هل شاهدتم رجلا يضحك من فرط الهم والغم حتى الموت.. .. عندما مات ابوه تعجب المعزون من ابتسامته وعيونه تمتلىء بالدموع .. وعندما ماتت أمه.. اجهش حتى كادت ضلوعه تتمزق ولكن الناس يومها لم تتبين ضحكه من بكائه. .. وعندما فقد حبيبته التي تركته الى رجل آخر.. شاهده الناس في الطريق يحضن المارة ويقبل الجدران.. ويستنشق هواء البحر.. ويقفز فرحا وكأنه يهنئ نفسه على الخلاص وحتى عندما اصبح معدما.. وفقيرا.. بقي هو - هو- انيقا مشرقا.. يضحك للدنيا.. ويضحك من الدنيا ويسخر من كل آلامها.. ويرتفع عن الارض عدة بوصات الى السماء يستلهم رحمتها ويستمد جموده منها.. ومن عامين سمعت انه مات.. ويقسم بعض اقاربه ان وجهه قد زاد جمالا وبراءة وان الابتسامة التي لم تفارقه طوال حياته بقيت حتى بعد موته.. لقد اخذوه الى المقبرة.. ودفنوه وهو يضحك ولا اعرف مخلوقا يضحك بعد الموت او عند الموت الا "عزيز الطشت" وهذا اسمه.. الذي نعرفه.. ولكني اسميه - عزيز الضاحك - كما اسمي زميلي ادريس الدريس - ادريس الضاحك. فهؤلاء الناس: الضاحكون.. المتفائلون تهون امامهم المشاكل وتتقازم ويجدون لكل مشكلة حلا وهم يحزنون مثلنا وربما بعضهم اشد حزنا واحتراقا.. ولكن كل هذه الاحزان تتوارى وتحتجب خلف ابتسامة عريضة بحجم متاعب اهل الارض.. افراحها.. هم هكذا ربنا خلقهم - طيبون - قانعون راضون وتركوا، الدنيا وغلبها ليحملها قرن الثور لا قرونهم فاراحوا.. وارتاحوا اضحك قبل الموت لتموت سعيدا.