تحدثنا في الاسابيع الماضية عن القادة وشروط القيادة الناجحة وصفات القائد. وسنتحدث اليوم عن الوجه الآخر للعملة، عن الاتباع. وقد يقول قائل ان القائد هو الذي يشكل الاتباع ويجمعهم, وهذا صحيح. ولكن القائد يؤثر بعد ذلك في اتباعه سلبا او ايجابا حسب تعامله معهم ووفقا لما يرسيه بينهم من قواعد للتعامل. ان اهمية الاتباع ونوعيتهم وصفاتهم من الامور التي يغفل عنها الكثير من الناس والقيادات، وذلك من اسباب ضعف القيادات لدينا في العصر الحالي. فما الصفات التي يسهم تواجدها في الاتباع من تعزيز قدرة القائد وتساهم في انجاح مقاصده؟ لا يمكن لقائد ان يتميز من دون ان يكون لديه اتباع مميزون، وذلك لان الاتباع هم المسؤولون عن تنفيذ ما يضعه القائد من خطط للوصول للهدف. فاذا كان الاتباع عاجزين عن تنفيذ الخطة التي ابدع القائد في وضعها تكون النتيجة فشلا ذريعا للقائد وللهدف. ولنا في قصة غزوة احد عبرة. فالنبي عليه الصلاة والسلام وضع خطة محكمة انتصر المسلمون بفعلها في الجزء الاول من المعركة لانهم اتبعوها وطبقوها. اما عندما خالف جزء من المسلمين هذه الخطة فكانت النتيجة هزيمة مرة وقاسية. وتعتمد المؤسسات في اغلب الاحيان نظاما مركزيا لا يهتم بالاتباع والموظفين ذوي الكفاءات العالية. ويلجأ بعض الاشخاص في المراكز العليا الى توظيف من هم اقل منهم كفاءة وقدرة خشية ان يأخذ من هو افضل منهم مكانهم، متناسين ان مهمة المدير او المسؤول هي البحث عن افضل الكفاءات والخبرات وضمها لفريق العمل كي تحقق المؤسسة افضل النتائج. كما ان فريق العمل القوي يستطيع ان يرتقي بمديره الى مراكز أعلى في المؤسسة بسبب انجازات الفريق وادارته. الشروط التي ينبغي توافرها في الاتباع: 1- على الاتباع ان يتفكروا في منهج القائد وتوجيهاته وأوامره ويحللوها ليتأكدوا من توافقها مع القيم والمبادئ الصحيحة. فلا يكونوا امعات يتبعون القائد دون تفكير ويطيعونه طاعة عمياء. ويدل على ذلك موقف عمر بن الخطاب وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية : ألست نبي الله حقا؟ قال الرسول : بلى. قال عمر : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : بلى. فقال عمر : علام نعطي الدنية في ديننا اذا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام : إني رسول الله وهو ناصري ولست أعصيه. ثم علم أنه الحق. (زاد المعاد). 2- على الاتباع تصحيح مسار القائد ان انحرف عن الرؤية او القيم او المبادئ التي اتبعوه من أجلها. وبهذه الطريقة نتفادى ما نراه اليوم من خروج القادة بعد فترة من اطار المبادئ والاهداف التي على اساسها اتبعهم الناس. فاما ان يصحح القائد مساره او يفقد اتباعه او يختارون غيره ليكمل المسيرة. وذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول بعد ان بويع بالخلافة : إن احسنت فأعينونني، وان أخطأت فقوموني. فقام له رجل وقال : سنقومك بسيوفنا هذه يا عمر. فقال عمر : الحمد لله الذي جعل في أمة عمر من يقوم اعوجاجه بالسيف. فهنا نرى تصميم الاتباع على تصحيح المسار ان انحرف، ونرى تقبل القائد لذلك وسعادته بمثل هؤلاء الاتباع. 3- على الاتباع امتلاك روح المبادرة واتخاذ الاجراءات الصحيحة وعدم انتظار تلقي الاوامر فقط. ويتم ذلك انطلاقا من فهمهم للمنهج والخطة والرؤية والقيم التي يسيرون عليها مع قائدهم.