كنت واحدا ممن شرف بمعرفة الشيخ احمد بن علي آل مبارك فعلى يديه تعلمت كيف امسك القلم ومن حسن حديثه تعلمت كيف اخاطب الناس ومن كريم سجاياه وخلقه تعلمت كيف اتعامل معهم ومن فيض علمه وادبه تعلمت كيف احسن صحبة العلم والادب. توثقت معرفتي به قبل ثلاثة عشر عاما مضت من سراج بيته المضيء اعني به منتداه الادبي (الاحدية المباركية) وقد اسرتني تلك الشخصية بعلمها وادبها وخلقها الرائع الجميل. وكان لهذه الشخصية الاثر الكبير في حياتي وصناعة شخصيتي خاصة بعد رحيل الرجل المعين والناصح الامين وصناعة شخصية العديد من الادباء والمثقفين في الاحساء واحسب ان اغلبهم ان لم اقل كلهم قد خرجوا من تحت عباءته وجلبابه الابيض الناصع وفكره الناضج الاصيل. ازدادت صلتي به يوما اثر يوم وخاصة في السنوات الست الاخيرة وكم دعاني بعد ان لمس في حب العلم والمعرفة والادب لزيارته فبادرت لتلبية تلك الدعوات وبالاخص تلك التي دعاني فيها لقراءة رحلته العلمية رحلة الأمل والالم هذه الرحلة العجيبة في احداثها واطوارها ومحتوياتها والتي اذهلتني واذهلت العديد من قراء السير الذاتية والرحلات العلمية ويوما يتلوه يوم تزداد العلاقة متانة ورصانة وحبا وودا في ظل العلم والمعرفة وسرعان ما تحب الشيخ احمد لانك ترى فيه مالا تراه في الاخرين علما وادباء وخلقا فهو صفحة بيضاء ناصعة. كان همي الوحيد ان اتعلم على يديه وان احسن صحبة العلم والادب فجلست اليه مستمعا ورحلت معه مرافقا وقرأت على يديه العديد من قصائد الشعر قديمها وحديثها وأنست الى احاديثه وذكرياته ولقاءاته وصداقاته فوجدت بحرا لاساحل له في العلم والفكر والثقافة قد اخذ من كل فن بطرف.==1== عرفتك ايها البدر المنير==0== ==0==عرفتك ايها الشيخ الجليل عرفتك واحة في كل فن==0== ==0==لها من كل غصن سلسبيل==2== وكانت مكتبته الداخلية والتي يطلق عليها (غرفة البحث) مليئة بالقصاصات والاوراق والرسائل والصور لكن كل واحدة منها تعني في حياة الشيخ احمد اشياء واشياء فكنا اذا ما قلبنا وريقة او صورة او رسالة تجد لها مع الشيخ قصة امتع منها فانت تستمع الى قصص وطرائف ولطائف وحكايات ماتعة تغنيك حقا عن العديد من كتب الادب في النوادر والحكايات. اما عن مكتبته فكل كتاب فيها يعده ابنا من ابنائه تجد عليها تعليقاته وذكرياته من اين اشتراه؟ وبكم اشتراه؟ ومتى اشتراه؟ اضافة الى تعليقات دقيقة تشهد له بقراءته وقراءة متأنية وقصته مع مكتبته اذا ما رواها طفقت تضرب يدا على يد كيف لطالب في ذاك الزمن البسيط ان يجمع كل هذه الكتب النادرة أفنى عمره وحياته تحت مصباحه الصغير يقرأ ويحفظ ويدون.. هكذا عرفت الشيخ احمد.. اسرني هذا الاديب الاريب في صبره وعزة نفسه وعزيمته.. وبعد ان ازدادت صلتي به اطلعني لا شلت يمينه بيده الكريمة على ديوان شعره الذي يفيض رقة وادبا وجمال عبارة وروعة تصوير وبعد ان قرأت الديوان من اوله الى اخره رحت ادون مناسبات تلك القصائد التي لا تخلو من طرافة ولطافة وصدق عاطفة ثم ابتسمت اليه وقلت والله انك لشاعر ولو تفرغت لشعرك لصرت اشعر من عرفت. وبعدها بايام يدفع الي برسائله الغريبة العجيبة مخطوطة يطلب مني ان اقرأها لاتعلم من جهة وليسمعها من جهة اخرى ليتذكر معها ايام وليالي كتابتها ويكاد من حبه لها يحفظها عن ظهر قلب.. قرأت الرسائل كلها فوجدت امامي صورة الجاحظ في رسائله وعبدالحميد في كتاباته حسن سبك وروعة لفظ ناهيك عما تسمعه من الشيخ من تعليقات اسرة لقصة كتابتها ورسائل الشيخ احمد لا تقل جودة عما كتب سلفا في هذا الفن الاصيل. هذا هو الشيخ احمد الذي اسر قلوب ناشئة الادب وهذه هي الشخصية ناهيك عن حسن حديثه الذي يأسرك اذا ماجلست معه وعن ذكرياته التي لا تمل وعن محاضراته ولقاءاته وندواته التي تثري فكرك وعقلك ثم بحثت هنا وهناك عمن كتب عن الشيخ مدونا هذه الشخصية النادرة لم اجد سوى وريقات في عدد من الكتب كلها ترجمات مختصرة او قصاصات من مقالات منشورة في بعض الصحف والمجلات او لقاءات اجريت مع الشيخ بعضها قديم وبعضها حديث الامر الذي حز في خاطري ان اجد رجلا بهذا يعرض عنه الباحثون والدارسون فراحت اناملي تكتب وتنشر في عدد من الصحف والمجلات عن هذا الاديب الا ان تلك الكتابات لم ترو ظمأي فعزمت على اخراجه في مؤلف يحكي حياته وادبه وقد شاركني في تأليفه الاخ الصديق المؤرخ الاستاذ عبدالله الذرمان الذي كان يشد من عضدي على اخراج الشيخ الاديب في كتاب ولذا لم يتردد لحظة في طلبي مشاركتي التأليف فذهبنا سويا نكتب عن الشيخ حتى انجزنا المؤلف الذي جاء عنوانه (الشيخ احمد بن علي آل الشيخ مبارك رائد الادب الاحسائي الحديث حياته وادبه).. هذه هي قصتي مع الشيخ ومع الكتاب.. @@ خالد بن قاسم الجريان