أصحاب النفوس الشريرة لا يهمهم وقوع تلوث بحري، حتى لو قتل هذا التلوث كل الأحياء المائية والطيور البحرية أو أصاب شواطئ الدول بالشلل التام ودمر اقتصادهافف كل ما يهمهم هو الاستمرار في التهريب بأي وسيلة كانت. وأحد أهم تلك الوسائل التي ابتكرتها عقلياتهم الخبيثة هو البحث عن السفن المهترئة والتي انتهى عمرها الافتراضي منذ الأزل لاستخدامها في تهريب النفط الخام أو في نقل مشتقات البترول الثقيلة في ناقلات لا تقوى حتى على حمل الهواء أو حمل خزانات فارغة! وكما حدث مع الناقلة بريستيج التي مازالت تلوث مياه السواحل الفرنسية نتيجة لتسرب النفط من خزاناتها القابعة على عمق سحيق تحت سطح البحر، فإن من الممكن أن يحدث الشيء نفسه لا سمح الله أمام سواحلنا إذا لم نتخذ إجراءات فورية لوضع قانون صارم يفرض عقوبات مشددة جدا بحق العابثين بالبيئة، كما طالب الرئيس الفرنسي جاك شيراك حين شاهد بعينيه ما فعله التلوث بشواطئ بلاده. فالذي يعرفه أغلب أصحاب الشأن في مجال التلوث والتهريب، هو أن أغلب السفن البالية تشتري من ذلك الميناء البحري في اليونان المسمى ب (مقبرة السفن) فف وأن مافيا التهريب التي تشكل عصابات شبيهة بمافيا تجار المخدرات، تعرف الخبايا والأسرار، وتعلم من أين تشتري مثل تلك السفن وتعلم كيف تستخدمها ومتى وأين؟ التحقيقات حول الناقلة المنكوبة بريستيج كشفت عن أن أصحابها دفعوا رشاوى ضخمة لتسجيلها في دولة لا نريد ذكر اسمهافف وأنهم تعمدوا الإبحار بها بحمولتها، التي زادت على 70 ألف طن من النفط الخام، في يوم كان الطقس فيه من الرداءة بحيث أن العواصف لم تسمح لأي نوع من الإبحار، حتى لسفن حرس السواحل ولسفن الإنقاذفف ولهذا فإنه لم يكن بالإمكان إنقاذ السفينة أو قطرها قبل أن تقبع في قاع البحر. ما حدث في الخليج العربي في السابق وأدى إلى غرق سفن تعيسة وإلى تلوث بحري رهيب، هو تكرار لما حدث أمام السواحل الأسبانية في شهر نوفمبر الماضيفف مهرب صعلوك محترف، وسفينة بالية لا تصلح للإبحار، وشوية دهان سير ورشوة هنا أو هناكفف ثم تكتمل أركان الجريمة، ويصبح الإبحار بقنبلة موقوتة في عرض البحر أمرا في غاية البساطة.وفي جميع الأحوال فإنهم يقومون بجريمتهم متسترين بالطقس الرديء لضمان عدم خروج السفن والطرادات التابعة لقوات حرس السواحل لمراقبة الشواطئفف جميع الجهات مدعوة للانتباه واليقظة من الأساليب الإجرامية التي يلجأ إليها هؤلاء لكسر طوق القانونفف فالأعداء مازالوا يتربصون، ونحن الضحايا على الدوام. الاتحاد الامارتية*