يتعرض الشارع العربي من المحيط إلى الخليج عامة وفي المنطقة المحصورة في منطقة الشرق الأوسط خاصة، وشباب العراق على وجه الخصوص إلى حرب نفسية بشعة تطلقها القنوات التليفزيونية الموجهة عبر الأقمار الصناعية التي تتابع التحركات المحمومة للقوات الأمريكية والإنجليزية في سباقها مع الزمن ومحاصرتها منطقة الخليج العربي بحاملات طائرات ودبابات وراجمات صواريخ وقوات وجنود وقيادات لا قبل للمنطقة بها. ولا يقف الأمر على التحركات بل التصريحات الاستفزازية المستمرة التي يطلقها القادة والوزراء الأمريكيون، ابتداء من وزير الخارجية إلى وزير العدل والدفاع، تلك التصريحات التي تتناول الأسلوب أو الفترة الزمنية المطلوبة لنجاح قواتهم في مهمتها وذلك لتهيئة الرأي العام الأمريكي لما هو آت من هجمة شرسة مفترض وقوعها قريبا على العراق كدولة لسحق قيادتها وتدمير بنيتها والقضاء على قدراتها، والتأثير المباشر على الروح المعنوية للشباب العراقي وإشعاره بالضعف وعدم القدرة على المواجهة، ودعوته إلى محاربة النظام الحاكم وعدم الامتثال لأوامره والتمرد عليه والاستسلام لهم دون مقاومة وإلا حوكموا كمجرمي حرب. وإذا كانت هذه الحرب النفسية التي تطلقها الولاياتالمتحدة وبريطانيا القصد منها هو تهيئة الرأي العام العالمي لهذا الغزو واخافة العراق ونظامه، فان الشباب العربي في العراق وفي الدول التي سوف تتضرر من هذا الغزو يتساءلون هل يقفوا مكتوفي الأيدي في مواجهة الموت المفروض عليهم وهم يسلمون رقابهم وأرواحهم أذلة لهؤلاء الغزاة الجدد الذين قدموا من أقصى الأرض لا لنصرة شعب مطحون كما يدعون ولكن لتحقيق أهداف ترضي غرورهم سواء كانت هذه الأهداف أهدافا استراتيجية أو عسكرية أو اقتصادية - وهم في ذلك لا يتورعون عن سحق كل ما أمامهم تحت أقدامهم لتحقيق هذه الأهداف مهما كانت الأساليب والطرق التي ينتهجونها لتحقيق هذه الأهداف؟، ام انهم من الواجب الوطني ان يدافع هؤلاء الشباب بكل ما اوتوا من قوة عن اوطانهم ضد هذا الغزو؟ وهل لو انعكست الصورة وأقدمت القوات العراقية على مهاجمة أمريكا في عقر دارها عبر المحيطين الهادي والأطلسي سيستسلم الأمريكان لقدرهم المحتوم ويقفون موقف العاجزين، أم سيدافعون عن أراضيهم بكل ما أوتوا من قوة؟. إن الحرب النفسية التي تطلقها قوات الغزو لا تخيف الشباب الذي يتحصن داخل أرضه، لأن قدر هذا الشباب أن يواجه هذا الغزو القادم من المحيط لمسافة تبعد آلاف الأميال طمعا في مكاسب معينة وتحقيق غايات خاصة، ولأنه لا مفر له من الأرض إلا الأرض التي تربوا عليها وترعرعوا في جنباتها، والموت على هذا التراب أشرف لهم من الهرب خارج الحدود، ربما يكون هذا الشباب مغلوبا على أمره، ولا يمكنه تقرير مصيره وغير راض عن سياسات حاكمه المستبد، ولكن هذا لا يثنيه عن عزمه على الدفاع عن أرضه وعرضه فيما لو تعرض لغزو الغزاة وبطش الباطشين، ومهما تعالت أساليب الحرب النفسية، فهي لا تخيف هؤلاء الشباب الذين نذروا حياتهم للدفاع عن أوطانهم، وهم لذلك يتدربون على حمل السلاح والمواجهة سواء كانوا شبابا أو بنات كبارا كانوا أو صغارا، مهما كانت بساطة السلاح الذي يتدربون عليه فالشعور بالحق يقوي العزيمة والشعور بالظلم يقوي الإرادة، وسوف يشهد هذا القرن مأساة حقيقية لو وقعت هذه الحرب لأن نتائجها غير معروفة ولا يمكن حسابها بمقاييس الأرباح والخسائر، والخوف كل الخوف ألا تحسب الولاياتالمتحدة وبريطانيا حسابات هذه الحرب على نفوس ملايين الشباب العربي والمسلم، الذي يقدر عدده بنصف المليار وهو يشعر بأن الغطرسة والزهو والخيلاء بالقوة لا تقيم له وزنا، فهذا الشباب لن يصيبه الإحباط بقدر ما ستكون هذه الحرب باعثا على الانتقام. لماذا لا يفهم قادة الحرب الكبار أحلام الشباب وقدراته وقوته؟، أليس هؤلاء الشباب هم الامتداد وهم الأمل في المستقبل، وهم إرادة الدول والشعوب!!!.