أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن الحرب على العراق ستخلف آثارا سلبية على اقتصاديات الدول العربية وفى مقدمتها الدول النفطية كما أنها تحدث آثارا انكماشية على حركات التنمية وعلى معدلات البطالة بها وأشاروا إلى أن قطاعي السياحة والخدمات هما الأكثر تعرضا للخسائر. وأوضحوا أن التقديرات الأولية للخسائر المحتملة على الاقتصاديات العربية تقدر ب100 مليار دولار وأنها ستفقد مالا يقل عن 10 ملايين فرصة عمل مما يساهم في ارتفاع معدلات البطالة في الدول المصدرة للعمالة هذا في الوقت الذي تتكلف فيه العراق وحدها اكثر من 265 مليار دولار لاعادة اعمارها. جاء ذلك خلال الندوة التى نظمتها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان والتنمية البشرية بالقاهرة تحت عنوان " الآثارالمحتملة للحرب الامريكية على العراق" والتى شارك فيها عدد من خبراء الاقتصاد . حجم الخسائر فى البداية اوضحت الدكتورة سلوى العنترى مدير عام الدراسات والبحوث بقطاع البنوك المصرية ان تقديرات الخسائرالمتوقعة للاقتصاديات العربية متباينة لانه لا توجد دراسات واضحة فى هذا المجال وان هذا التباين يرجع الى تباين سيناريوهات الحرب سواء كانت حربا خاطفة ام طويلة الاجل وبالرغم من ذلك فان التقديرات الاولية للخسائر التى تتحملها المنطقة العربية تقدر بأكثر من 100 مليار دولار هذا بخلاف ما تتحمله العراق وحدها بما لا يقل عن 265 مليار دولار واشارت الى ان آثار الحرب على الدول العربية تختلف بالنسبة لدول الخليج عنها بالنسبة لغيرها من الدول مثل مصر وسورياوالاردن. وفى دول الخليج سيكون للحرب اثر ايجابى فى الاجل القصير حيث ترتفع اسعار البترول الى مايقدر بنحو 40 دولارا للبرميل وهو اعلى سعر له منذ 12 عاما وبالتالى فان ذلك سيكون من صالح الدول المصدرة للبترول هذا فى الوقت الذى تأخذ فيه اسعار البترول فى الارتفاع اذا ماقام العراق بتدمير آبار البترول الى مايزيد على 40 دولارا وعلى ذلك فان هناك اثرا ايجابيا لدول البترول الا ان ذلك لن يدوم طويلا خاصة اذا فرضت الولاياتالمتحدةالامريكية سيطرتها على منابع النفط العراقى والتى تسعى لتخفيض سعره الى 15 دولارا للبرميل وهو السعر الذى لايشكل عبئا على ميزانيتها خاصة انها تعتمد على استيراد البترول وهو الامر الذى يصيب دول الخليج وميزانياتها بخسائر مادية فادحة من شأنها التأثير على برامج التنمية بها هذا بجانب نزوح رؤوس الاموال منها الى الخارج وبالتالى التقليل من قدرتها على جذب الاستثمارات الاجنبية اليها مما يعمل على تحويلها من دول متدنية المخاطر الى دول شديدة المخاطر. واشارت الدكتورة سلوى الى انه من المتوقع ان تزيد فاتورة واردات الدول الخليجية بسبب ارتفاع نفقات التأمين بعد ان رفعت الشركات العالمية قيمة التأمين على السفن المتجهة للخليج ولمنطقة الشرق الاوسط بمعدل 15 فى المائة باعتبارها مناطق غير آمنة . واوضحت ان الخسائر التى تتعرض لها اقتصاديات دول الخليج تختلف عما تتعرض له اقتصاديات الدول الاخرى مثل مصر التى تقدر قيمة خسائرها الاولية بنحو 8 مليارات دولار حسب التقديرات الحكومية وذلك بخلاف الاثار المباشرة على الاقتصاد القومى اما سورياوالاردن ولبنان وهى دول مستوردة للبترول فان الحرب ستؤثر على اقتصادياتها بالسلب بشكل مباشر نظرا للارتفاع المتوقع فى اسعار النفط وكذلك فى تكاليف الشحن والتأمين على الواردات التى تضار منها تلك الدول خاصة سورياوالاردن وهما الدولتان اللتان تعتبران الاكثر تضررا وذلك لانهما تدخلان فى منح مع العراق وان حجم تعاملاتهما مع العراق يصل الى 165 مليون دولار سنويا وبالتالى فانهما الدولتان الأكثر تضررا من الحرب عن غيرهما من دول المنطقة خاصة الاردن التى تعتبر ثانى دولة مصدرة للعراق وبالتالى فانها تفقد بالحرب سوقا تصديرية عظيمة فى العراق بخلاف انها مرشحة بقوة لان تكون المستقبلة للاجئين العراقيين فى حالة الحرب هذا بجانب تعرض صادرات بعض الدول الاخرى الى