منذ ما ورد منسوبا الى مزامير داود, في قول العاشقة: (اني مريضة حبا) منذ ذلك الوقت البعيد, واصحاب الخيال الجامح, يضعون بين ايدينا, وعلى مسامعنا الوانا من (المرض الجميل) حتى انهم جعلوا بعض اصنافه عنوانا للجمال المطلق, وهو (مرض الاجفان) فيقول احدهم (مرضي من مريضة الاجفان). الروائى الجزائري واسيني الاعرج يعبر عن هذا المرض الجميل بقوله في مقابلة صحفية: (انا مريض ببلد اسمه الجزائر) ويضيف القول: (حاولت خلال روايتي الاخيرة.. (شرفات بحر الشمال) ان انسى ان لي وطنا, لأتمكن من الكتاب عن شيء اخر غير الحرب والموت). هل انت مصاب بمرض واسيني الاعرج؟ لا اشك في انك مصاب, فانت عربي مسلم, وقبل ذلك انت انسان, تدفعك انسانيتك الاخلاقية ان تتألم لما يحدث في الجزائر.. من قتل لايجرؤ عليه حتى الحيوان. لقد كان جيلنا مفعما بحب الجزائر, وحفظنا عشرات القصائد, بل وكتبنا, ولكن هاهي تلك الجزائر تصبح مستنقعا للدماء وجثث الاطفال. ولكن, ايها السيد واسيني الاعرج: هل الجزائر وحدها, هي التي لاتروي ظمأها غير الدماء؟ أليس العالم كله اصبح جزائريا او عراقيا او افغانيا؟ اني لا اطلب منك الاجابة, فهي معروفة, ولكني اعطيك كامل الحرية في ان تنسى ان لك وطنا حتى تستطيع الكتابة عن شيء غير الموت. لم يخلق الابداع البشري للكتابة عن القتل والقاتلين, خلق للتعبير عن مباهج الحياة, وطموح الانسان الى الحياة الكريمة الآمنة. ولكن منذ اهرامات مصر التي شيدت بفكر المفكرين وسواعد الجياع العراة.. لكي تخلد الموت, كما يقول مظفر الثواب.. نعم منذ ذلك الوقت, بل قبله بكثير سخرت مواهب الانسان للموت, لا للحياة.. الى متى؟ هذا هو السؤال الذي لايستطيع الاجابة عنه الا سيدة العصر, وراعية القيم, وحامية الاخلاق امريكا العظمى او الاعظم على الارض. هذه التي تخصص 350 مليار دولار فقط للاسلحة سنويا أليست هذه المليارات للحياة, لا للموت؟!!