عندما كنت وحيدا. كان الألم يختلج في داخلي.. ويعتصرني الصراخ أريد أن أصرخ.. أن أصرخ.. لتبديد الطاقة الكامنة في داخلي. لا أريد.. أن أعتزل الجميع.. بل أريد أن اأظل بينهم.. أريد أن أكون منهم. ها أنذا أطرد العزلة من داخلي.. أطردها إلى الأبد وأغلق خلفها الباب حتى لا تعود ثانية. وأنا عندما أسير.. أعقب السير بالركض.. أركض بقوة على تلك القدمين المتهالكتين. لماذا تظل قدماى تمسكان ساقاى وتتشبثان بهما بكل هذه القوة؟ @ @ @ @ كان عدوي اللدود ينتظرني في الشارع.. وأنا في ذلك الشارع الغريب أنظر.. أنظر إليه.. أحملق بكل ما أوتيت من قدرة. نافذة الضوء التي أراها من خلف الأسوار تشدني إليها.. تريد مني أن أنطلق الى الأمام.. لأن الضوء أمامي وسيهديني إلى طريق الفرار.. أحاول البحث عن الضوء المنبعث منها.. أركز أكثر.. لأن الضوء أمامي ينحسر.. ينحسر تدريجيا.. وأنا أتشبث به.. للإمساك ببقايا خيوطه.. هو يهرب.. لا يريد أن يدع لي فرصة الإمساك به ومن ثم الفرار. ما هذا الهرب؟.. لماذا أحرم حتى من نقطة الضوء التي ستهديني إلى المفر من هذا العدو الذي لا يزال يراقبني من بعد؟.. أنظر إليه.. ينظر الى.. بعيد عني.. هناك مسافة بيننا.. أشعر بأنه يقترب.. وأحس بخطواته الآتية من المدى البعيد. إنه يقترب.. خطواته تزداد.. تتحول تدريجيا إلى شبه ركض. إنه بالفعل يركض.. يركض نحوي.. ينطلق بقوة.. يندفع.. ما الذي جرى بالدنيا.. ما الذي حل بالوجود؟ الأاننى إنسان ضعيف يصر على الاعتداء علي؟ الا اننى لست قادرا على مقاومته ينوي الفتك بي والاصرار على اغتيال تلك البسمة الباقية على شفتي. ها هو يتجه الي.. يركض بعنف.. المسافة التي بيني وبينه تتضاءل.. بدأ يقترب أكثر.. لم تعد هناك مسافة.. نظرت أليه.. إنه هو.. استجمعت كل ما أوتيت من قوة واندفعت راكضا.. إنه يصر على مطاردتي.. كي لا أهرب منه. الهرب.. لا زالت لدي فرصة لتحقيق هذا المطمح.. لازال المجال أمامي وبإمكاني أن أهرب. فمازالت الفرصة مواتية.. بدأ الإجهاد ينساب إلى جسمي من شدة الركض العنيف.. بدأت قواي تضعف وقدراتي على المقاومة تتضاءل. ما الذي يحدث لي الآن؟ أنا الإنسان الغريب الذي يتمنى التخلص من هذا الحصار الذي أحاط بي.. أتمنى أن تتاح لي فرصة الخلاص. لا.. لن يراني العدو بعد الآن.. سأبتعد عن الأماكن التي يمكن أن يكون موجودا فيها. فكيف الخلاص؟ بدأت أنفاسي تضيق من شدة الركض العنيف.. أشعر بحرقة في صدري تكاد تقتلني.. والعدو يركض خلفي.. لم تضعف قواه.. إنه قوي البنية.. عريض المنكبين.. بتلك الجثة الضخمة التي لا تهدها ظروف الحياة المختلفة.. يركض ويداه تتبادلان بحركة إيقاعية متناغمة.. تخيفني فلو أن إحدى يديه هوت على وجهي ستحوله إلى أشلاء ممزقة. لم أعد أطيق الصبر.. لم يعد بإمكاني الآن التحمل أكثر من ذلك.. بدأ الظلام يكسو المدينة بظلاله.. ووهبني الله قدرة على الإبصار رغم ما أنا فيه من حالة يرثي لها. فجأة ظهر أمامي جدار في تلك الازقة التي كنت أركض فيها.. وبسرعة مذهلة اختفيت خلف الجدار وانتظرت اقتراب عدوي من الجدار وهو يركض.. لم ينتبه لاختفائي خلف الجدار.. وبسرعة مذهلة وجرأة الخائف المضطرب ضربته بكل ما أوتيت من قوة على وجهه بمرفق يدي اليمنى فهوى على الأرض.