الأمثلة الحديثة في كشمير وفلسطين والشيشان وسريلانكا تثبت أن البشر يصلون إلى مرحلة يفضلون فيها الموت على حياة العبودية والإذلال. وبذلك فإن أضخم الأسلحة قوة في العالم لن تحقق نصراً خالصاً ضدهم. ينتابنا القلق لأسابيع، والتساؤلات عما إذا كانت فرق الكريكت (البريطانية) ستشارك في البطولة الدولية في زيمبابوي. ولكن توني بلير الذي يناغم الولاياتالمتحدة في التحضير لشن حرب على العراق، قال يتعين التفكير بما لا يمكن تخيله.. مقاطعة الإنجليزي عمران خان. منع توني بلير فريق الكريكت من المشاركة في البطولة العالمية في زيمبابوي لكي لا يسيء إلى مشاعر المواطنين (البيض الذين وزعت السلطان مزارعهم على السكان السود) واحتجاجاً على ديكتاتورية الرئيس روبرت موغابي. وكيف ترى بريطانيا أن اللعب في زيمبايوي عمل غير أخلاقي، بينما هي، في هذا الوقت تماماً، تساند دعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش لشن حرب ضروس ظلوم على العراق قد تسفر عن كارثة كبرى قد تزهق آلاف العراقيين. وفي وقت يدور فيه جدل خارج أوروبا عما إذا كان الرئيس موغابي ديكتاتورا، بحيث يبقى الرياضيون بعيداً عن بلاده، فإنه من الصعب أن تجد من يرى أن الحرب على العراق ذات جدوى. ويمكن للرئيس بوش وتوني بلير أن يقولا إن صدام حسين يمتلك أسلحة فتاكة تهدد الولاياتالمتحدة وحلفاءها حتى تزرق وجهاهما، ولكن لا أحد في العالم الإسلامي يمكنه تصديق هذه الذرائع. وكل أمرىء هنا (في العالم الإسلامي) مقتنع بأن الحرب الوشيكة على العراق تخطط وفقاً لهوى اللوبي الإسرائيلي الطاغي النفوذ في الولاياتالمتحدةالأمريكية وللسيطرة على حقول النفط العراقي. الفجوة التكنولوجية بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي تنمو إلى حد مروع بحيث أنه لو اجتمعت قدرة العالم الإسلامي كلها لن تشكل أي تهديد لأمريكا. وهذه الحرب الموعودة سوف تكون أحادية القوة بأسوأ مما كان سكان أمريكا الأصليون (الهنود الحمر) يواجهون فرسان الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسهام والأقواس. يوجد قليل من المسلمين من سيأسفون لفقد صدام. بينما الغالبية الساحقة تود لو ترى مقفى هذا الديكتاتور المنزوع الرحمة، مغادراً.. ولكن الكل يتذكر وقتا ليس ببعيد، حينما كان صدام الفتى ذا العينين الزرقاوين (أي المدلل) للولايات المتحدةالأمريكية. وكانت البلدان الغربية تموله بأسلحة الدمار الشامل. وعلى كل حال فإن القلق منغص بشأن ال22 مليون عراقي الذين حقيقة الآن، يتكبدون معاناة مرة. ويساور الناس القلق ، بعد أن تنتهي هذه الحرب الأحادية، عما إذا كان سينشأ استقطاب أكثر حدة بين الغرب والإسلام. فالضغينة ضد أمريكا سوف تتفاقم، وكثير منا يخشى أن الولاياتالمتحدة سوف تتعرض، ومواطنيها، لمزيد من الهجمات الإرهابية. في 11 سبتمبر (2001) وقف العالم الإسلام بأجمعه خلف الولاياتالمتحدة وقدم دعمه الكامل للحرب ضد الإرهاب. هذا التأييد أخذ يتلاشى، بعد ثلاثة أسابيع منذ 11 سبتمبر، بدأ القصف دون تمييز، لأفغانستان. وقد قتل عدد من الأفغان الأبرياء يفوق أولئك الذين قتلوا في الهجوم على الأبراج في نيويورك. ومنذ الهجوم على أفغانستان تبدلت الأحوال من سيئ إلى أسوأ. فقد شاهد العالم، على شاشة السي ان ان، وبي بي سي، أسرى طالبان وهم يعدمون بسرعة. وكثير منهم قرويون بسطاء لم يسمعوا قط بمنظمة "القاعدة". وآخرون تم تهريبهم عنوة بإغلال إلى غوانتنامو. ولم يمنحوا حق أسرى الحرب طبقاً لاتفاقية جنيف ولم تدنهم أية محكمة شرعية. ويمكنك القول إن بريطانيا ليست مسئولة مباشرة عن هذه الانتهاكات، ولكنني لم اسمع السيد بلير يدين معاملة الإنسان كما الحيوان في غوانتنامو وكذلك المعاملة الوحشية التي تعرض لها أسرى آخرون من طالبان على أيدي حلفاء محليين للغرب. الحكومة الباكستانية احنت ظهرها لتتعاون مع الولاياتالمتحدة بالرغم من السخط الشعبي إزاء إراقة الدماء البريئة في أفغانستان. ولكن لاحقاً وجد الباكستانيون أنهم يعاملون كأعداء، فجهاز " أف بي أي" (مكتب المباحث الفيدرالي الأمريكي) التقط مواطنين باكستانيين، من داخل وطنهم، واختفوا أياما دون أثر، معرضاً السيادة الباكستانية للسخرية والهزء. الدكتور أمير عزيز واحد من أبرز جراحي تقويم الأعضاء ومعروف بأعمال الإحسان، اختفى