في العدد الماضي تحدثنا عن نظرية DISC في السلوك القيادي، وقلنا انها النظرية المفضلة، واليوم نتابع حديثنا عن آخر نظريات السلوك القيادي، وقد برزت نظريتان في الفترة الأخيرة وهما: 1 نظرية بلانك (108 صفات للقائد الفطري): وهذه النظرية صدرت في عام 2001، ويعتبر صاحبها (بلانك) أنه لا وجود لقائد فطري، أي ان هذه الموهبة لا يمكن أن تكون فطرية بل هي مكتسبة، وعلى ذلك فقد تعمق الباحث في دراسة شخصية القائد، وحدد لها مائة وثماني صفات، وجعل التدرب على هذه الصفات والمران عليها منذ الصغر أهم عامل لاكتساب الشخصية القيادية، بل الاستمرار على ممارستها وتطبيقها سيتكفل بجعل هذه الصفات جزءا من شخصية الفرد منذ الصغر، وستغدو هذه الصفات سمات بارزة تميزه كقائد فعال، ومن ثم يسميه الناس (قائدا فطريا). وعلى ما في هذه النظرية من وجوه الصحة، فإننا لا يمكن أن نغفل الجانب الشخصي الفطري للقائد، فلابد له من صفات شخصية يجب أن يتحلى بها، كالذكاء والنباهة وغيرها. 2 نظرية الدين في القيادة: وقد انتشرت في الفترة الأخيرة كتب غريبة في إبراز هذه النظرية، وبما أن أصحاب هذه النظريات كانوا من النصارى فقد خرجوا علينا بعناوين غريبة لعناوين كتبهم، ومنها على سبيل المثال (مع الاعتذار عن الترجمة الحرفية): (الله في بيئة العمل)، أو (الله رئيسي)، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. ولكن النصرانية خرجت علينا بمثل هذه المصطلحات كونها فقيرة بالمعاني القيادية، وكذلك لمحدودية الدين المسيحي الحالي في توفير الأمثلة الكافية والتوجيه الصحيح لجعل الدين محورا للإدارة والقيادة، وبما أن دين النصارى قد ابتعد عن الدولة، وذلك لدعوة أهله دائما لفصل الدين عن العلم، والدين عن الدولة، والفصل بين الكنيسة والدولة، أضف الى ذلك عدم شمولية الدين المسيحي جميع مظاهر الحياة وجوانبها، فإن الدين الاسلامي أقدر على طرح هذه النظرية، وقد توافر فيه جميع أركانها، لأن الدين الاسلامي يدعو للقيادة، وهناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تدعو الى صناعة القائد، وتربية الجيل الفعال في جوانب القيادة، أضف إلى ذلك اهتمام الدين بجوانب العلم، واعمال النظر والفكر في مختلف العلوم وشتى الفنون، والدين الاسلامي ذو مرونة وتفاصيل كثيرة اعتنت بجوانب التطبيقات العملية للقيادة، والتي قد بدأت بوادرها تظهر في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وهي تشكل احد طموحاتنا المستقبلية بإذن الله تعالى.