلى حوالي 15 دولارا للبرميل مما تفقد معه الدول العربية حوالي 80 مليار دولار سنوياً من عائدات النفط على اساس انها تنتج يومياً حوالي 6 ملايين برميل وبانخفاض السعر حوالي 14 دولارا للبرميل تصبح النتيجة خسارة (5*14=80 مليار دولار) وما يترتب على ذلك من انهيار خطط التنمية بالدول العربية البترولية وامتداد هذا التأثير إلى دول المنطقة والعالم. واوضح ان هذه الاثار بدأت تظهر بوادرها بمجرد التهديد بالحرب وحالة الترقب التي اصابت اقتصاديات العالم بالشلل، فالحادث الان فعلاً هو: انخفاض قيمة الدولار الامريكي امام اليورو إلى ادنى مستوى له في ثلاثة اعوام مما سيكون له اثر سلبي على الاقتصاد العالمي الذي يعتمد الدول ار عملة عالمية. وتراجع مؤشرات اسواق المال الدولية (البورصات) إلى ادنى مستوياتها منذ اكثر من ستة اعوام. وارتفاع اسعار الذهب إلى حوالي 380 دولارا للاوقية. وزيادة الغيوم وعدم التأكد امام متخذي القرارات الاقتصادية مما ادى إلى تأخير تنفيذ المشروعات الاستثمارية وخطط التوظيف. وتراجع معدلات النمو الاقتصادي في الاشهر الثلاثة الاخيرة حتى وصل إلى 1% سنوياً. وهذا على مستوى المنطقة والعالم ككل. وحول الاثار الاقتصادية للحرب على مصر ونوجزها في الاتي: أ_ السياحة: تحصل مصر على 3.4 مليار دولار سنوياً من السياحة تساهم إلى حد كبير في توفير النقد الاجنبي وتغطية جزء من عجز ميزان المدفوعات، وحسب تصريح وزير السياحة أخيراً فانه في حالة نشوب الحرب سوف تخسر مصر حوالي ملياري دولار من هذه الحصيلة بما يعادل حوالي 73% من موارد السياحة إلى جانب ما تخسره مصر من عائد سلبي على استثمارات النشاطات السياحية والبطالة بين العاملين في السياحة الذين يبلغ عددهم حوالي مليوني عامل. ب_ تزايد العجز في الميزان التجاري: حيث تبلغ الصادرات 6.6 مليار دولار والواردات 14.6 مليار دولار والعجز يصل إلى 8 مليارات دولار وفي حالة نشوب الحرب سوف تزيد قيمة المدفوعات على الواردات لارتفاع اسعار النفط وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، كما ان نشوب الحرب في المنطقة ومصر جزء منها سوف يزيد من تكلفة الصادرات لتحملها بأسعار شحن وتأمين مرتفعة وبالتالي ترتفع اسعارها بما يقلل من فرصتها في المنافسة واذا اضفنا إلى ذلك ان صادرات مصر إلى العراق تبلغ نسبة كبيرة تحرم مصر منها وما يعادل حوالي ملياري دولار، فان الصادرات المصرية في حالة الحرب ستقل بما يؤدي إلى مزيد من العجز في الميزان التجاري. ج_ قناة السويس: تساهم قناة السويس بايراد من العملة الاجنبية حوالي 2.7 مليار دولار يمثل احد المصادر الهامة من العملة الاجنبية للاقتصاد المصري وفي حالة نشوب الحرب سوف يتوقف هذا المصدر تماماً او يقل إلى حد كبير جداً لان حركة النقل بها سوف تتوقف او تنكمش وحسب مدة الحرب التي قد تطول إلى عدة شهور سوف تخسر مصر حينها بواقع 225 مليون دولار من ايرادات القناة. د_ تحويلات العاملين بالخارج: تبلغ تحويلات المصريين العاملين بالخارج حوالي 2.9 مليار دولار يتم تحويل اغلبها من العاملين بدول الخليج، وفي حالة نشوب الحرب سوف تتوقف اغلب هذه التحويلات اما للهجرة المعاكسة للعمالة بالعودة إلى مصر خوفاً من الحرب او للاستغناء عنهم لتوقف النشاط بهذه الدول، واما لقبول العمل باجر اقل او حتى تأخر دفع مستحقاتهم. ه_ توقف تدفق الاستثمارات الاجنبية وانعكاس تدفقها للخارج: فمن المعروف ان الادخار المحلي يعادل 16% من الناتج المحلي ويعجز عن تمويل الاستثمارات التي تبلغ 22% من الناتج المحلي ويتم سد هذه الفجوة من الاستثمارات الاجنبية مع العلم بأنه توجد فجوة كلية بين الحاجة للاستثمار وبين الاموال المتاحة للاستثمار داخلياً وخارجياً تبلغ حوالي 8% مما يحتاج معه الامر إلى مزيد من جذب الاستثمارات الاجنبية وفي حالة الحرب سوف يتوقف تدفق الاستثمار الاجنبي اضافة إلى سحب المستثمرين الاجانب لاموالهم من مصر باعتبارها تقع داخل منطقة الخطر مما يؤدي إلى بطء النمو الاقتصادي وما يترتب عليه من مشاكل الركود والبطالة والمزيد من الفقر. و_ الانفاق العسكري على تعبئة الجيش والصيانة للاسلحة واستكمالها لانه لا يعلم الا الله مدى نطاق الحرب،وما ينفق على الدفاع حسب ميزانية 2001/2002 هو 10.2 مليار جنيه سوف يتزايد في حالة الحرب. بالاضافة الي بطء وتراجع مؤشرات سوق الاوراق المالية. الامر الذي يمكن معه القول ان نشوب الحرب يهدد المنطقة بكارثة اقتصادية لن تقوم منها لامد طويل حتى بعد انتهاء الحرب.