يوماً. وكان مشهداً مذلاً ومذهلاً أن تتسول والدته الأمريكيين لكي يعيدوا لها ابنها. وكل ذلك حدث على الأرض الباكستانية ذات السيادة. في الانتخابات الأخيرة في باكستان حققت الأحزاب الدينية انتصارات مثيرة. رغم أنها خلال ال55 عاماً، هي تاريخ (استقلال) البلاد، لم تحقق أكثر من 10 مقاعد في الجمعية الوطنية. هذه المرة حققت هذه الجماعات 52 مقعداً. ماذا بعد ذلك.. إن مؤيديها ينمون كما لوحظ في الانتخابات الأخيرة. وهذه النزعة يمكن ملاحظتها في جميع أنحاء العالم الإسلامي. والهجوم على العراق سوف يؤدي إلى تفاقم السخط. إنه السخط.. والشعور الغاضب بالإهانة والعجز ذلك الذي يؤدي بأفراد ليرتكبوا ما يستطيعونه من الأذى (للآخر العدو) حتى وإن ضحوا بأرواحهم. إن غرور الولاياتالمتحدةالأمريكية وبلادتها تجاه مشاعر العالم الإسلامي يمكن ردها إلى الهزيمة السهلة لطالبان. وقد أعلن المتطرفون المحيطون (بالرئيس) بوش إنهم حققوا انتصاراً عظيماً، كما لو أنهم قد هزموا قوة عظمى لا مليشيات بدائية. وتحلوا بثقة طاغية بأنهم يعولون على قوة الولاياتالمتحدة وحلفائها ليخضعوا كل الأعداء. مع أو دون موافقة المجتمع الدولي. يمكن للعراق أن يستسلم، ربما أكثر مما فعل جيش طالبان الرث المتداعي. ولكن ما العمل إذا ما حدث هجوم إرهابي على أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية. كيف وأين يمكن أن تجد الإرهابيين بين 1.3 بليون نسمة؟. هل ستبدأ بالستة ملايين مسلم الأمريكيين؟.. وماذا سيتحدث لبلد مثل باكستان بسكانها ال140 مليون نسمة؟.. إذا ما دبر متعصب هجوماً من أراضيها ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية.. هل سنواجه كلنا عقوبة جماعية مثلما حل بأفغانستان؟.. هذه هي الخشية التي تسرى في العالم الإسلامي. في المحصلة.. هل من الحكمة أن تحرض الولاياتالمتحدةوبريطانيا هذا الغليان ضدهما.؟.. في ظل التكنولوجيا المتقدمة باستمرار، يمكن لعدد قليل من الناس أن يوجهوا دمارا غير مسبوق ضد المدنيين، بأسلحة كيماوية وبيولوجية وحتى بقنابل نووية صغيرة الحجم. هل من الحكمة أن تركب الولاياتالمتحدةوبريطانيا مثل عدوان بهذا الأسلوب؟.. الأمثلة الحديثة في كشمير وفلسطين والشيشان وسريلانكا تثبت أن البشر يصلون إلى مرحلة يفضلون فيها الموت على حياة العبودية والإذلال. وبذلك فإن أضخم الأسلحة قوة في العالم لن تحقق نصراً خالصاً ضدهم. وأغلب الناس في العالم الإسلامي يؤمنون بأن سبب أحداث 11 سبتمبر يعود كلياً إلى التأييد الأمريكي الأعمى لإسرائيل. ولن يفجر الناس أنفسهم من أجل تدمير حرية الآخرين أو بسبب غيرة من أساليب حياتهم بقدر ما يسعون إلى مضاهاة الآخرين. لكنهم يفجرون أنفسهم فقط حينما يودون تفجير بركان اليأس من الفوز بالحرية لهم ولأطفالهم. والأسلوب الأمثل لإخماد هذا البركان ليس احتلال العراق، ولكن بتأمين حل عادل للقضية الفلسطينية. والأغلبية في العالم الإسلامي محبطة من تأييد بلير الأعمى لبوش. إذ يظن المسلمون دائماً أن بريطانيا، بتجربتها الثرية في التعامل مع السيطرة وكفاح الحرية، سوف تتحلى بسياسة خارجية متوازنة وناضجة. ويتعجبون من هذه هذه التبعية للرغبات الأمريكية. هل هي حقيقة، كما أدعى بلير، أن الأسلوب الأمثل لمنع الهجوم الأمريكي، يتم بمسك يد السيد بوش ومصاحبته لأبواب الحرب؟.. دعونا نأمل أن يكون السيد بلير على حق.. لكن ذلك يؤدي بلير وبوش إلى توريط بلديهما في حرب دموية وغير أخلاقية. وسوف تأخذ بريطانيا نصيبها من العواقب. بالرغم من أنني ارفض اللعب في جنوب أفريقيا (أيام كانت) العنصرية. إلا أنني لست من المتحمسين للمقاطعات الرياضية.. وتوجد بلدان كثيرة تمتلئ سجلاتها لحقوق الإنسان بالشكوك بحيث أن المتحمسين للمقاطعة سوف لن يجدوا مكاناً يلعبون فيه. ولكن حينما تبدأ هذه الحرب المشؤومة، خصوصاً إذا ما تضخمت بأرقام الضحايا المدنيين العراقيين. المنتقدون الآخرون سوف يسألون أنفسهم هل سيلعبون في بريطانيا البلد التي توشك على خوض حرب اكثر تدميراً في العراق مما يستطيع موغابي تخريبه في بلاده. وربما جاء الوقت للتوقع بغير المتخيل: مقاطعة الكريكيت في الوطن الأم للكريكت.. تبدو تلك هي اللغة التي يفهمها السيد بلير. زعيم حزب حركة الإنصاف الباكستانية ولاعب الكريكيت الدولي الشهير