وهو يترك (مكةالمكرمة) لم يحمل أحمد علي احمد الشدوي معه اشياء كثيرة.. جاء الى (الشرقية) ترفرف في قلبه الصغير احلام كبيرة، وتسمو في وجدانه طموحات لاتنتهي، وتختبئ داخله رغبة قوية في النجاح، وترن في أذنيه نصائح والده بضرورة الصبروالأناة والحلم لمن اراد ان يكون كبيرا.لم يكن ابن الثالثة عشرة قد عرف طريقه جيدا ولكنه كان مصرا على اثبات الوجود، ويحمل في داخله جدية وانضباطا وأشياء كثيرة تعلمها، وهو يساعد والده في خدمة ضيوف الرحمن في مواسم الحج. ولد أحمد الشدوي في قرية الحدب كان أبوه يعمل بالزراعة ثم يسافر الى مكة ليعمل في خدمة الحجاج في مواسم الحج ثم انتقل ليعيش في مكة ليتيح لابنه فرصة الدراسة. التحق احمد الشدوي بمدرسة (الناصرية) الابتدائية في مكةالمكرمة، ومكث بها ثلاث سنوات كان ترتيبه فيها الاول ثم انتقل الى مدرسة (السعدية) وظل فيها الى ان حصل على الشهادة الابتدائية, خلال حياته في مكةالمكرمة التي لم تزد على ست سنوات، هي فترة دراسته الابتدائية عمل احمد الشدوي في خدمات الحجاج وتولى توصيل الحجاج التائهين مقابل أجر يمنحه اياه شيخ المطوفين.. وكان يعطي والده كل ما يصل يده من مال. الى المنطقة الشرقية وبالتحديد الى ارامكو قرر احمد الشدوي السفر. كان بعض الشباب من اقاربه في زيارة له، ووجدهم يتحدثون الانجليزية بطلاقة ويحملون معهم صورا من ارامكو التي يعملون بها، ويحكون عن نظام العمل بها والفرص التي تتيحها لموظفيها فسأل نفسه: لماذا لا أتعلم الانجليزية؟ ولماذا لا ألتحق بأرامكو؟ لم يعترض والده على سفره.. كان حزينا لفراق ابنه الصغير, ولكنه كان سعيدا لانه فكر في السفر, وأصبح رجلا يعتمد على نفسه. في أرامكو اجتاز أحمد الشدوي الاختبار الذي عقد له، والتحق بقسم الحاسب الآلي وبدأ بتعلم الطباعة وبعد أسبوعين كان يجيد ادخال البيانات الى الحاسب الآلي وبعد ثلاث سنوات انتقل الى قسم (تشغيل المعلومات). الى جانب العمل واصل احمد الشدوي دراسته وكان نظام العمل في ارامكو يتيح للموظف ان يدرس ساعتين يوميا ومن يحصل على درجات عالية تزيد ساعات دراسته على حساب ساعات عمله. الى الولاياتالمتحدةالامريكية سافر احمد الشدوي بعد ان حصل على بعثة دراسية حصل خلالها على بكالوريوس علوم في انظمة المعلومات من جامعة (فيرست ستيت) بولاية (ميتشجان) بتقدير امتياز. الى ارامكو عاد احمد الشدوي مرة اخرى وتضايق حين عمل في نفس العمل الذي كان يعمل به قبل حصوله على البكالوريوس، وكان طموحه ان يعمل في مجال البرمجة الذي تخصص فيه، وبالفعل نقل الى قسم البرمجة وظل به ثلاث سنوات، ثم نقل الى ادارة تخطيط المواد التابعة للمستودعات وكانت نقلة مفيدة له وللادارة. في عام 1973م ترك احمد الشدوي العمل في ارامكو وفاء لوعد وعده أحد زملائه بمساعدته حين يحتاجه، وها هو زميله يترك ارامكو ويتفرغ للعمل الحر، وينشئ مؤسسة صغيرة، ويتعاقد مع احدى الشركات في جدة، فتشترط عليه ان يكون مدير الحاسب الآلي سعوديا، فتحين لحظة الوفاء بالوعد ويطلب من احمد الشدوي العمل معه فيتخذ اصعب قرار في حياته ويترك ارامكو, ليس بسبب اغراء المرتب الكبير والمسكن والسيارة ولكن بسبب الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه، ويسافر الى جدة ويبدأ مع زميله تجهيز المكان واعداد الموقع وتركيب الاجهزة وتشغيلها ويكتسب خبرات متنوعة ويتعلم اشياء كثيرة، ويكتشف ان عليه ان يفعل كل شيء بنفسه.الى الشرقية عاد أحمد الشدوي وفي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عمل مديرا لمركز خدمات الكمبيوتر الخارجية, وأتاح له عمله التعامل مع الدوائر والمؤسسات الحكومية والشركات الاجنبية وكانت الجامعة تقدم خدمات الحاسب للوزارات والمؤسسات الحكومية من خلال المركز، وتفتحت أمامه آفاق جديدة واكتسب خبرات متنوعة وكانت تجربة ناجحة وحيوية ملأته طموحا وأملا في حياة جديدة. بعد عامين من العمل، قرر أحمد الشدوي ترك الجامعة وانشأ مع خمس من الشركاء شركة الخليج للكمبيوتر والمعدات الالكترونية، كانت التجربة شاقة والمجال حديثا وغريبا وليست به موصفات محددة مثل المقاولات, وكان يكتشف اثناء تنفيذ الاعمال انه يحتاج أضعاف المبلغ الذي تم تحديده من قبل, بعد ذلك انشأ أحمد الشدوي مع شركائه شركة الفلك وكانوا قد اكتشفوا ان هناك مجالات كثيرة لاتستطيع شركة الخليج ان تقوم بها. وانشأ احمد الشدوي عددا من الشركات التي خرجت من معطف شركة الخليج مثل (الشركة المتحدة لخدمات الحاسب الآلي) وشركة (النظم السعودية) وهي متخصصة في صيانة ومساندة نظم الحاسب الآلي في الطيران المدني وشركة (ستيريا الخليج) وهو شراكة مع احدى الشركات الفرنسيةوتتخصص في الخدمات البنكية والشركة المتحدة لهندسة النظم وهي شركة مختلطة مع مجموعة يونج. ويرى احمد الشدوي ان الحاسب الآلي غير كثيرا من اعماله ومعيشة الناس وسيكون هذا التغيير جذريا بعد وقت قصير، فلن يكون هناك داع لتواجد الانسان في مكان معين لادارة عمله او لقضاء حاجاته او لزياراته الاجتماعية فالحاسب الآلي يجعلك تعيش وكأنك في جميع انحاء العالم من خلال الاندماج بين الاتصالات المرئية والسمعية والحاسب الآلي. ويرى ان التطورات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها حقل الحاسب في السنوات الاخيرة ليس مرجعها فقط إمكانات الحاسب الآلي ولكن عقل الانسان الذي يتخيل ويبتكر ويبدع ويتطور ورغم الخبرات الكثيرة التي اكتسبها أحمد الشدوي خلال دراسته وعمله وادارته شركات الحاسب الآلي فهو يعتبر نفسه خبيرا في هذا الحقل، ويشعر باحتياج دائم لمتابعة تطوراته اليومية السريعة والمتلاحقة.