تعود علاقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بالتعليم إلى أكثر من نصف قرن، وذلك حين أصدر جلالة المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز في الثامن عشر من ربيع الآخر من عام 1373ه، مرسوماً ملكياً برقم 5/3/26/2950 قضى بإنشاء وزارة المعارف لأول مرة في تاريخ المملكة، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز وزيراً لها. كان الاختيار توفيقاً من الله ارتبط به تطور الدولة والوطن والمواطن في هذا الجانب المهم، وهو التعليم ونشره، بحيث يكون حقاً مشروعاً لكل طفل وطفلة من مرحلة الروضة فالتمهيدي فالابتدائي فالمتوسط فالثانوي فالجامعة فالدراسات العليا، في مدارس الحكومة وجامعاتها. وعندما تولى الأمير فهد بن عبدالعزيز الوزارة لم يكن عدد المدارس في جميع أرجاء البلاد يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة أو اليدين على أكثر تقدير. وكانت البداية بإرساء قواعد وزارة المعارف، على أسس علمية وفنية راسخة، مهيأً الظروف لكي تتطور النهضة التعليمية بصورة متواصلة. وكان الهيكل التنظيمي الذي وضعه حفظه الله للوزارة يدل على الآفاق التي كان يستشرفها وهو يؤسس الوزارة الوليدة، فأدخل في هذا الهيكل تنظيمات لم تكن مألوفة آنذاك في كثير من الوزارات العربية المماثلة، مثل إدارات الإحصاء التعليمي والبحوث، بالإضافة إلى إدخاله الأساليب الحديثة في النشاطات الصحية والاجتماعية والرياضية والكشفية، كروافد تصقل شخصية الطالب وتزوده بالجسم السليم، وفي نفس الوقت بدأ في إنشاء المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في جميع مناطق المملكة. كما باشر في إنشاء أول جامعة في شبه الجزيرة العربية، وهي جامعة الملك سعود، التي أصبحت اليوم صرحاً أكاديمياً شامخاً وإضافة إلى ذلك أنشأ معاهد متخصصة في إعداد وتأهيل المعلمين، سيراً على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي في المعلمين من أبناء الوطن. كان هذا قبل نصف قرن، اما اليوم فلقد جنينا نحن وفي عهده كملك لهذه البلاد ثمار ما غرسته يده حفظه الله، ولعل ما يبرز تلك الثمار، ان البلد التي كان بها بضع عشرات من المتعلمين أضحت اليوم تضم 4.5 مليون طالب، في جميع المراحل الدراسية، من الابتدائية، إلى الجامعة والدراسات العليا. فيما يبلغ عدد المدارس التابعة لوزارة المعارف وبعض الوزارات التي لديها قطاعات تعليمية مثل وزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني ووزارة الداخلية وغيرها أكثر من 25 ألف مدرسة ومنشأة تعليمية، فيما يبلغ عدد المدرسين 300 ألف معلم ومعلمة. وتوجد في المملكة أكثر من 117 كلية، إضافة على الكليات العسكرية، وزاد عدد الخريجين من جامعات المملكة الثماني والكليات الصحية وكليات المعلمين وكليات البنات والكليات التقنية على 165 ألف خريج. يحتلون اليوم مواقعهم القيادية الإدارية والفنية والمهنية في مختلف مشاريع العمل الوطني التنموي. وتضم الجامعات والكليات في المملكة أرقى الكوادر من الأساتذة والتجهيزات الفنية والمعملية والإدارية والسكنية للأساتذة والطلاب والطالبات. ويبلغ عدد وحدات التعليم الفني 84 معهداً ومدرسة ومركزاً للتعليم الصناعي والتجاري والعلوم المالية والتجارية وإعداد المدربين والمساعدين الفنيين. كما ان هناك أكثر من 44 مركزاً للتدريب المهني و81 مركزاً للإعداد المهني.