كلما ازدادت طبول الحرب قرعا ودوت اصواتها تداعت القمم الدولية من كل حدب وصوب فمن لقاء المجلس الوزاري لوزراء الخارجية العرب الى القمة العربية المقترحة ومن قمة اوروبية استثنائية الى قمة دول المؤتمر الاسلامي ثم قمة دول عدم الانحياز وغير ذلك من القمم الضيقة الثنائية والموسعة وكلها تسعى وتجتهد وامامها هدفان الاول: مأمول وهو تأخير قرار الحرب والثاني: يكاد يكون مستحيلا وهو الغاء قرار الحرب فهل هذه الحشود والاستعدادات قدمت من اجل النزهة في صحارينا ثم التسكع على شواطئ دجلة والفرات؟ يتابع العالم هذه القمم وهناك حقائق مؤكدة لاتغيب عن احد وهي ان الحرب مرفوضة على اية حال وان النظام الطاغي في بغداد هو مسبب هذه الأزمة الدولية وأن الضحية الاولى التي لاحول لها ولا قوة هي شعب العراق واما الضحية الثانية فهي شعوب المنطقة كلها ومقدراتها اما الحقيقة الساطعة فهي ان امريكا صاحبة القرار لن تلتفت لقرار قمة ولا لأصوات المتظاهرين ولا لغيرهم فالأمر غدا مسرحية تنتظر رفع الستار وتأمل المشهد الاخير. هل تأتي تلك القمم بجديد؟ هل تستطيع ان تقدم الحلول المعجزة لثني امريكا عن قرارها؟ وهل الاختلاف في وجهات النظر والتصادم سمة القمم العربية؟ كما تباينت الآراء في اللقاء العربي لوزراء الخارجية وصل الخلاف في القمة الاوروبية الى مداه وكما حاول امين جامعة الدول العربية تلميع ما انتهى اليه الوزراء وتلطيفه وقف سولانا الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي ليقول مايقوله كل الناس على امتداد الكرة الارضية: ان من الواجب استنفاد كل السبل الدبلوماسية في محاولة تسوية الأزمة العراقية قبل التفكير في الحرب هذا مايعلن لكن اختلاف المصالح هو مدعاة اختلاف المواقف فألمانيا وفرنسا والنمسا لها مصالح مع العراق تهددها الحرب وخروجها عن الرأي الامريكي سيكلفها الكثير فقد جاءت التقارير عن الصقور في البنتاجون انهم يعدون قائمة بسلسلة من وسائل التأديب التي ستجعل الفريق المعارض للقرار الامريكي يتحمل الخسائر الجسيمة التي تصل لملايين المليارات مما يضر باقتصاد تلك الدول اولها سحب القواعد الامريكية وانتهاء بالحرب الاقتصادية. اما الاختلاف في اللقاء الوزاري العربي فهو امر اعتدنا عليه منذ قيام الجامعة العربية تستوي في ذلك القرارات السياسية او القرارات الاقتصادية وحتى القرارات الثقافية فكيف الحال بقرار المقاطعة مع العدو الاسرائيلي؟ واين المشروع الثقافي العربي الذي اقرته المنظمة العربية للثقافة والفنون (الاليسكو)؟ وهل يغيب علينا ان قرارات اقل خطورة مثل قرارات الدورات الرياضية تعاني التصادم باختلاف الآراء. ان الاختلاف سمة عالمية لكن ان يتعلق هذا بالإضرار بالسلام وامن المجتمعات فذلك أمر خطير والكارثة ان تتيح الظروف السيئة لصاحب القرار ان يوظف ما انتهى اليه الحال من سوء وانحدار في العراق وتطرح القيم الاخلاقية الانسانية ذريعة لشن حرب لانعرف ما ستنتهي اليه فذلك أمر مرير قاس فما يعانيه الشعب العراقي يؤلم الجميع واولهم جيرانه الذين تربطهم به صلات الدم والنسب لكن هل الحل هو الحرب فقط؟ الا يمكن ان يجبر النظام العراقي على قطع الطريق على اصحاب القرار بالحرب وينقذ المنطقة مما سيحل بها؟ ما اشبه اليوم بالبارحة لقد جفت الحناجر في التسعينات تدعو صدام لمغادرة الكويت, لكنه كعادته اخذته العزة بالاثم وطغا وتجبر وقاد شعبه الى الهاوية وشق الصف العربي وفجر أوبئة العداوات واشعل نيرانها التي لما تطفأ بعد. واليوم يستمر في غيه سادرا وهو قادر على تلبية المطلب الدولي او حتى اتخاذ قرار شجاع بالتنحي وترك العراق وتخليص شعبه والمنطقة من الاهوال القادمة, لقد غدا هذا حلم الطامحين الى ايقاف الحرب والطريف ان يتبادل الكويتيون رسالة تليفونية في جولاتهم تقول: (ده حلمنا, طول عمرنا, يموت صدام, ويفكنا كلنا كلنا. والتوقيع الحلم الكويتي) وأرى انه حلم عالمي.