العراق مثل الامارات العربية المتحدة التي تعتمدفى جزء كبير من الدخل القومى على حصيلة صادراتها الى العراق. العمالة وتطرقت الدكتورة سلوى الى الاثار المترتبة للحرب على العمالة العربية وقالت ان الحرب من شأنها تهديد العمالة العربية فى دول الخليج من زاويتين الاولى ان الدول المصدرة للعمالة تتعرض لمعدلات بطالة تفوق المعدلات الحالية بسبب الاعداد العاطلة الاضافية التى يتحملها الاقتصاد القومى والثانية ان الدول المستوردة للعمالة ستفقد يدا عاملة وبالتالى ستعانى نقصا فى الايدى العاملة مما يؤثر بدوره على البنية التحتية وعلى تنفيذ المشروعات المعتمدة عليها خاصة قطاع الخدمات الذى يعتبر من اكثر القطاعات تأثرا بالحرب هذا بجانب قطاع السياحة الذى يصاب بالشلل بسبب تحويل المنطقة العربية الى منطقة غير آمنة مما يؤثر على نسبة الاشغالات وعلى التدفقات السياحية للمنطقة. اما بالنسبة للاقتصاد المصرى فأوضحت الدكتورة سلوى ان مصر معرضة لخسائر تفوق التقديرات الاولية وهى 8 مليارات دولار وان تلك الخسائر تتحقق بسبب نقص عوائد قناة السويس والتى من المحتمل لها ان تتأثر حسب بعض التقديرات بنسبة تزيد على 10 فى المائة هذا بجانب قطاع السياحة الذى يتأثر بدرجة اكبر بالحرب مما يقلل من عوائده هو الاخر بصورة اكثر خطورة عما كان عليه بعد احداث سبتمبر التى اثرت على حصيلة السياحة ونسبة الاشغال وبعض التقديرات تتوقع انخفاضا فى حصيلة السياحة المصرية يصل الى حوالى ملياري دولار فى بعض التقديرات. واوضحت ان مصر شأنها شأن غيرها من الدول العربية معرضة لزيادة فى فاتورة الواردات نتيجة ارتفاع رسوم الشحن والتأمين على الواردات مما يزيد من الاختلالات فى ميزان المدفوعات المصرى ومن ثم حدوث سياسة انكماشية الدخول فى دائرة ركود اقتصادى اذا تم الاخذ بعين الاعتبار الاثر المترتب على انخفاض قيمة الجنيه المصرى. النفط اما الدكتور احمد السيد النجار - مدير وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيس تحرير التقرير الاقتصادى السنوى- فأوضح ان الادارة الامريكية تعتمد سياسة التعتيم على البعد المحرك لسياستها الخارجية وهو البعد الاقتصادى وبالتحديد النفط العربى وهو ما كشف عنه كبير المستشارين الاقتصاديين فى البيت الابيض الذى تمت اقالته وعلى ذلك فان النفط العربى يمثل سلعة استراتيجية للولايات المتحدةالامريكية التى تستهلك 17 مليون برميل يوميا فى حين ان انتاجها لايتعدى 6 ملايين برميل يوميا وعلى ذلك فانها تستورد 10.8 مليون برميل يوميا ولذلك تسعى امريكا للسيطرة على منابع النفط للتحكم فى أسعاره لان ارتفاع سعر البرميل دولار واحدا يعنى تحميل ميزانيتها 4 مليارات دولار سنويا خاصة مع الزيادة الهائلة فى حجم وارداتها النفطية وبعبارة اخرى فان ارتفاع سعر البرميل 3 دولارات يقضى على كل مساعدات امريكا للعالم. واوضح الدكتور النجار الى ان الاقتصاديات العربية تتأثر بمعيار النفط الذى تسعى اليه الولاياتالمتحدةالامريكية بالحرب على العراق لتخلق ساحة نفطية عربية جديدة وجاهزة فلم تجد امامها افضل من العراق الذى يصل احتياطيه النفطى الى حوالى 112 مليار دولار وهو ثانى اكبر احتياطى عالمى. واشار الى ان العراق فى استطاعته ان يصل بالانتاج النفطى فى الاجل الطويل الى 12 مليون برميل يوميا وقد وجدت فيه امريكا فرصة للنزول بالاسعار الى 15 دولارا للبرميل وهو ما يعنى فى حالة تحقيقه ان الدول العربية تتحمل خسائر تقدر بنحو 102 مليار دولار سنويا مما يعنى ان الاقتصاديات العربية ستتأثر سلبا بالحرب على العراق فى الاجل الطويل هذا بجانب اصابة قطاع السياحة بأضرار بسبب مساهمة الحرب فى إيجاد حالة من التطرف الدولى طالما ان اكبر قوة دولية تتحدى الشرعية وتشن حربا خارج اطار الشرعية الدولية مما يعكس حالة من البلطجة والنزعة الفاشية التى تعنى زيادة التطرف فى العالم لان هناك قوى كبرى مضارة من هيمنة امريكا على العالم وفى مقدمتها فرنسا والمانيا وغيرهما من دول أوروبا.